عدنان رمضان يكتب لـ وطن: نحن وقرار البريطانيين الانسحاب من الاتحاد الاوروبي

27.06.2016 02:21 PM

القرار الارعن  الذي اتخذه رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون بناء على حسابات خاطئة وطموحات سياسية شخصية   عندما اعلن ان "الوقت قد حان كي يدلي البريطانيون برأيهم حول مسألة الاتحاد الأوروبي ومستقبل بريطانيا فيه " حيث يعطي فيه الحق باسم الديمقراطية لمجموعة من الناس ان تصوت و تتخذ قرارا ت لها تداعيات ليس على الفرد أو الجماعة المعنية وبلدهم وحدها بل على العالم باسره ،هذا الخطا الذي ارتكبه كاميرون   كان الثمن الذسي دفعه شخصيا هو الإعلان عن نيته الاستقالته التافهة من منصبه ، لكن وكما نعلم فان ذلك لا يمنع من بقائه مواطنا عالميا من الدرجة الأولى له مكانة هامة في منظومات الحكم غير المباشرة المختلفة والمنتشرة في هذا العالم   وبقدرته على التمتع بما يقدمه العالم للفئة الاكثر حظا في هذا العالم .

 الزعماء "الكبار " وهم في الحقيقة قد يكونوا صغارا ، الا انهم يحتلون مكانا مهما وكبيرا لظروف خاصة   قراراتهم قد تجعل منهم عظاما أو تجلب لهذا العالم مخاطر ومشكلات جديدة ، خاصة عندما نتحدث عن دول كبرى مثل بريطانيا   ، فالتغيرات العادية بهذه الدول الكبرى يكون لها تداعيات   اقتصادية وسياسية   واجتماعية   تتعدى حدودها الدولة وجوارها لتصل إلى كل بقاع العالم   ولقرارات أو توجهات وافكار الرئيس أو رئيس الحكومة أو ذوي النفوذ الكبير في هذه الدول الكبرى بالرغم من وجود المؤسسات السياسية والاستشارية والبحثية وغيرها   حيث تترك قراراتهم وتوجهاتهم اثارا كبيرة وهائلة ليس على حاضر ومستقبل   هذه البلدان فحسب بل تتعداها إلى العالم باجمعه. 

عالمنا الذي نعيش فيه عالم متداخل بشكل اكبر مما يتصوره معظم الناس ولا يقتصر على القضايا البيئية والمناخية أو قضايا الحرب والسلم فحسب بل ان العولمة واسسها الاقتصادية وما يرتبط بذلك من مؤسسات مالية و بنوك وعملات وقيم وشركات عالمية واتفاقات دولية وخطط اقتصادية الخ ومن جهة ثانية   التقنية والتكنولوجية وما ترتب عليها من ثورة في مجال الاتصالات والتواصل   انترنت واقمار صناعية ومحطات فضائية عالمية واعلام معولم وانتقال سريع للمعلومات والمال والاخبار والافكار وانماط العيش   هذه جزء بسيط وبعض يسير من جوانب التداخل في علم اليوم   لدرجة ان انخفاض جدي في العملة الصينية مثلا قد يرافقه تغيرات كبرى على صعيد حركة الاقتصاد العالمي وتدأول السلع والبضائع   ويثير زوابع سياسية تصل حد المعارك ليس السياسية فحسب بل اكثر من ذلك .
لقد سوط غالبية البريطانيون من الشباب وسكان المدن الكبرى ذات الطبيعة المنفتحة عالميا ك لندن لصالح البقاء في الاتحاد  الاوروبي فهم  في الغالب  يعيشون ويشعرون كاوروبيون  بينما تحالفت الظروف الاقتصادية الصعبة مع  حملات التخويف وبدعاية اليمين ذو النزعات الشوفينية لكنها جميعا  ظروفا  مؤقتة ومتغيرة  وترتبط بعوامل انية  اكثر مما ترتبط  بتغيرات جذرية  فهل يكون للنتائج التي  صدمت المجتمع البريطاني باسره  اثارا  اخرى  على توجهات جديدة   قد  تسمح بنية النظام ونظامه السياسي باخراجها  لنا  بعد وقت .

 القرار البريطاني الذي اعطى الحق لمواطن بريطاني يبلغ من العمر اكثر من 50 عاما مثلا ويعمل في مجال الزراعة ليصوت مع قرار الانفصال طمعا في تخفيف الضرائب هو في نفس الحلقة من القرارات والسياسات والمباديء التي تدفع المجتمعات الآن وخاصة في أوروبا   تعيش حالة هستيرية من الهلع والخوف والقلق الناتج عن تداعيات وتغيرات قد تمس   نوعية حياتهم وطريقة عيشهم    وقد تنتقل عدواها إلى اكثر من بلد بما يشبه ظاهرة الدومينو كل هذا لان هذا العالم   الذي نعيش به دخل منذ اكثر من سبعة عقود في اليات وعمليات وبنى وهياكل واتفاقيات عمقت من هذا التداخل وتسارعت هذه العمليات بشكل جنوني في العقود الثلاث الاخيرة .

ان المجتمعات القوية تكون اكثر قدرة على مواجهة العواصف والمتغيرات التي تنتج عن مثل هذه القرارات والتغيرات بينما الضعيفة والمهمشة وهي في الغالب لا تشكل لاعبا اساسيا في القرارات والاتفاقيات الا انها الاكثر تاثرا بهذه التداعيات واقل قدرة على وضع اليات تمكنها من التأقلم مع هذه المتغيرات مما يفتح الباب لمزيد من الاضطرابات.

لقد استقبل شعبنا الفلسطيني كما ظهر في وسائل الإعلام والإعلام الإلكتروني والتواصل نتائج هذا الاستفتاء بفرح شديد وتشفي واضح بالدولة التي اسست لكل مآسيه   وتحدث البعض عن تمنياته بمزيد من الانهيارات   والبعض الاخر راى الامر بعيون أوروبا الخائفة أو بعيون روسيا المتربصة   وقلة هم من حأولوا تقييم الامر بعقلانية وفي سياقات هذا العالم المتداخل وان ينظروا   إلى هذاالامر من خلال اثاره بعيدة المدى على شعبنا وقضيتنا ومنطقتنا باكملها.

ان السؤال الذي يطرح نفسه علينا نحن الذين نعيش على هامش هذه السيرورات والتحولات الكبرى في هذا العالم وعلى كافة المستويات    إلى متى سنبقى ندفع ثمن ازمات العالم ؟ سلمه و حروبه ؟ مشاريعة الاستعمارية ونكوصه ديمقراطيته ومخأوفه المرضية ؟ هل نستمر نحن الشعوب التي تعيش على هوامش القرار السياسي والاقتصادي والعسكري والعلمي   بان نكون فقط متلقين سلبيين   نتاثر بما يقرره ويعمله الاخرون   ؟ولماذا نتغنى بديمقراطية عجيبة تلك التي ندفع نحن اثمانها الباهظة.

إلى متى تستمر انظمة سياسية في امريكا وبريطانيا وفرنسا وباسم الديمقراطية من تقديم شخصيات ك جورج بوش ودونالد ترامب وارعن مثل ساكوزي وكاميرون أو عاهر ك برلسكوني   وكذلك تمكين ملايين السذج والبسطاء والخائفين والجهلة الخاضعين لماكينات الاعلام الموجهة من التحكم بمصير العالم وطرق عيشنا فيه ، وتستمر النخب من  ابناء شعبنا  للتهليل والتطبيل لديمقراطيتهم.

ان ما يحدث وماحدث في ال 20 عاما الاخيرة يتطلب من الشعوب وحركاتها السياسية والاجتماعية ان تهيء نفسها لمواجهة  تحديات مصيرية وتغيرات دراماتيكية قد تعصف بها وتغير العالم بالشكل الذي عرفناه حتى الان ، في ظل هذا النمط من المخرجات والنتائج للتحولات التي تطرأ على شعوب هذه الدول المركزية    وهذا  يلقي مسؤولية  كبرى  ليس على السياسين  فحسب  بل  علىالمفكرين والمثقفين و النشطاء  والمؤسسات ومراكز البحث  ان وجدت وحيث كانت ان  تساهم  في  صياغة وبلورة   تحليل دقيق  لطبيعة  هذه التغيرات واتجاهاتها واثارها  وان تقترح خطوط  عامة لمواجهتها.

ان على هذه الشعوب و وما  تملكه من امكانيات ان تبني فضاءاتها العالمية وهياكلها الشعبية العابرة للحدود والقارات  وان تضع خططا وبرامج عمل قادرة على التاثير في هذه السيرورات والعمليات المختلفة والتي يتاثر بمخرجاتها العالم اجمع وان تعمل من اجل  عالم  مختلف  يلغي الهيمنة ويضمن حق المشاركة في القرارات والسياسات التي تترك  اثارا على سكان الكرة الارضية  ولها اثارا عالمية  كبيرة فحق الامريكي والبريطاني والفرنسي بالتمتع بديمقراطيته يجب ان لا تتحول إلى مصائب ونكبات لغيره.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير