لا ربيع حقيقي بدون ربيع فلسطين

06.05.2016 12:08 PM

وطن:   كتب حمدي فراج

     التبس عند الكثيرين من ابناء امتنا العربية ، وكذلك شعبنا الفلسطيني ، موضوع الربيع الطبيعي كفصل من فصول السنة يحظى بالعديد من الميزات الجميلة مقارنة ببقية فصول السنة ، وبين الربيع العربي ، المصطلح السياسي الذي اغدق على ثورات هذا الوطن قبل ما يزيد على خمس سنوات انطلاقا من تونس مرورا بمصر وليبيا واليمن والاردن والبحرين وسوريا .
  

  وبغض النظر عن النتائج التي افضت اليها تلك الثورات ، سواء التي انتصرت او التي اخفقت او التي ظلت تراوح مكانها ، فإن ربيعها بدى خاذلا ومخيبا لطموحات الجماهير وتطلعالتها المشروعة في الحرية والرخاء والنماء ، وهي شعارات متكررة رفعها المتظاهرون في اكثر من عاصمة عربية .
 

  ومن الواضح تماما ان هذه الجماهير قد خدعت بثورات الربيع العربي ، حتى لدى تلك التي سجلت رسميا انها انتصرت ونجحت في استبدال انظمتها القديمة التي كان قد مضى عقودا طويلة على بعضها وهي في سدة الحكم ، وكادت الامور تسير حثيثة نحو التوريث ، مع ان البقية البافية من بقية الانظمة والتي لم يصلها الربيع حتى على شكل قطرات ندى ، هي توريثية مئة بالمئة ، وتسمي الدولة على اسم عائلتها الحاكمة على انها المالكة ، للبلاد والعباد على حد سواء .
  

  واليوم ، ينظر الناس بارتياب شديد وتشكك متوتر ، الى الربيع الطبيعي ، ان كان فعلا ربيعا طبيعيا ام انه يخفي في احشائه ما اخفى الربيع السياسي ، فترى الناس ما زالوا لم يتحللوا من ملابسهم الشتوية حين يخرجون صباحا الى اعمالهم ، باستثناء بعض الصبية الغررة ، ممن خدعتهم اشعة الشمس في رابعة النهار ، فخرجوا بملابسهم الخفيفة والجميلة ، لكنهم في ساعات الغسق تراهم يتأففون بردا ، وحين يطلب اليهم ان يذهبوا الى منازلهم لارتداء ملابس ثقيلة ، يردون مخيبين ان امهم قد خزنت ملابسهم الشتوية وانه من العسير عليهم اقناعها بمعاودة اخراجها ، هؤلاء الاطفال وامهاتهم ، ينسحب عليهم حالة الجماهير التي استأنست بالربيع السياسي فخرجت الى الميادين تطالب باسقاط النظام ، فحين سقط ، جاء بديله بلباس جديد وبلكنة جديدة يجيد من خلالها التحدث بلغة اجنبية ويخفف وقع الدين السياسي .
 

لا تبكي الجماهير بالطبع على الانظمة التي سقطت ، ولا تعلن تمسكها بمن بقيت ، لانها جميعها تقريبا انظمة ذاتها ولذاتها ، وهي الانظمة التي نصبها الاستعمار العالمي قبل نحو مئة عام كحراس على التركة التي انتزعها من السلطنة العثمانية انذاك ، فقسمها الى نحو عشرين دويلة ، وابقى امكانية المزيد من تقسيمها مفتوحا ، كما حدث مع السودان وقبله الصومال وبعده العراق .

اما فلسطين ، فقد بقيت بدون ربيع ، وهي المكان الذي كان يجب ان يبتدأ به اي ربيع

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير