جهاد حرب يكتب لـوطن: السلاح والامن والفوضى

22.07.2016 10:10 AM

عادت وسائل الاعلام الاسرائيلية للحديث عن انتشار الاسلحة وثمنها في الاراضي الفلسطينية المحتلة باعتبارها مقدمة لانتشار الفوضى، وان كان هذا الأمر  يتساوق مع المصادر الامنية الاسرائيلية بغية الحديث عن عجز السلطة الفلسطينية في اختبار الجدارة المستمر الذي تضعه سلطات الاحتلال وحكومته باعتباره حجز عثرة أو زاوية انطلاق لتبرير سياساتها أمام المجتمع الدولي.

لكن في المقابل، أحداث القتل البشعة التي جرت في شهر رمضان باستخدام السلاح الناري، في كل من يعبد ونابلس على سبيل المثال، ابرزت ضرورة التعامل الجدي مع "ظاهرة" انتشار السلاح في أوساط الشبان الفلسطينيين في المناطق المختلفة. كما بات مطلبا شعبيا للتحرك بهذا الاتجاه، حيث يشير استطلاع الرأي العام الذي اجرته مؤسسة "أوراد"، واعلنت نتائجه بالامس، أن حوالي اربعة أخماس (79%)الجمهور الفلسطيني يؤيد قيام الأجهزة بفرض اجراءات مشددة للتعامل مع الأسلحة التي في متناول الافراد جراء تصاعد هذه أحداث العنف الداخلي مؤخرا.

لكن هذا التأييد العارم لا يشكل ضمانة "شيك على بياض" لاطلاق المؤسسة الامنية يدها للقيام في عملية  واسعة لضبط أو انهاء انتشار  السلاح بقدر التعمق في فهم الاسباب المؤدية أو التي أدت الى التأييد الواسع في الاستطلاع ذاته؛ حيث يرجع الجمهور تزايد العنف إلى تراجع الأوضاع الاقتصادية وتدني مستوى الخدمات الاجتماعية، كما يضاف لها تهتك القيم الاجتماعية للمجتمع الفلسطيني. وكذلك معرفة المغزى لدى الشباب لاقتناء هذه الاسلحة المتمثلة بحماية العائلة أو اظهار  قوتها أو التباهي باقتنائها في ظل محدودية قدرة الأجهزة الأمنية على فرض سيادة القانون المدركة شعبيا بسبب اجراءات الاحتلال بشكل رئيسي.

هذا الامر  لا يمكن القيام به في عملية أو حملة أمنية موسمية لمطاردة قطعة سلاح هنا أو هناك أو شخص خارج عن القانون في هذه المنطقة أو تلك، أو بعد حادثة مؤلمة أو بشعة بل هي تحتاج الى عمل دؤوب، أمني استخباري، محكم ودون صخب أو فوضى، وتفعيل أحكام القانون الفلسطيني المتعلق بالاسلحة والذخائر  في المحاكم. في المقابل هذا الأمر  يحتاج ايضا الى عمل جماعي تنخر ط فيه جميع مؤسسات الحكومة لمراجعة السياسات وتوفير الظروف المواتية الاقتصادية والاجتماعية لانهاء ظاهرة انتشار السلاح والعنف.

هذا المقال غير مُخصص للتنظير أو تقديم الوصفات الجاهزة القادرة على معالجة المرض أو الخلل بقدر ما يرنو الى نقاش جدي وفعال في اطار مجتمعي، وذلك دون الانتقاص من جهود الاطراف المختلفة الامنية والحكومية والمجتمعية، وهي باتت ممكنة أو يمكن تأطيرها لتحقيق الفاعلية والنتائج المرغوبة في الاطار البرامجي الاعم والاشمل سياسيا واجتماعيا.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير