اهتراء مفاعل ديمونا

06.05.2016 12:51 PM

وطن: كتب زهير اندراوس

ثلاثة تهديدات تُحدّق بمفاعل ديمونا النوويّ، ويقُضّون مضاجع صنّاع القرار في تل أبيب من المُستويين الأمنيّ والسياسيّ: التهديد الأوّل، والذي تُقّر به إسرائيل يكمن في أنّ عمر المفاعل ديمونا، الذي اشترته إسرائيل من فرنسا، تجاوز سنوات عمله الافتراضية بـ13 عاما، جرى خلالها تبديل قطع كثيرة فيه، لكن المشكلة الأساسية تبقى في نواة المفاعل، كما ذكرت صحيفة (هآرتس).
أمّا التهديد الثاني، والذي لا تعترف به الدولة العبريّة بصورةٍ مباشرةٍ، فهو في أنّ حزب الله اللبنانيّ أعلن مرارًا وتكرارًا أنّ المفاعل بات في مرمى صواريخه، في حين يؤكّد أقطاب تل أبيب أنّ الترسانة الصاروخيّة التي بات حزب الله يمتلكها قادرة على إصابة أيّ نقطة في العمق الإسرائيليّ.

أمّا التهديد الثالث فيكمن في البحث المُستمّر من قبل المسؤولين عن أماكن آمنة لدفن الإشعاعات النوويّة. وبناءً على ما تقدّم، فإنّ ما كان يفترض أنّه رمز قوة إسرائيل النووية، بات عبئًا عليها، لكونه تجاوز عمره الافتراضي الذي يبلغ 40 عامًا، وهو ما دفع مختصين إلى الحديث عن نهاية دوره الوظيفي وصولاً إلى تحوّله إلى مصدر خطر.

وبحسب تقريرٍ نادرٍ نشرته صحيفة (هآرتس)، بعد سماح الرقابة العسكريّة، فإنّ الحديث لا يدور عن وجود عيوبٍ في نواة المفاعل النووي في ديمونا، وكأنّه تعبيرًا عن خلل يُمكن أنْ يُواجِه أيّ منشأة حساسة، فحسب، بل هو بداية معضلة إستراتيجية تواجه القدرات النووية الإسرائيلية، وخصوصًا أن المسألة تتعلق بـ1537 خللاً كشفت عنه الصحيفة، اعتمادًا على دراسةٍ قدّمها العلماء في المفاعل، أمام مؤتمر عقد الشهر الجاري في تل أبيب. ولفتت الدراسة إلى أنّ الأكثر خطورة أنّ هذه العيوب تعود إلى تقادم المفاعل في العمر. وبرغم محاولة العلماء الطمأنة، فإنّ المخاوف من وضع المفاعل ظهرت جليًا خلال المؤتمر، كما أكّدت الصحيفة. وغنيٌ عن القول إنّ هذه النتائج، التي رفعت منسوب القلق في إسرائيل، دفعت نواب في الكنيست إلى المطالبة بإجراء نقاشٍ عاجلٍ حول ما أسموه الوضع الخطير للمفاعل.

كما دعوا إلى عدم التظلل بذريعة الأمن والسرية التي تخيم على هذا النوع من المنشآت. وأشارت الصحيفة أيضًا إلى أنّ البروفسور عوزي ايفن، وهو عضو سابق في “لجنة الطاقة الذرية”، دعا مرارًا وتكرارًا إلى إغلاق مفاعل ديمونا لأسباب أمنية، وشدّدّ على أنّ العمر المتقادم للمفاعل يُحوله إلى خطر بيئي. وقال إنّه حتى لو كانت حالة نواة المفاعل جيدة، فإنّ إسرائيل لا تملك على المدى الطويل، حلاً للمشكلة، بحسب تعبيره.

وساقت الصحيفة العبريّة قائلةً إنّ إسرائيل لا تملك القدرة أوْ الإرادة على استبدال النواة، لأسباب سياسية وعلمية واقتصادية، ما يعني أنّ النتيجة هي بناء مفاعل جديد، فضلاً عن أنّه يجري إلى جانب الفحص المتواصل للنواة، تفعيل المفاعل بوتيرة تقل عن السابق.

يُذكر أنّ إسرائيل ترفض توقيع معاهدة انتشار الأسلحة النووية، وبسبب ذلك لا تخضع للمراقبة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومع ذلك، فقد أخذت على مسؤوليتها تطبيق شروط الأمان التي حددتها الوكالة، والفحص عبر الموجات فوق الصوتية، هي إحدى الوسائل التي جرى من خلالها اكتشاف مئات العيوب خلال فحص جرى في 2015، وجرى عرضها في المؤتمر المذكور. وكانت الدولة العبريّة قد اشترت المفاعل النووي من فرنسا في نهاية الخمسينيات، وبدأت تفعيله في 1963. ويبلغ العمر الافتراضيّ للمفاعل، وفق المواصفات الفرنسيّة، 40 عامًا، لكنه الآن أصبح بعمر 53 سنة.

ويتبين من إحدى وثائق وزارة الخارجية الأمريكيّة الضخمة التي جرى تسريبها، أنّه في 2007، قدّم البروفسور ايلي أبراموف، وهو نائب المدير العام للمفاعل آنذاك، استعراضًا أمام نائب وزير الخارجية الأمريكيّ، روبرت جوزيف، آنذاك، وقال له إنّ إسرائيل تستبدل كل منظومات المفاعل، بما في ذلك أبراج التبريد. لكن المشكلة الأساسية، بحسب ابراموف، هي أنّه لا يُمكن استبدال نواة المفاعل، ولذلك ترصد دائمًا، بوسائل مختلفة، من أجل التأكد من صمودها.

في الإطار نفسه، كشفت الصحيفة (هآرتس) عن أنّ المفاعل يقوم بفحص عدّة أماكن لدفن النفايات النوويّة الصادرة منه، وذلك في مناطق مُعينّة من أنحاء الدولة العبريّة، لم يتّم الكشف عنها، وأضافت أنّه بالإضافة إلى موقع الدفن الذي يعمل اليوم قرابة المفاعل، فإنّ المسؤولين يفحصون إمكانية دفن الإشعاعات النوويّة في المنطقة الشماليّة-الشرقيّة من النقب.

ولفتت الصحيفة إلى أنّه تبينّ من تقريرٍ بحثيٍّ، نُشر على موقع المعهد الجيولوجيّ أنّه في مفاعل ديمونا طلبوا في السنتين الأخيرتين البحث عن أماكن أخرى لدفن النفايات الإشعاعيّة، ولفتت إلى أنّه جاء في التقرير أنّ عددًا من الدول تقوم بدفن هذه المواد النوويّة في أماكن عميقة تحت الأرض، وأنّ هدف التقرير الحالي، قالت الصحيفة، هو البحث عن أماكن دفن للإشعاعات النوويّة في جنوب إسرائيل، على حدّ تعبير التقرير.

وبحسب التقارير الأجنبيّة، فإنّ البنية المعدنية التي تغلف المفاعل تآكلت بسبب مستوى الإشعاعات العاليّ، وذلك حسب الخبير النووي الأمريكيّ هارولد هارو، والذي لم يستبعد حدوث انهيار في المفاعل في أية لحظة، وأعد هارولد تقريره بعد حصوله على وثائق من داخل المفاعل، وكذلك صور التقطتها طائرة تجسس روسية في العام 1985، تُعطي دلالات على حدوث تسرب إشعاعات كبير.

رأي اليوم

تصميم وتطوير