هل تحمل حلب راية إسقاط المؤامرة الجديدة؟!

03.05.2016 08:14 PM

وطنكتب خيام الزعبي: 

إن ما يحدث في سورية يشكل صورة واضحة للعبة دولية وإقليمية بكل تفاصيلها٬ هذه اللعبة تعمل بصمت رهيب عبر وكلائها على تغيير وضع سورية وتمزيقها٬ تلعبها أمريكا وحلفاؤها لتحقيق مصالحها وأطماعها التي لا تعرف حدود٬ فقط تعرف إنجاز مهمتها وتحقيق مآربها وإستراتيجياتها عن طريق أدواتها التي تملأ سورية اليوم من كل الأنواع والأشكال.

وما التطور الأخير في حلب إلا جزء من فصول سابقة٬ عملت عليها الإستخبارات الأمريكية وبدعم عربي وإشراف غربي منذ عدة سنوات إذ قامت على تغذية المجموعات التكفيرية وأخواتها٬ وذلك لتنفيذ أجنداتها في تدمير حلب وتغيير هويتها الثقافية وتراثها الحضاري والإنساني٬ فحلب الشهباء تعرضت طوال تاريخها لمحاولات كثيرة من هذا النوع٬ وخاضت معارك شرسة دفاعاً عن كيانها وشعبها٬ ودفعت أثماناً باهظة٬ لكنها خرجت فى كل مرة أكثر ثباتاً وأصلب عوداً.

لا أظن أن هناك وطنياً سورياً لم يعد يرى حقيقة المؤامرة الدائرة على على سورية وحلب على الأخص منذ فترة زمنية٬ ووصلت الى لحظة الخطر للبدء بتنفيذها٬ فهناك أطرافاً فاعلة وقوى ذات ثقل٬ شاركت بشكل أو بآخر في الوصول الى ما الإرهاب الحاقد يكثف قذائفه الإجرامية على معظم مناطقها مستهدفاً الأحياء السكنية بشكل هستيري وبصورة وحشية مخلفاً وصلت اليه هذه المؤامرة من مراحل متقدمة٬ فالتآمر على حلب وصل ذروته في ظل تطورات الأزمة الحالية٬ إذ أخذ أعداداً كبيرة من الشهداء والجرحى بعد أن فشل في تحقيق أهدافه طوال الخمسة سنوات الماضية٬ فالهدف الغربي واضح وينفذ بأيدي عربية وإسلامية مشبوه وأيضاً بأيدي جهاديين مضللين لخلق الفتن والمؤامرات لإضعاف أي دولة عربية لها وزنها وتقسيمها إلى دويلات ضعيفة متناحرة فيما بينها مثل سورية٬ نظراً لأهميتها كلاعب إقليمي إنطلاقاً من حجمها الإستراتيجي والعسكري.

في هذا الإطار إن من أهم الأسباب التي جعلت المجموعات المتطرفة من تكثيف هجومها على حلب ومؤسساتها الحكومية هو فشلها وعجزها في الميدان العسكري وما تراه من أضرار قد تلحق بها بسبب استمرار الهدنة التي تفتح الأبواب أمام تسويات مختلفة مع هذه المجموعات للتخلي عن أسلحتها والإنظمام الى الجيش العربي السوري٬ وتعود الى أحضان الوطن٬ بالإضافة الى تحقيق إنجازات على الأرض لتعزيز موقع المعارضة المسلحة عند إستئناف مفاوضات جنيف في العاشر من أيار القادم٬ بعد إنسحابها من المؤتمر في وقت سابق.

في سياق متصل إن عجز أمريكا وحلفاؤها العرب في هزيمة الجيش السوري٬ وإحتلال حلب وعدم كسر محور ايران­ سورية ­ حزب الله­ روسيا٬ الذي يتضح الآن إنه زاد من قوته وجعل رهان أمريكا وحلفاؤها على هذه الجماعات المتطرفة خاسر وفاشل٬ وبذلك تكون قد خسرت في سورية مصداقيتها وقوة آلتها العسكرية٬ وهنا لا بد من الإقرار بفشل الرهان الغربي وتجاوزه للواقع٬ وأن خطر من تغاضى عنهم من المليشيات المسلحة سيطاله قريباً بعد أن يطال حلفاؤه وخاصة في ظل ما توارد من أنباء حول تدريب داعش لمواطنين أمريكان وتركيين للقيام بعمليات في أمريكا مضافاً إليه أفرادها الأوروبيون الذين سيرجعون إلى بلادهم بعد إنتهاء الحرب واكتسابهم خبرة أمنية و قتالية عالية.

فما نراه اليوم من إنجازات يمثل ثمرات لما غرسته أيادي الشهداء٬ ولم يعد إجتثاث الإرهاب وطرد الجماعات المتطرفة من سورية مستحيلاً٬ بعد أن قدم الجيش السوري وحلفاؤه بسالة منقطعة النظير أمام القوى المتطرفة والمجموعات المسلحة الأخرى٬ هذا الأداء البطولي لمحور المقاومة بقيادة دمشق أمام تنظيم مدعوم من طرف الغرب وحلفاؤه من العرب يعطي إنطباعاً كبيراً إنه بإمكاننا تحرير كل شبر من الأرض السورية٬ وإنطلاقاً من ذلك تبدو المهمة الأمريكية في سورية عسيرة وغير قابلة التحقيق٬ حيث يصعب عليها تمرير مشروعها٬ بسبب شدة الضربات الجوية الروسية والتقدم الكبير للجيش السوري وبسالة أفراده٬ ولذلك فلا يبدو أمام أمريكا وأعوانها من خيار للخروج من هذا المأزق الذي أوقعت نفسها به سوى التوصل لحل سياسي في سورية٬ لا يتحقق إلا عبر جلوس جميع الفرقاء السوريين على طاولة الحوار وبعيدا عن التدخلات الأمريكية والغربية.

مجملاً…. أن الأسابيع القليلة القادمة ستكون حاسمة في كل ما يتعلق بالقتال في سورية٬ وهنا٬ فإن الملفات المتداخلة في المنطقة ستخضع وتتأثر لما قد يحدث في الفترة القادمة٬ وفي هذا الإطار إن أمريكا وحليفتها تركيا لم تتخل بعد عن السعي لإقامة منطقة آمنة في شمال سورية وهذا ما يجعل المراقبون الدوليين يؤكدون بأن معارك حلب حاسمة٬ وهي التي ستقرر حسم الموقف عسكرياً٬ لذلك٬ وحسب المراقبين فإن إشتعال جبهة حلب سيدفع بالجيش العربي السوري الى الحسم في هذه المنطقة٬ وإرجاء هذا الحسم في جبهات أخرى٬ وهنا نقول بالفم الملآن لا يمكن إركاع وخنوع سورية من خلال تحالفات مميتة بين دول ورؤساء لا يربط بينهم سوى الحقد على سورية ومواقفها وإنجازاتها لإنهاء دورها في المنطقة.

اوقات الشام

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير