أين ذهبت شرعية 30 يونيو؟!

30.06.2016 08:49 PM

وطن:كتب محمد سعد عبد الحفيظ 

ولإجابة السؤال أعلاه، يجب العودة إلى وثقيتين هامتين، أسستا لشرعية ما بعد سقوط حكم الإخوان، الأولى بيان 1-7-2013 الذي صدر عقب المظاهرات الحاشدة التي خرجت تنادي بسقوط حكم الجماعة، والوثيقة الثانية بيان 3-7-2013 الذي أعلن فيه الفريق عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع آنذاك، عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي، وتكليف رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شئون البلاد خلال مرحلة إنتقالية لحين hنتخاب رئيساً جديداً.

الوثيقتان اللتان مهدتا لتأسيس شرعية جديدة، على أنقاض حكم الإخوان، تم صياغتهما انطلاقا من عدة ركائز، أبرزهااصطفاف ومشاركة جميع أطياف الشعب في المرحلة الجديدة وعلى رأسهم الشباب “مفجر الثورة المجيدة”، دون اقصاء لأي فصيل مخلص.

في البيان الأول أهابت القوات المسلحة بالجميع بأنه “إذا لم تتحقق مطالب الشعب خلال المهلة المحددة فسوف يكون لزامًا عليها؛ استنادًا لمسؤوليتها الوطنية والتاريخية واحترامًا لمطالب شعب مصر العظيم، أن تعلن عن خارطة مستقبل وإجراءات تشرف على تنفيذها، وبمشاركة جميع الأطياف والاتجاهات الوطنية المخلصة، بما فيها الشباب الذي كان ولا يزال مفجرًا لثورته المجيدة.. دون إقصاء أو استبعاد لأحد”.

أما البيان الثاني فصدر بعد التشاور مع عدد من رموز القوى الوطنية والسياسية وشباب الثورة، وجاء في تمهيده “لقد كان الأمل معقوداً على وفاق وطنى يضع خارطة مستقبل ويوفر أسباب الثقة والطمأنينة والإستقرار لهذا الشعب بما يحقق طموحه ورجاؤه ، إلا أن خطاب السيد الرئيس ليلة أمس وقبل إنتهاء مهلة الـ [48] ساعة جاء بما لا يلبى ويتوافق مع مطالب جموع الشعب … الأمر الذى إستوجب من القوات المسلحة إستناداً على مسئوليتها الوطنية والتاريخية التشاور مع بعض رموز القوى الوطنية والسياسية والشباب ودون استبعاد أو إقصاء لأحد … حيث اتفق المجتمعون على خارطة مستقبل تتضمن خطوات أولية تحقق بناء مجتمع مصرى قوى ومتماسك لا يقصي أحداً من أبنائه وتياراته، ويُنهى حالة الصراع والإنقسام”.

نقطة الانطلاق الثانية في البيانين، عدم لعب الجيش أي دور سياسي في مرحلة ما بعد الإخوان، حيث جاء في نص البيان الأول” أن القوات المسلحة لن تكون طرفًا في دائرة السياسة أو الحكم، ولا ترضى أن تخرج عن دورها المرسوم لها في الفكر الديمقراطي الأصيل، النابع من إرادة الشعب”، وفي المادة الأولى من البيان الثاني شددت القوات المسلحة على أنها “كانت هى بنفسها أول من أعلن ولا تزال وسوف تظل بعيدة عن العمل السياسى”.

في البيانين، كان الشعب هو المحرك الذي دعا الجيش إلى التدخل وحسم حالة “الانقسام والتصارع”، حيث خاطب البيان الأول مشاعر الجماهير الغاضبة من فشل حكم الجماعة وعدم تحقيق نظام مرسي لاحتياجاته الأساسية، وجاء فيه: “لقد عانى هذا الشعب الكريم، ولم يجد من يرفق به أو يحنو عليه، وهو ما يُلقي بعبء أخلاقي ونفسي على القوات المسلحة، التي تجد لزامًا أن يتوقف الجميع عن أي شيء بخلاف احتضان هذا الشعب الأبي، الذي برهن على استعداده لتحقيق المستحيل إذا شعر بالإخلاص والتفاني من أجله”.. وأكد البيان الثاني أن الشعب هو من استدعى الجيش لنصرته وحماية مطالب ثورته.

الآن وبعد مرور ثلاث سنوات على إسقاط حكم الجماعة، وتأسيس شرعية جديدة ترتكز على مشاركة الجميع وعدم اقصاء أي فصيل وطني مخلص، والاستجابة لصوت الشعب وحماية مطالب ثورته من “عيش وحرية وعدالة اجتماعية وكرامة إنسانية”، وإخراج الجيش من معادلة السياسة والحكم، نسأل أين ذهبت تلك الركائز؟.

من لم يقبل من شركاء 30 يوينو، بأن يحني رأسه ويسير في ركاب النظام الجديد، فمكانه الطبيعي إما السجن أو الهجرة خارج البلاد أو الحصار داخلها، يستوي في ذلك نائب رئيس الجمهورية السابق أو منافس مرشح الضرورة في الانتخابات الرئاسية أو شباب الثورة الذين أشعلوا الشوارع.

المستقبل يُطارد ويُقبض عليه ويُضرب بالغاز في شوراع وسط القاهرة ، لمجرد أن نزل يعبر عن رأيه في قضية وطنية ويهتف “عيش.. حرية.. الجزر دي مصرية”، أو يطالب بإقالة وزير تعليم فاشل أضاع سهر الليالي ودم قلب أولياء الأمور.

نار الأسعار التي تضاعفت خلال السنوات الثلاث حرقت جيوب الغلابة، وتنظيم “الحواتم” عاد ليمارس عادته في “مرمطة” كرامة الشعب الذي مازال يبحث عن من يحنو عليه، بعد أن تفرغ مجلس النواب لتداول الفيديوهات الجنسية، وتفرغت الحكومة في البحث عن وثائق تثبت تبعية جزر مصرية إلى الكفيل السعودي.

أما عن إبعاد الجيش عن ممارسة أي دور سياسي، فالحكم متروك للقارئ.

البديل

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير