بريطانيا تحاول تفادي الانقسامات الداخلية

27.06.2016 06:27 PM

وطنبعد أربعة أيام على الصدمة التي أحدثها التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، يحاول القادة البريطانيون كسب الوقت في مواجهة الانقسامات الداخلية، فيما يسعى القادة الأوروبيون إلى ايجاد استراتيجية مشتركة حول التغييرات الكبيرة الجارية.

وبينما يدعو الأوروبيون إلى انسحاب سريع لبريطانيا من الاتحاد، أعلنت لندن الإثنين إنشاء دائرة خاصة ستبدأ العمل على مسألة الخروج من الاتحاد الأوروبي. كما أعلن المحافظون البريطانيون الإثنين أن تعيين خلف لرئيس الوزراء ديفيد كاميرون سيجري بحلول الثاني من أيلول/ سبتمبر، مسرعين بذلك هذه العملية.

وحاول وزير المال البريطاني، جورج أوزبورن، طمأنة الأسواق حتى قبل فتح البورصة. وقال إن بلاده لن تبدأ إجراءات الخروج من الاتحاد الأوروبي 'إلا عندما تتوافر لدينا رؤية واضحة للترتيبات الجديدة مع جيراننا الأوروبيين".

وظل التوتر الشديد سائدا في بورصة لندن، مع هبوط عند بدء التداولات في أسهم المصارف والعقارات وشركات الطيران.

وتراجع الجنيه الإسترليني إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار الأميركي منذ نحو 31 عاما، كما تراجع مجددا إلى أدنى مستوى له منذ عامين إزاء اليورو.

وأظهر استطلاع للرأي نشرت نتائجه الإثنين أن واحدة من كل خمس شركات بريطانية تعتزم نقل قسم من نشاطها وأن الثلثين تقريبا يعتبرون أن خيار الخروج من الاتحاد الأوروبي مضر بأعمالهم.

واعتمد زعيم كتلة مؤيدي الخروج المحافظ، بوريس جونسون، لهجة تصالحية غير معتادة مع خصوم الأمس بتأكيده أن بريطانيا 'جزء من أوروبا' وأن التعاون مع الجيران الأوروبيين 'سيتعزز'. وأكد في مقال نشرته صحيفة 'ديلي تلغراف' إن خروج بريطانيا 'لن يتم بتسرع'.

ودعا جونسون، الذي يعتبر الأوفر حظا لخلافة كاميرون على رأس الحكومة، مؤيدي الخروج إلى 'بناء جسور' مع معسكر البقاء حتى لا تظل البلاد منقسمة.

وذكرت الصحف البريطانية أنه في مواجهة رئيس بلدية لندن السابق، ستكون وزيرة الداخلية تيريزا ماي المنافسة له في حزب المحافظين على منصب رئيس الوزراء.

وفي دليل على أن قسما من البريطانيين، خصوصا الشباب، يجد صعوبة في تقبل نتيجة الاستفتاء، تخطت عريضة تطالب بتنظيم استفتاء ثان 3,7 ملايين توقيع صباح الإثنين.

ضرر للدراسة الأكاديمية؟

وقال جيمي ماكاتير، الطالب من إيرلندا الشمالية (18 عاما)، لوكالة فرانس برس في نيوري "كنت أريد الدراسة في إسبانيا، لكنني لست أكيدا من أنني سأكون مدرجا بين قوائم التبادل في حال لم نعد مواطنين في الاتحاد الأوروبي".

وقالت سفارة بولندا في لندن إنها "صدمت وتشعر بقلق عميق من الحوادث الأخيرة المعادية للأجانب التي استهدفت الجالية البولندية" وأدانها رئيس الحكومة ديفيد كاميرون.

ميركل أكثر ليونة

أما الأوروبيون، فيحاولون تنظيم صفوفهم لاتخاذ موقف مشترك وتغليب شروطهم. ودعا وزيرا خارجية ألمانيا وفرنسا، فرانك فالتر شتاينماير وجان مارك آيرولت، في وثيقة مشتركة نشرت الإثنين في برلين، إلى تعزيز التكامل 'السياسي' في أوروبا ردا على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وقال شتاينماير وآيرولت في الوثيقة التي نشرت على موقع وزارة الخارجية الألمانية باللغة الألمانية 'سنحقق تقدما جديدا باتجاه وحدة سياسية في أوروبا وندعو الدول الأوروبية الأخرى إلى الانضمام إلينا في هذه العملية'.

لكن في موقف بدا أكثر ليونة منذ إعلان نتائج الاستفتاء، أكدت المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل الإثنين أنها تتفهم أن بريطانيا تحتاج إلى الوقت لتقديم طلب خروجها من الاتحاد. وقالت 'قبل كل شيء، لا يمكننا أن نسمح بفترة طويلة من عدم اليقين، لكنني أتفهم أن تكون بريطانيا بحاجة إلى بعض الوقت لتحليل الأمور'.

من جهته، شدد رئيس الوزراء الإيطالي، ماتيو رينزي، على أن أوروبا لا يمكنها إضاعة الوقت و"عليها التحرك"، وذلك قبل لقاء مقرر له مساء الإثنين مع المستشارة الألمانية في برلين بحضور الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند.

وصرح زعيم الحزب المحافظ الحاكم في بولندا، ياروسلاف كاتشينسكي، أن وارسو تأمل في إجراء استفتاء جديد في بريطانيا لتتمكن من العودة إلى الاتحاد الأوروبي. وقال إن "مفهومنا لليوم وليس للمستقبل يقضي ببذل جهود لتعود بريطانيا إلى الاتحاد، بإجراء استفتاء ثان"، مشيرا إلى أن المملكة المتحدة "مهددة اليوم بالتفكك".

وفي هذه الأجواء، دعا وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، اليوم الإثنين، القادة الأوروبيين إلى الهدوء والدفاع عن 'القيم والمصالح التي قربتنا' في المفاوضات حول خروج البريطانيين. وقال في لقاء مع صحافيين في بروكسل 'إنه أمر أساسي أن نبقى مركزين في هذه المرحلة الانتقالية، حتى لا يفقد أحد صوابه ويتصرف من دون تفكير'.

كوربن في وضع المتهم

زادت المخاوف من انفصال إسكتلندا حيث أيد 62 بالمئة من الناخبين البقاء في أوروبا، من الدوامة السياسية التي تعيشها البلاد منذ صدور نتيجة الاستفتاء.

وصرحت رئيسة وزراء إسكتلندا، نيكولا ستورجن، الأحد، أن 'المملكة المتحدة التي صوتت إسكتلندا من أجل البقاء فيها في العام 2014، لم تعد موجودة'. وتأمل ستورجن بتنظيم استفتاء جديد حول استقلال بلادها.

وكانت اسكتلندا شهدت استفتاء على الاستقلال أو البقاء ضمن المملكة المتحدة في 2014، تفوق فيه فريق مؤيدي البقاء.

وعلى صعيد الأحزاب السياسية، أعلن زعيم حزب العمال المعارض، جيريمي كوربن، الذي يتعرض لانتقادات داخل الحزب بانه لم يبذل ما يكفي من الجهود من أجل الدفاع عن الاتحاد الأوروبي في حملة الاستفتاء، أنه لن يستقيل رغم رحيل أكثر من ثلث أعضاء حكومة الظل احتجاجا.

وقال كوربن "لن أخون ثقة الذين صوتوا ولا ثقة الملايين في أنحاء البلاد الذي يحتاجون لتمثيلهم من قبل حزب العمال".

ويفترض أن يحضر اجتماعا عاصفا مساء الاثنين قد تدرس خلاله مذكرة بحجب الثقة عنه.

المصدر:أ ف ب

تصميم وتطوير