عيد العمال ومعضلة تطبيق الحد الادنى للاجور- كتب: عقل أبو قرع

01.05.2016 07:14 AM

من المفترض ان تشكل مناسبة الاحتفال ب " عيد العمال"، ألفرصة للحديث عن حقوق ألعمال، سواء فيما يتعلق ببيئة العمل، او بطريق التعامل، أو بالسلامة المهنية، أو بقضايا الضمان الاجتماعي، ومنها قضية، أو معضلة الحد ألادنى للأجور، تلك القضية التي ورغم إقرار القانون الفلسطيني بخصوصها، ألا ان تطبيقها العملي ما زال بعيدا، وما زال ألواقع ألمرير فيما يتعلق بذلك موجودا في بلادنا؟

حيث وحسب معلومات فلسطينية، يتقاضى حوالي خمسون الفا من العمال في بلادنا، راتبا اقل من الحد القانوني، او من الحد الادنى للاجور، اي اقل من 1450 شيكل شهريا، وحسب المعلومات، فأن حوالي 85% من هولاء العمال، هم من النساء الفلسطينيات العاملات، وان عدد كبير من هؤلاء النسوة، يتقاضين اقل من 1000 شيكل، او حتى اقل من 700 شيكل شهريا، وان معظم النساء في بلادنا، يعملن في مجال رياض الاطفال والخياطة والنسيج واعمال السكرتاريا والزراعة وما الى ذلك، وان جزء منهن يعملن لساعات طويلة، وفي ظروف لا تتوفر فيها شروط الحد الادنى من السلامة والصحة المهنية.

وهذا الوضع هو بحد ذات مأساة للمرأة العاملة، والتي في احيان عديدة، ربما تكون هي المعيل او من يتحمل المسؤولية في البيت، وفي نفس الوقت، وفي ظل ظروف العمل المريرة، وبالاضافة الى الاجر الذي تتقاضاة، والذي قد لا يتعدى ال 1000 شيكل شهريا، فأنها ربما تحمل وتلد وتربي الاطفال، وبالتالي تتعرض الى مؤثرات في بيئة العمل، سواء اكانت مؤثرات كيميائية، او عوامل فيزيائية، او ضجيج وضغوط نفسية وما الى ذلك، وهذه كلة يطرح السؤال الاهم، لماذا لم ننجح حتى الان في تطبيق "قانون" الحد الادنى للجور، مع العلم ان هذا القانون قد تم اقرارة والموافقة علية، قبل اكثر من عامين.

والارتفاع المتواصل للاسعار وتكاليف الحياة في بلادنا،  وبأنواعها، يعني ليس فقط من الواجب العمل، من اجل الالتزام بتطبيق الحد لادنى للاجور، ولكن العمل من اجل ايجاد الية تعمل على ارتفاعة مقارنة مع ارتفاع الاسعار، هذا مع العلم ان تقارير قد اشارت قبل فترة، الى ان معدلات الفقر في الاراضي الفلسطينيه تبلغ حوالي 25%، اي حوالي ربع السكان، اما نسبة الفقر المدقع للفلسطينيين فقد بلغت حوالي 14% ، وحسب الارقام المنشورة الحديثة ، تبلغ نسبة البطاله في الاراضي الفلسطينيه حوالي 26%، اي ان تقريبا ربع الايادي العامله الفلسطينيه لا تجد عمل، اي لا تحصل على دخل منتظم.

وفي اعتقادي، فأن جهات عديدة ومجتمعة تتحمل المسؤولية عن ذلك، اي عن عدم التطبيق الفعلي للحد الادنى للاجور، وبالاخص في ظل الازدحام الشديد في عدد الجهات التي من المفترض ان تدافع، عن حقوق ومصالح العمال،وبالتحديد عن مصالح العاملات الفلسطينيات، وسواء اكانت هذه الجهات، رسمية، اي حكومية، او اتحادات عمال وهي كثيرة، او الكثير من الهيئات والمنظمات والمؤسسات المدنية والاهلية، التي من المفترض ان يكون، من صلب عملها الدفاع عن الحقوق، وعن العمال، وعن المرأة، العاملة وغير العاملة.

ومن الجهات الرسمية، هناك وزارة العمل، التي من المفترض ان تقوم بتطبيق القانون وبشكل كامل، اي قانون الحد الادنى للاجور، والتي كانت مشاركة في اعدادة وفي نقاشة وفي اقرارة، وبالصيغة النهائية، وهناك وزارة شؤون المرأة، التي من المفترض انها تشكلت، او انها موجودة للدفاع عن حقوق ومصالح وصحة المرأة الفلسطينية، وبالاخص المرأة العاملة، التي يتم الاجحاف في حقوقها المالية والمهنية والصحية، وهناك وزراة الشؤون الاجتماعية، التي من المفترض ان تعمل من اجل تحقيق العدالة الاجتماعية للعمال، وبالاخص النساء العاملات، لكي يتمكنوا من العيش بكرامة وفي ظروف انسانية، وهناك العديد من الهيئات والجهات الرسمية، الاتي يتداخل مجال اعمالها، في الدفاع عن حقوق العاملين والعاملات، وفي مجالات مختلفة.

وهناك اتحادت العمال، التي يمتلئ مجتمعنا بها، سواء اكانت هذه، اتحادات العمال العامة، وهي متعددة وحتى تنافس وتجادل وتعارض بعضها البعض، مثل اتحاد عمال فلسطين، واتحاد نقابات العمال، واتحاد النقابات المستقلة، وغيرهما،  او النقابات المهنية المتخصصة، وهي كثيرة ومكررة ومتشعبة، وكل هذه النقابات من الواضح، وفي ظل الواقع الحالي،من عدم تطبيق قانون الحد الادنى للاجور، او من عدم توفر ظروف العمل الصحية، انها لم تنجح في الدفاع عن حقوق العمال والعاملات، ولم تنجح حتى في تشكيل جسم قوي فاعل، يضغط في اتجاة تطبيق الحد للاجور، وانها فقط ما تقوم بة، لا يتعدى البيانات والتصريحات والمؤتمرات الاعلامية ، وحتى ربما التهديات هنا او هناك.

وهناك المؤسسات الاهلية، الكثيرة، التي تدافع عن حقوق العاملين والعاملات، والتي تجلب اموال الدعم والمنح والتبرعات، من اجل ان تقوم بذلك، وهي متعددة ومتشعبة، وتعمل في مجال الجندر والقانون والصحة والدعم النفسي والتوعية وغير ذلك، ولكن وفي هذا المجال بالتحديد، وفي ظل وجود حوالي اربعين الف امرأة فلسطينية، لا تتقاضى الحد الادنى للاجور، وما زالت تعمل في ظروف مهنية، لا تعمل فيها نساء دول اخرى، فأن هذه المؤسسات والجمعيات والاتحادات، من الواضح انها فشلت في تحقيق احد الاهداف الاساسية، في الدفاع عن حقوق العاملين والعاملات.   

ومع أنتهاء الاحتفال ب " عيد العمال" وأقرار هذا اليوم عطلة رسمية في كافة المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، فأنة وبالاضافة الى الجهات الرسمية وغير الرسمية، فأن من يتحمل مسؤولية عدم التطبيق الفعلي للحد الادنى للاجور، هم العمال انفسهم، والذين ربما وبسبب الحاجة او العوز،  او بسبب عدم المعرفة او قلة الخبرة او الخوف، قد قبلوا بما قبلوا بة، وهذا يتطلب من الجهات المعنية كافة، وبالاضافة الى العمل من اجل تطبيق هذا القانون، العمل على توعية العمال بحقوقهم ومنها حق الحصول على الحد الادنى للاجر.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير