جهاد حرب يكتب لـ وطن: نميمة البلد "تجديد فتح 2"

17.06.2016 11:37 AM

خلق الانسجام مابين البرنامج السياسي لحركة فتح والمنطلقات الفكرية للحركة، التي تتمثل بالمبادئ والأسلوب والأهداف، يتطلب مراجعة فكرية عميقة لوقف الانفصام ما بين القواعد الفكرية للحركة والمشروع السياسي الفلسطيني المتبنى في مؤسسات حركة فتح المتمثلة بالمجلس الثوري للحركة، وتوحيد الرؤى لقياداتها وكوادرها في المشروع السياسي للحركة. وكذلك الانسجام مع المشروع السياسي المعتمد من قبل المؤسسات الرسمية للشعب الفلسطيني المتمثلة بالمجلس الوطني الفلسطيني.

والانسجام هنا مع التطور التاريخي للفكر السياسي الفلسطيني الذي تم اعتماده في المجلس الوطني التاسع عشر  المنعقد في الجزائر الذي اعتمد خيار حل الدولتين في الوطن الفلسطيني بإقامة الدولة الفلسطينية على الاراضي المحتلة عام 1967، والمكرس في إعلان وثيقة الاستقلال في الخامس عشر من نوفمبر عام 1988.  وهو تطور وضع الفلسطينيين جميعا في اتون "خصام" مع إرثهم الفكري، وامام تحدٍ للتكيف مع المستقبل.

أحدث انخراط حركة فتح عبر منظمة التحرير الفلسطينية في "عملية السلام" تحولا هاما في البنية الفكرية والخطاب السياسي لحركة فتح ومواقفها من الصراع مع إسرائيل بمستوياته المختلفة؛ حيث اعترفت منظمة التحرير الفلسطينية التي تقودها حركة فتح بقرارات الأمم المتحدة 242 و338 و194 وبحق إسرائيل في الوجود ونبذت العنف والمطالبة بإقامة دولة فلسطينية في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967. في حين بقيت مبادئ الحركة وأهدافها المنصوص عليها في النظام الأساسي للحركة (المتبناة منذ نشأة حركة فتح عام 1958)، والداعية إلى تصفية الكيان الصهيوني وتحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني، واعتبار الكفاح المسلح الطريق الوحيد لتحرير فلسطين، كما هي دون تغيير.

منذ تلك اللحظة تتصارع في حركة فتح ثلاث وجهات نظر بشأن مسألة تعديل المبادئ والأهداف والأسلوب المذكورة في النظام الأساسي للحركة: الأولى تعارض من حيث المبدأ إجراء أي تعديل على المبادئ والأهداف والأسلوب. والثانية تدعو إلى التريث والتروي، وربط إجراء هذه التعديلات بالسلوك الإسرائيلي. والثالثة تعتقد بأنه يجب إجراء تعديلات وتغييرات في هذه النصوص كي تنسجم مع الخطوات والمواقف والبرامج السياسية التي صدرت عن حركة فتح بعد بدء عملية السلام العام 1991.

بكل تأكيد هذا المقال بطبيعته غير قادر على تقديم مقترحات أو تعديلات محددة للمنطلقات الفكرية لحركة فتح بقدر ما يدعو الى  مراجعة "تجديد" تأخذ بعين الاعتبار التحولات السياسية والفكرية للحركة والمؤسسات الفلسطينية، فلا يمكن الدفاع عن المشروع الوطني "اقامة دولة فلسطينية في الاراضي المحتلة عام 1967"، واحترام القرارات الدولية الخاصة بفلسطين، دون تأصيل فكري يمنع أو يحد من الخلاف الجوهري في الاهداف مع الابقاء على الاختلاف على الوسائل لمقاومة الاحتلال. هذا الامر يحفظ للحركة وضوح الرؤيا، ويضع لغة خطاب موحد للحركة قادر على تقديم  رسالة واضحة دونها تفقد الحركة حماسة ابنائها والتفاف جماهيرها. 

تنويه: مقال نميمة البلد في رمضان الحالي مخصص للنقاش والمراجعة في قضايا حركية؛ ليس تغييبا للتعليق على أحداث هامة كجولة الحوار الفلسطيني الجديدة، أو  الذكرى التاسعة للانقسام، أو عملية تل ابيب، أو  الاعتداء على هيبة السلطة وتعاطي السلطة معها، وتقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية، وغيرها من احداث. أو تخفيفا من النميمة في الشهر الفضيل.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير