التحول من القومية العربية الى القومية الدينية

28.06.2016 07:59 PM

وطن: كتبت تمارا حداد .

ولربما يتفاجأ القارئ عندما يقرا هذا المقال ، ولكن هذه هي الحقيقة ، حقيقة خططت لها من قبل عشرات السنين وتنفذ حاليا على ارض الواقع ، مخطط صهيوني محنك ونظام رأسمالي يدعمه .

قبل ان اخوض غمار المقال اريد ان اعرف كلمة القومية العربية او العروبة في مضمونها المعاصر فهي الايمان بان الشعب العربي شعب واحد يجمعه اللغة والثقافة والتاريخ والجغرافيا والمصالح وبأن دولة عربية واحدة ستقوم لتجميع العرب ضمن حدودها من المحيط الى الخليج وإيمانهم بالعروبة كعقيدة وهدفها الوحدة العربية .

ولكن من يتابع التاريخ والثورات يرى المخطط القادم والذي سيلغي معنى القومية العربية والدولة الوطنية وسيحولها الى مفهوم القومية الدينية ، والتي ستكون هذه القومية على اساس ديني بحت . وهذا سيشجع  اقامة دولة اسرائيل الكبرى بما انها صاحبة ديانة يهودية ولا تخفي مطالبتها بالدولة القومية اليهودية  . والذي سيدعم ذلك اسس الانظمة الرأسمالية في امريكا . فعند تحول القومية الى دينية هذا سيقيم القومية السنية والقومية الشيعية والقومية اليهودية . فلن يكون للقومية العربية أو الدول العربية لها قائمة وسيسهل تقسيم المقسم ،  بمعنى سيلغى مستقبلا أي لقب وطني عربي  او جنسية أردني سوري مصري كويتي يمني ليبي بانتهاء الدولة الوطنية  ، بمعنى الفلسطيني لن يكون اسمه فلسطيني والسوري لن يكون لقبه سوري والسعودي لن يكون سعودي بل سيكون ان كان فلسطينيا سنيا سوف يعيش في البلاد السنية وان كان الفلسطيني شيعي سيذهب ليقيم في البلاد الشيعية وهذا ما تخطط له امريكا علي أساس القومية الدينية للقبول بالقومية اليهودية كجزء من المنطقة في المستقبل ولذلك يتواجد في المخطط الجديد الدولة السنية والدولة الشيعية والدولة اليهودي بدون أي مسميات عربية او حدود جغرافية وهذا ما تغذيه الانظمة الدكتاتورية والرجعية في المنطقة.

فالقادم الجديد سوف يشمل تغير ديموغرافي وحدودي للدولة الوطنية  بمعنى تغير معالم الجغرافية الموجودة حاليا وتغيير معالم التاريخ والحضارات ، وهذا هو هدف النظام الرأسمالي في امريكا والذي يحكمه اصلا اللوبي الصهيوني . امريكا تهدف الى بث الحروب من اجل بقاء بيع اسلحتها فالأسلحة هو الاقتصاد الناجح والاستثمار القائم الذي يدعم وجود امريكا كقوة عظمى . والطريقة الوحيدة لبيع تلك الاسلحة هو ببث الحروب والحروب لن تكون قائمة إلا بوجود العنصرية الطائفة  الدينية ولذا تقوم امريكا بتقسيم البلاد الى ثلاثة اقسام دولة سنية كبرى ودولة شيعية كبرى ودولة اسرائيل الكبرى والتي تبدأ من الفرات الى النيل .

هدف امريكا خربشت الوضع الاقليمي وإثارة الفوضى على اسس دينية وإنشاء دول عربية فاشلة وليست صاحبة قرار . وهدف الاقوى هو سيطرتها على الثروات الموجودة في البلاد العربية . يقولون اسرائيل وليدة امريكا ولكنها بالحقيقة ان إسرائيل مستوطنة من مستوطنات امريكا تتغلغل في الشرق الاوسط من اجل الهيمنة وسرقة الموارد الطبيعية .

الاعلام سيدعم هذا التحول القومي العربي الى الديني وإرجاع العرب الى اصولهم الاصلية والذي يهدفون من خلاله في اثبات ان السكان الاصليين في فلسطين هم من اليهود وليس الكنعانيين . هذا هو النظام الرأسمالي الامريكي يولد شريعة الغاب والدول العربية دول فريسة لمفترس اكبر . فكل حركة دينية هي بيد هذا النظام يولد التعصب الديني وعدم التحرر والاستبداد والانحياز لأمريكا حتى تبقى الدول تابعة لها ولا تستطيع ان يكون لها الحق في تقرير مصيرها كدول مستقلة . فالمخطط الجديد يولد ايدولوجيا موبوءة ليحيط بالأمة العربية ليولد ميولا موبوءة في قضية الحرية .

فمهما كانت المبادرات لإقامة الدولة الفلسطينية هذا التحول القومي الديني لن يقيم لها قائمة كما لم يقم لها قائمة في عهد الدول العربية  القومية . طالما المصالح العالمية تتجه الى اسرائيل وإرضائها كتركيا ستتنازل عن أي شيء المهم مصلحتها مع اسرائيل والغاز وأمنها القومي الديني  اهم من أي مصلحة فلسطينية . وكذلك بريطانيا من مصلحتها الانسحاب من الاتحاد الاوروبي حتى ترضي اسرائيل ولا تقاطع اسرائيل ضمن الحملة الاوروبية لمقاطعة البضائع . هذه هي السياسة سياسة المصالح وليست المبادئ والأخلاق والقيم بل سياسة شريعة الغاب الاقوى هو الأبقى . فرحم الله الالقاب والجنسيات ضمن مسميات دينية سنية وشيعية ويهودية وانتهاء الدولة القومية العربية و الوطنية وحق تقرير المصير للشعوب العربية هذا كان هدف اللعب في الربيع العربي لتقسيم المقسم  لمائة عام قادمة ؟؟؟.

 

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير