الارتقاء بجودة المنتج الفلسطيني وخصوصاً الغذائي مهمة وطنية من الدرجة الأولى

27.06.2016 12:59 PM

كتب: حسن عبد الله

نشطت دعوات وتوجهات دعم المنتج الوطني الفلسطيني ووصلت ذروتها في الانتفاضة الأولى، حينما تحمس المواطن للصناعة الوطنية وفضلها عن اية صناعة أخرى، لدرجة أن الصناعات الإسرائيلية على وجه الخصوص غابت من أسواقنا ومحالنا التجارية.

أما المنتجون فقد انقسموا إلى فريقين!

الاول – فهم واستوعب دوره الوطني واحترم خيار المواطن، لذلك أخذ يسابق الزمن في تحسين نوعية ما ينتج، وقد شجعه وحمسه الإقبال الواسع على المنتج الوطني.

الثاني- رسب في الامتحان لأنه اعتبر أن الأجواء الوطنية السائدة والالتفاف حول الاقتصاد الوطني هو مدخله المناسب وفرصته التاريخية للثراء وزيادة الأرباح بأي ثمن، فراح يطرح للمستهلك منتجاً رديئاً من حيث النوعية، على اعتبار أن كل ما يعرضه قابل للشراء، بل إن بعضهم عمل على تسويق البضاعة الإسرائيلة بإعادة تغليفها باسماء وعناوين عربية ومن عاش تلك المرحلة يعرف كثيراً من الأمثلة.

تذكرت هذين الفريقين من المنتجين بينما كنت أتابع تحقيقاً أجراه الاعلامي نزار حبش لصالح تلفزيون وطن حول المنتوجات الغذائية المعلبة وما تحمله بعض الأصناف من مخاطر صحية للمواطن المستهلك نظراً لنسب التعفن العالية التي تنتج عن مادة الأفلاتوكسين التي تسبب السرطان، والمفارقة أن التحقيق شمل منتوجات فلسطينية واسرائيلية تم اخضاعها لفخص مخبري دقيق من خلال مختبرات وزارة الصحة الفلسطينية، التي وضعت امكاناتها لتمكين المحقق الإعلامي من انجازعمله بنجاح، ليخرج التحقيق في المحصلة النهائية بنتائج مهمة، ويتبيّن أن منتوجات غذائية معلبة فلسطينية وإسرائيلية على حد سواء، وربما بالتساوي لم تراع المواصفات الصحية الغذائية.

وفي البرنامج التلفزيوني الذي أقدمه أسبوعياً "فلسطين هذا الأسبوع" تناول الدكتور أسعد رملاوي وكيل وزارة الصحة نتائج التحقيق وشرَّحها وعلق عليها بمهنية المتخصص المسؤول وبحس وطني فلسطيني حريص على الصناعة الوطنية وضرورة تطويرها لأنها مكوّن رئيس من مكونات اقتصادنا الوطني، مشيراً أن الوزارة على استعداد تام للتكامل مع أي جهد اعلامي مهني يقدم معطيات علمية، وأنها ستتابع النتائج بمسؤولية عالية وتتخذ اجراءاتها بحق المتجاورين وفق ما يوفره القانون.

والحقيقة أنني بعد اطلاعي على التحقيق وتأكدي من استيفائه للاشتراطات الإعلامية المهنية، وجدت أن الإعلامي حبش قام بجهد يستحق التثمين، لا سيما وان التحقيقات الصحفية هي الأصعب والأكثر تعقيداً بين الميادين الاعلامية كافة، وان انجاز التحقيق يتطلب حساً وعملاً دؤوباً ودقة وقدرة عالية على توظيف المعلومات وربطها، اضافة إلى إجراء الفحوص واخضاع كل المعطيات للاختبار، فلا مجال هنا للتقديرات العشوائية، ولا تسير الأمور حسب رغبة أو مشيئة الصحفي، فالحقائق هي سيدة الموقف، كون التحقيق ليس مسؤولية مهنية فحسب وإنما وطنية قبل كل ذلك، وانطلاقاً من تجربتي كإعلامي يدرك ويعي أسس ومبادئ واشتراطات التحقيق، اعتبر أن ما أفضى إليه هذا الجهد يؤشر إلى أن بعض اعلاميينا فتحوا باباً إعلامياً كان عصياً من قبل واقصد باب التحقيق، لكن الجانب الذي لا يقل أهمية هو ما لفت انتباهي خلال الحوار الذي أجريته مع د.رملاوي، والذي يتجلى في التعاون والتكامل بين المؤسسات الرسمية والخاصة والأهلية مع المستوى الإعلامي الأمر الذي من شأنه أن ينقل الوطن من حالة إلى حالة أكثر تطوراً وفي المجالات كافة إذا ما تجسد وصمد في الأزمات والاختبارات والمواقف الصعبة.

أما ما يمكن لي استخلاصه من هذه التجربة فأكثفه في النقاط التالية:

أولاً- أن إعلامينا يستطيعون إجراء تحقيقات صحفية جدية وبمواصفات مهنية عالمية.

ثانياً – ما كان لهذا التحقيق أن يصل إلى ما وصل إليه دون تعاون وزارة الصحة الفلسطينية.

ثالثاً- ان الإشارة إلى ثغرات في بعض المنتوجات الغذائية، لا يعني الانتقاص مما حققته صناعاتنا الوطنية، لكن في المقابل المطلوب عدم مساواة المنتج النوعي الذي يصنع بكفاءة وجودة عالية مع المنتج الرديء وغير الصحي.

رابعاً – اثبتت الفحوص المخبرية أن منتوجات إسرائيلية تسوق في مدننا وقرانا تفتقر إلى المواصفات الصحية.

خامساً – إن وضع الإصبع على مكامن الخلل في صناعتنا الوطنية، ليس بهدف الاساءة، وإنما من أجل الارتقاء بجودتها ونوعيتها، لأننا نحن الفلسطينيين ننظر بعين الأهمية لانتاجنا الوطني، فهو دائماً أولاً وثانياً وألف، وبالتالي هو الخيار والبديل ولا خيار ولا بديل عنه، فلا استقلال سياسي دون اقتصاد وطني وطني قوي وهذه بديهية معروفة ومؤكدة في العلوم السياسية.

سادساً وأخيراً – يتوجب على كل الجهات ذات الصلة متابعة المتجاوزين واتخاذ الاجراءات ضدهم من أجل تحسين منتجنا ومعالجة الاخلالات، فصحة المواطن الفلسطيني هي فوق كل الاعتبارات.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير