حول إحتمال استقلال اسكتلندا عن بريطانيا

29.06.2016 09:16 AM

كتب: عقل ابو قرع

من ضمن تداعيات نتائج الاستفتاء البريطاني ألاخير بالانفصال عن ألاتحاد الاوروبي، هو تنامي ألشعور ألقومي عند مكونات الاتحاد البريطاني نفسة، أو المملكة المتحدة، بالانفصال أو الاستقلال، وهذا ما نادت بة جهات في أيرلندا ألشمالية، وفي أسكتلندا، حيث أتضح من نتائج الاستفتاء، أن غالبية ألاسكتلنديين قد صوتت مع خيار ألبقاء في ألاتحاد ألاوروبي، أي عكس النتائج ألعامة بالانفصال، أي عكس رغبات ألانجليز أو انجلترا، التي تشكل مع ويلز وأيرلندا الشمالية واسكتلندا ما يعرف ب" بريطانيا" أو ألمملكة ألمتحدة.

وفي أسكتلندا هناك شعور قومي تاريخي متجذر، ونوعا من الجفاء أتجاة الانجليز، ورغم ان نتائج الاستفتاء الاخير في اسكتلندا فبل حوالي عامين، لم تعطي الاسكتلنديين القوميين ألنتيجة اللازمة للانفصال عن بريطانيا، حيث حصل مؤيدوا الانفصال على حوالي 45% من الاصوات، ألا ان الاحزاب القومية الاسكتلندية هي التي تسيطر على مقاليد الحكم والبرلمان في أسكتلندا، حيث هناك نظام تعليمي وقانوني وثقافي يختلف عن الموجود في انجلترا.

لقد مكثت شخصيا في اسكتلندا حوالي اربع سنوات، حيث درست في جامعة غلاسكو، والتي تحمل اسم نفس المدينة التي تقع فيها، وبالاضافة الى مدينة غلاسكو، هناك مدن رئيسية اخرى في اسكتلندا، منها العاصمة السياسية ادنبرة، وابردين ودندي وغيرهما، واسكتلندا هي احدى المقاطعات أو الكتل الاربع التي تتألف منها "بريطانيا"، والكتل الاخرى، هي انجلترا وويلز وايرلندا الشمالية، وبالطبع انجلترا هي الاكبر مساحة وسكانا، وبالتالي تملك التأثير الاقتصادي والسياسي وبالاخص في السياسة الخارجية.

والدعوات الى الاستقلال هو ما يؤيده بهدؤ وتروي الحزب الحاكم في اسكتلندا، وهو الحزب القومي الاسكتلندي، وهو حزب الشباب بشكل عام، وهناك نزعة قومية جارفة عند الاسكتلنديين، سواء من حيث خصوصيتهم أومن ناحية ثقافتهم أو توجاهاتهم أو التاريخ والحضارة، ومن يعارض استقلال اسكتلندا، هو حزب المحافظين الحاكم، اي الحزب الذي يقودة "كاميرون"، وهو لا يتمتع بشعبية تذكر في اسكتلندا، اما حزب العمال المعارض، والذي لة شعبية في اسكتلندا، فأنة يعارض الاستقلال او الانفصال الكامل، ولكن في نفس الوقت يدعو الى منح صلاحيات واسعة لادارة اسكتلندا من قبل الاسكتلنديين، ولكن بدون الانفصال عن بريطانيا، ويحظى هذا الحزب تقليديا بدعم من قبل الجيل القديم.

ورغم ان عمر الاتحاد البريطاني يزيد عن ال 300 عام، الا ان الشعور الوطني القوي عند الاسكتلنديين قد تأصل على مر الاوقات والازمنة، وقد تم ترجمت ذلك في نواحي كثيرة، منها السياسية والثقافية والقانونية، وحتى النظرة او الموقف من القضية الفلسطينية، وهذا ولحد ما يتناقض مع المواقف البريطانية الرسمية، والتي تتلاقى او تتماشى او تكمل بشكل عام المواقف الامريكية، وهناك العديد من المدن والجامعات والهيئات في اسكتلندا ارتبطت أو ترتبط بتوأمة أو باتفاقيات أو بروتوكولات تعاون مع المدن والجامعات والمؤسسات

الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، أي بمعنى اخر هناك تأييد كبير وراسخ للفلسطينيين وللموقف الفلسطيني في اسكتلندا

وفي اسكتلندا، هناك شعور قوي بالنقمة على الانجليز، للاعتقاد ان الانجليز وبسبب اغلبيتهم، فانهم يتحكمون في مقدراتهم الاقتصادية، وفي فرض التوجهات السياسية الخارجية عليهم، وربما نتائج الاستفتاء ألاخير بالانفصال عن أوروبا من ألامثلة الواضحة على ذلك، حيث صوتت غالبية الاسكتلنديين عكس ذلك، وهناك أعتقاد في أسكتلندا بأن وجودهم ضمن الاتحاد مع انجلترا، هو تهميش لهم ولحضارتهم ولتاريخهم ولشعورهم نحو الكثير من القضايا الداخلية والخارجية، وهذا الشعور هو الذي ادى الى النمو القوي والواسع والسريع للحزب القومي الاسكتلندي، والذي يدعو الان الى الاستقلال.

والاسكتلنديين يتفاخرون بالكثير من العلماء ومن المخترعين والمفكرين، الذين اصولهم اسكتلندية، والذين قاموا بذلك سواء في اسكتلندا، أو في مناطق اخرى في العالم، سواء اكان ذلك في مجال الطب أو في الكيمياء أو الطاقة أو التكنولوجيا وغير ذلك، وحتى في مجال الاقتصاد، حيث ان " ادم سميث"، عالم الاقتصاد المعروف في العالم ب" أب اقتصاد السوق ألحر" هو اسكتلندي، ورغم ان اللغة الانجليزية هي اللغة الدارجة في اسكتلندا، الا انهم يتكلمونها بلهجة غريبة وصعب فهمها في البداية، وبالطبع لهم لغتهم الوطنية القديمة، المعروفة ب " الكيلك" والتي بدأت تنتعش وتأخذ زخما قويا حديثا.

وفي ألمجال ألاقتصادي، معروف ان معظم النفط الذي يتم انتاجة في بريطانيا، ياتي من المناطق الاسكتلندية، اي من بحر الشمال، وحسب الاسكتلنديين، فـأن هذا من المفترض ان يعتبر احد الدعائم الاقتصادية لدولتهم القادمة، هذا ان ولدت، وبالاضافة الى النفط، فأن اسكتلندا تشكل عمقا جغرافيا واستراتيجيا لبريطانيا، ويمكن تصور مدى ضعف الدولة البريطانية الجديدة، ان قرر الشعب في اسكتلندا الانفصال، وهذا الضعف من المتوقع ان يتجلى على الصعيد الداخلي، وعلى صعيد السياسة الخارجية وعلى صعيد التأثير على الساحة الدولية، ومنها التأثير على مسار القضية الفلسطينية؟

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير