في ذكرى حرب التحرير اللبنانية.. الساحة تنتظر المعركة الجديدة

27.05.2016 04:51 PM

 كتبت هدير محمود

16 عامًا مضت على النكسة الإسرائيلية المذلة التي اعترف الاحتلال الصهيوني لأول مرة بانكسار قواته خلالها، نكسة مذلة للعدو الصهيوني مهدت لانتصار لبناني وبزوغ فجر جديد في الجنوب، لا يزال أبناء هذا الشعب يحيون هذه الذكرى، فيما يتمنى العدو الصهيوني أن يختفي هذا اليوم من تاريخه.

 احتفل اللبنانيون الأربعاء بالذكرى السادسة عشر لتحرير الجنوب والبقاع الغربي من الاحتلال الإسرائيلي، الذي دام أكثر من 18 عامًا، حيث حققت المقاومة اللبنانية الانتصار، ونجحت في تحرير شبه كامل لجنوب لبنان، وانسحبت القوات الإسرائيلية من المنطقة المحتلة في 25 مايو عام 2000.

في عام 1978 احتل الكيان الصهيوني أجزاء من جنوب لبنان، فيما عرف بعملية «الليطاني» معتمدًا على عدد من العملاء اللبنانيين بقيادة الرائد سعد حداد وأنطوان لحد، الذي أسس جيش لبنان الجنوبي، وفي عام 1982 بدأ الاجتياح الصهيوني إلى لبنان، واحتل أكثر من نصفه، بما في ذلك بيروت، حيث احتلت إسرائيل خلال المرحلة الأولى من هذا الاجتياح منطقة امتدت من حدود الأراضي الفلسطينية المحتلة مع لبنان إلى حدود طرابلس في الشمال، بما في ذلك الجبال اللبنانية وبيروت العاصمة، لكنها اضطرت للانسحاب من معظم هذه الأراضي بعد فترة قريبة من احتلالها، ونتيجة لذلك اقتصر التواجد الصهيوني على قرى الجنوب اللبناني وغرب البقاع التي تم تحريرها في مايو عام 2000، بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي منها.

كان للمقاومة اللبنانية حينها دور كبير في تحرير الجنوب اللبناني من أيدي الاحتلال الصهيوني، حيث أظهرت المقاومة الإسلامية المتمثلة في حزب الله وجودًا قويًّا، بعد قيامه بعمليات فعالة وموجعة ضد الجيش الإسرائيلي وقوات جيش لبنان الجنوبي المتحالف مع الاحتلال، فقد استخدم حزب الله في عملياته العسكرية ضد إسرائيل أسلوب حرب العصابات والعمليات الاستشهادية، التي كانت تعتمد على الكمائن والعبوات الناسفة والمدافع، بالإضافة إلى صواريخ الكاتيوشا التي اشتهر الحزب باستعمالها ضد المستوطنات الصهيونية، وتميزت أعمال المقاومة العسكرية لحزب الله بالدقة في تحديد الأهداف والمفاجأة وتأمين خطوط الانسحاب.

كبدت العمليات العسكرية الناجحة لحزب الله الاحتلال الصهيوني خسائر سنوية بلغت أكثر من 23 قتيلًا، وعددًا كبيرًا من الجرحى والأسرى، حيث بلغ متوسط العمليات العسكرية التي شنها الحزب في الفترة من 1989 وحتى 1991 نحو 292 عملية، وفي الفترة بين عامي 1992 و1994 بلغت 465 عملية، أما في الفترة بين 1995 و1997 فقد بلغت 936، وفقدت إسرائيل أيضًا في عام 1988 وحده 36 جنديًّا وجرح لها 64 آخرون، وخطف منها جنديان، وإجمالًا كانت حصيلة القتلى الإسرائيليين على مدى 18 عامًا حوالي 1200 قتيلًا.

نصر الله.. المعركة مستمرة

بالتزامن مع إحياء الشعب اللبناني لذكرى النصر ودحر الاحتلال، خرج الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، ليشارك الشعب احتفاله في بلدة النبي شيت في البقاع، حيث ألقى نصر الله كلمة بالمناسبة، أكد فيها أن هذه المناسبة هي يوم وطني بامتياز، داعيًا اللبنانيين الذين ما زالوا يتجاهلون هذا العيد أن يضعوا العصبية الحزبية والطائفية والخصومات السياسية جانبًا، ويعيدوا مراجعة آرائهم وموقفهم تجاه هذه المناسبة.

وذكّر الأمين العام لحزب الله المقاومة بشكل عام واللبنانية بشكل خاص، بفظاعات الاحتلال الصهيوني وممارساته على مدى العقود وما ارتكبه من مجازر وتهجير وقتل وسلب للأمن وإذلال لعشرات الآلاف من الأسرى، مؤكدًا أن إسرائيل هي العدو الأساسي وستبقى العدو، وهي التهديد الأكبر الذي يتربص بفلسطين ولبنان والمنطقة.

في ذات الإطار، أشار الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، إلى أن المعركة مع الاحتلال الصهيوني لا تزال مستمرة، قائلًا: علينا أن نتذكر أنه لاتزال لدينا أرضًا تحت الاحتلال هي مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من الغجر.

حزب الله.. مازال رعب الاحتلال

منذ انتهاء العدوان الصهيوني عام 2000 واندحار جنود الاحتلال مرغمين عن الجنوب بفعل ضربات المقاومة، أصبح قادة العدو يحسبون ألف حساب لأي مغامرة جديدة لهم في لبنان في مواجهة المقاومة المتمثلة في حزب الله، خاصة بعد أن أعادوا تجربة الاحتلال في عام 2006، فكانت الهزيمة الثانية من نصيبهم؛ لتخلق المقاومة قوة ردع في وجه العدو الإسرائيلي الذي ينتظر أي فرصة للانتقام من الهزيمتين السابقتين، لكنه في نفس الوقت يتردد كثيرًا، خاصة بعد أن استفحلت قوة حزب الله، وتبددت أحلام العدو بأن انغماس الحزب في الأزمة السورية سيجعله يفقد توازنه في لبنان، ويكون غير جاهز لأي مواجهة مسلحة مع إسرائيل، لكن لم تأتِ الرياح بما يشتهي الاحتلال، فقد أعطت الحرب السورية لعناصر الحزب تجربة قتالية بتشكيلات كبيرة، وأشارت تقارير عسكرية مؤخرًا إلى امتلاك حزب الله صواريخ نوعية يمكن تزويدها برؤوس متفجرة، وتستطيع إحداث أضعاف الأضرار التي يمكن أن تلحقها صواريخ سكود التقليدية، علاوة على امتلاكه أكثر من مائة ألف صاروخ من مختلف الأبعاد والأحجام، ناهيك عن الخبرة القتالية العالية التي اكتسبها وعززها خلال الحرب.

الرعب الصهيوني من حزب الله ظهر في العديد من تصريحات المسؤولين الصهاينة، التي كان آخرها ما قاله رئيس الأركان في جيش الاحتلال الإسرائيلي، يائير جولان، الذي أكد أن حزب الله طوّر قدرات تمثل تهديدًا غير مسبوق على الكيان الإسرائيلي، موضحًا أن أي مواجهة مستقبلية ستكون أخطر بكثير من كل الحروب خلال الـ20 عامًا الماضية، مشيرًا إلى أنه رغم انشغال حزب الله بالقتال في سوريا، إلَّا أنه يحافظ على بنية قوته العسكرية؛ استعدادًا لمواجهة مع إسرائيل.

هل يعجّل ليبرمان بحرب لبنان الثالثة؟

مع انتشار تقارير إسرائيلية حول تحضير حزب الله لحرب وشيكة في لبنان، خاصة بعد تصاعد جرائم الاحتلال في لبنان وفلسطين، واستغلالها لانشغال الدول العربية في قضايا وأزمات أخرى، يأتي تعيين زعيم حزب إسرائيل بيتنا، أفيجدور ليبرمان، كوزير للدفاع، ليعجّل باحتمالية اشتعال حرب هناك، كما أن تصريحات ليبرمان السابقة بشأن لبنان عبرت عن نية هذا الرجل الذي يملك خلفية عسكرية ضئيلة وشخصية سياسية متهورة، بأنه لا يمانع في شن حرب جديدة على لبنان، حيث سبق أن حض ليبرمان على توجيه رد شديد وغير متناسب على هجوم حزب الله، باستخدام صواريخ مضادة للدبابات على قافلة لجيش الاحتلال، كانت تمر بالقرب من الحدود مع لبنان، قائلًا: إن العالم كله يجب أن يعتمد نهجًا جديدًا في التعامل مع الإرهاب، نهجًا شديدًا وقاسيًا، وعدم قبول أي استفزازات مثل تلك التي رأيناها اليوم من قِبَل حزب الله، الأمر الذي ينبئ بانتهاج وزير الدفاع الجديد استراتيجية قد تعمل على تصعيد الوضع إلى حرب كاملة.

نقلا عن البديل 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير