اوباما امام هيروشيما وجها لوجه

27.05.2016 11:17 AM

كتب: حمدي فرّاج

بدون ادنى شك، فإن زيارة الرئيس الامريكي باراك اوباما لمدينة هيروشيما ستعد زيارة نوعية، ربما سيبالغ البعض من اعتمادها زيارة تاريخية لزعيم تاريخي، ولكن، ما هو الضير، ونحن نرى زيارات لزعماء عرب، ملوكا وامراء، يتم اعتمادها تاريخية دون ان يكون لها اي علاقة بالتاريخ ولا حتى الجغرافيا.

صحيح ان اوباما الرئيس رقم 44 في سلسلة رؤساء امريكا، لم يعتذر عما ارتكبه سلفه هاري ترومان، الرئيس رقم 33، من قصف هذه المدينة بالقنبلة النووية قبل احدى وسبعين سنة، بل لربما انه قدم تبريرا لما يفعله الزعيم السياسي خلال الحرب، ولكن للمسألة شأن آخر تتجاوز الجريمة السياسية الاخلاقية البشرية والانسانية، وتتجاوز انتماء ترومان للحزب الديمقراطي الذي ينتمي اليه اوباما، الى ان ترومان الذي اباد هيروشيما، هو نفسه الذي اعترف بدولة اسرائيل على الارض العربية بعد اقل من ثلاث سنوات، ومعها بدأ تاريخ معاناة الشعب الفلسطيني كله القائمة على محاولة ابادته ومسحه من على خارطة شعوب المنطقة والعالم، في مجازر بدأت ولم تنته حتى اليوم.

في هذه الزيارة، التي يقوم بها اول رئيس امريكي منذ ذلك اليوم الاسود في تاريخ البشرية، يقف اوباما، الذي لم يكن قد رأى النور بعد، وجها لوجه مع المدينة المنكوبة، ينظر كل منهما في عيون الاخر:

   - ما هو الذنب الذي ارتكبه ابنائي، وعلى الاخص الاطفال والشيوخ والنساء، لكي يتم ابادتهم على هذه الشاكلة، ما ذنب الشجر والحجر والحيوانات، وانتم في امريكا من تدعون التحضر والتمدن وحقوق الانسان والحيوان، هل يكفي ان تكون هيروشيما يابانية لكي يتم قصفها بالسلاح النووي، فتنعدم حياة عشرات الاف بني الانسان، ويصاب مثلهم بالامراض التي لا شفاء منها، وتنحبس حياة اجيال قادمة في ارحام الامهات.

- او تظن، ايها السليل، انني انتظر اعتذارك؟ او تظن انه يغنيني؟ او تظن انني اصدقك وانا ارى بأم عيني ماذا ارتكبتم في كوريا وفيتنام وتشيلي وسلفادور وغواتيمالا ونيكاراغوا وفلسطين وافغانستان والعراق وسوريا وليبيا. إن الموت الذي تزرعه اسلحتكم في ربوع العالم، اضعاف اضعاف ما حصدتموه عندنا، وان المشردين والمعذبين في اصقاع المعمورة باتوا بالملايين، يأكلهم الجوع مرة، ويبتلعهم البحر مرات، دون ان تشبعوا.

- الاعتذار لا يليق بكم، لطالما ما زال رحم امكم ينجب مرشحا على شاكلة جورج بوش و دونالد ترامب.

  كشف الفيلسوف الفرنسي روجيه غارودي في كتابه الاخير "امريكا طليعة الانحطاط"، ان العالم خلال ما يسمى بالحرب الباردة يفقد كل يومين ما فقدته هيروشيما.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير