اللجوء التركي إلى إسرائيل

27.06.2016 08:43 PM

وطن: كتب قاسم عزالدين

لم تُجدِ محاولات الرئيس التركي إزالة الحواجز أمام مسعى دخوله إلى أوروبا عبر مأساة اللاجئين. فالتفاهم مع أنجيلا ميركيل على إعادة البحث في فتح الأبواب الأوروبية، اصطدم برفض أوروبي موحّد قضى في نهاية المطاف على آمال إلغاء العمل بالتأشيرة. والمفارقة أن الرئيس التركي خبِرَ حق الخبر في مفاوضات طويلة أن أوروبا تُقفل أبوابها أمام تركيا لأسباب تراها وجودية أهمها العجز الأوروبي عن استيعاب حوالي ثمانين مليون مسلم في خضمّ عجز أوروبا عن إدماج مسلميها.

تركيا يمّمت وجهها نحو مشرق الشمس في ما سماه داوود أوغلو "صفر مشاكل"، بناء على التيّقن من حرمانها التمتّع بالغروب. لكن المراهنات التركية المتمادية في سوريا والمنطقة ذهبت أبعد مما يسعها التراجع عنه من دون ليّ العنق. ولعلّ هذه العقدة الكأداء تدفع الرئيس التركي إلى محاولة التنقل بين الأزمات، حين يعزّ العنفوان الشخصي فوق ضرورة الاستدارة الكاملة عن خيارات سياسية يتمدد حريقها من سوريا إلى تركيا والمنطقة. ولا ريب أن محاولة التهدئة مع روسيا في اعتذار وما شابه، قد لا تبدّل من عمق الأزمة السياسية مع روسيا في سوريا وفي القوقاز والقرم تبديلا.

في هذا السياق يبدو التطبيع مع إسرائيل تعويلاً على نافذة إلى الغرب الأميركي والأوروبي، أملاً بدور تركي في خريطة الشرق الأوسط المقبلة بعد أوباما، كما تروج التكهنات بشأن ما يتصل بالتسويات السياسية. فعلى الأرجح يأمل الرئيس التركي بتحسين صورة تركيا في الغرب اعتماداً على "اللوبي اليهودي"، بحسب نتائج اللقاءات المتتالية في واشنطن لمواجهة ما يوصف بـ"اللوبي الأرمني". وقد يكون أنبوب الغاز الإسرائيلي من الأراضي التركية إلى أوروبا، أحد الحوافز في تقاطع المصالح الجامعة للتضييق على منافذ الغاز الإيراني والروسي. لكن إسرائيل لا تملك مفاتيح أبواب الدخول التركي إلى أوروبا ولا يسعها تعديل المساعي الأميركية "للفدرلة" في سوريا بإقليم كردي، ولا هي ترغب بالتعاون مع تركيا في هذا الأمر أو ذاك.

حصيلة التطبيع ماثلة في السباق مع دول عربية للوصول إلى حلف إقليمي مع إسرائيل، في مواجهة ما تصفه هذه الدول "بمخاطر التهديد" الإيراني في سوريا والعراق ولبنان. وبين هذه المآثر تصويت أربعة دول عربية بالاقتراع السرّي لأول مرّة، على رئاسة إسرائيل للجنة القانونية في الأمم المتحدة بالتواطؤ مع الدول الغربية التي حوّلت إسرائيل من المجموعة الآسيوية إلى المجموعة الأوروبية. وما كان بالرئيس "داني دانون" غير التعهّد "في وضع معاهدة دولية بشأن الإرهاب". في هذا الاتجاه تتوثق عرى الشراكة بين إسرائيل وهذه الدول العربية في التعاون الأمني والاستخباري. وهو ما نصّ عليه اتفاق التطبيع بين أنقرة وإسرائيل، بحسب "يديعوت أحرونوت". وقد تكون بداية وضع التطبيع موضع التنفيذ، مغادرة القيادي في حركة "حماس" صالح العاروري الأراضي التركية لاتهامه بخطف ومقتل غاليعاد شاعر ونفتالي فرانكلين.

في مقابل الشراكة في "محاربة الإرهاب"، يرسو التحالف الإقليمي على "مساعدة السكان" كما أوضح مسؤول إسرائيلي وصفته الوكالات بأنه مسؤول كبير. فقال بشأن الاتفاق إنه "يلبي ما نحمله من إشارات مقلقة تُنذر بانهيار البنى التحتية، ونأمل مساهمة دول أخرى بالمساعدة". وفي هذا المنحى جاء اتصال الرئيس التركي بالرئيس محمود عباس لطمأنته إلى الاتفاق على تحسين الوضع الانساني في غزة، تحت مراقبة إسرائيلية عبر ميناء أسدود بعد أن تخلّت تركيا عن مشروع ميناء عائم في قبرص تحت المراقبة الدولية. كما أرجأت الاتفاق على بناء المستشفى إلى ما بعد استكمال المباحثات.
التطبيع التركي ربما يرسم صورة عما ينحو إليه تطبيع دول عربية مع إسرائيل، في حلف السراء والضراء خوف أن يسبق الأخ أخيه. ففي مثل هذا السباق يوافق شنٌّ طبَقة.

المصدر: الميادين نت

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير