دفعات وهمية وتلاعب في حسابات المكلفين فضيحة جديدة في ضريبة القيمة المضافة في جنين

04.05.2016 01:09 PM

 كتب: عاطف أبو الرب

تعيش جنين على وقع اعتقال أحد مدققي الحسابات على خلفية التلاعب في سجلات المكلفين بدفع الضريبة، وتزوير دفعات، وغير ذلك من مخالفات، قد تكون صحيحة، وقد يكون مبالغ فيها. والغريب في الأمر أنه مع خطورة هذه الفعلة تمر بهدوء، وكأننا أمام مخالفة سير، أو أقل من ذلك بكثير.

ومن متابعة بسيطة لبعض هذه المخالفات هناك إيصالات ضريبة للقيمة المضافة مختومة من قبل الدائرة بأنها مدفوعة، وعند اكتشاف الأمر تبين أنها غير ذلك، ذلك يعني أحد احتمالين إما أن يكون هناك ختم مزور لدى البعض، يختم به الإيصالات، ويوهم المكلفين بأنه دفع ما عليهم من التزامات لصالح الضريبة، وإما أنه يوجد في دائرة الضريبة شخص يتعاون مع هذه المحاسب، ويقوم بختم الإيصالات له دون أن تدفع لصالح الخزينة. في الحالة الأولى ذلك يعني وجود أختام مزورة بحوزة البعض، وهذه كبيرة من الكبائر، والسؤال كم عدد الأختام المزورة المتداولة في  السوق؟ ومن قام بعمل هذا الختم، وأن هو من الملاحقة؟ أما في الحالة الثانية، فإن الأمر يعني أن بعض الموظفين في الدائرة يكون متعاون بحسن نية أو بسوء نية مع المحاسب وغيره من المحاسبين، وعليه لا بد من كشف جميع الأطراف المتورطة في هكذا جريمة، مع العلم أن مثل هذه الجرائم تصنف ضمن جرائم الأمن الاقتصادي.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد، فهناك تلاعب في فواتير المقاصة، مع العلم أنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها كشف مخالفات تتعلق ببيع فواتير مقاصة وهمية، والمعنيين يعلموا أبعاد التلاعب في فواتير المقاصة، حيث يتم حسم مبالغ مالية كبيرة من مستحقات الشعب الفلسطيني المالية لصالح خزينة الاحتلال، والسؤال من المسؤول عن تسهيل تداول هذه الفواتير؟ أين الموظف المسؤول عن صرف عدد من الفواتير دون وجه حق؟ وما هو المقابل الذي حصل عليه لقاء مثل هذه المخالفة؟ قد يقول قائل: إن الموظف تعامل بحسن نية، ولم يحصل على أي امتياز لقاء ذلك، وهنا الطامة الكبرى، فهل يعقل أن شأننا المالي يتم بحسن النوايا؟ أرى أن من الضرورة مراجعة ومحاسبة كثير من موظفي الدولة، خاصة من ينعمون بامتيازات ويعيشون رفاهية لا توفرها الوظيفة العامة.

لم ينتهي الأمر صحيح تم اعتقال مدقق الحسابات، وصحيح أن الأمر قيد التحقيق، لما تصر دائرة الضريبة على إلزام المكلفين بدفع كل المبالغ المترتبة عليهم قبل حصولهم على أية خدمات من الدائرة، مع العلم أنهم ضحايا وقعوا في فخ كبير؟ لماذا لا يتم تأجيل دفع هذه المبالغ لحين انتهاء التحقيق، ففي حال تبين أن هذه المبالغ في ذمة المحاسب فعلى القائمين والقضاء بحث سبل ضمان حقوق الجميع بما فيها المكلف، فهذا المحاسب يمارس عمله وفق القانون، ولا للقانون من قوة تمكنه من حماية حقوق المكلفين. أما في حال تبين أن للمحاسب شركاء، وهذا غير مستبعد، عندها على الدائرة التابعة لوزارة المالية التصرف وفق ما يترتب عليها من مسؤولية، فلا يعقل أن يدفع المكلف مكافأة لشخص خالف ضميره، وتصرف بصورة مخالفة للقانون، حيث لا يجوز أن يدفع مكلف الضريبة مبالغ مالية تم تحصيلها والتصرف بها بغير وجه حق.

قضية بهذا القدر من الخطورة تستدعي حكمة ومسؤولية عالية، ولا يجوز البطش بالمكلفين تحت أي غطاء، وفي حال تبين أن المكلف شريك مع المحاسب يكون للقضاء كلمته، وأتمنى أن لا يبقى الموطن ضحية من بيدهم سياط الحكم.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير