خطّةٍ إسرائيليّةٍ جديدةٍ لاستخدام اللاجئين كحزامٍ أمنيٍّ بجنوب سوريّة

24.07.2016 05:52 PM

وطنلن تستنسخ إسرائيل، بشكل فجّ، خطة “الحزام الأمني” لجنوب لبنان، ما قبل عام 2000، وتطبيقها على الجنوب السوري، لأنّ الظروف والإمكانات، لا تسمح لصانع القرار في تل أبيب، باستنساخ التجربة اللبنانية، والتدخل العسكري المباشر.

وفي العادة المتبعة والموجهة، يتحدث المسؤولون والخبراء الإسرائيليون، بحذر تجاه التدخل الإسرائيلي في سوريّة، وتأتي المقاربة عامة، إلّا ما يتعلّق بالاستراتيجيات الكبرى التي تكون محل اهتمام خاص لمراكز الأبحاث والدراسات.

الكشف الإسرائيلي عن تنسيق مباشر أوْ مساعدة استخبارية، أوْ حتى إمداد بالسلاح والذخائر، خارج إطار المساعدات الإنسانية والمعونة الطبية، يأتي محدودًا وغير مباشر. وغنيٌ عن القول إنّه ما بين الإستراتيجية المعلنة والفعل العملي، اختلاف كبير. وفي السياق عينه، تقرّ تل أبيب أنّها تقدم العلاج الطبي للجرحى للجماعات المسلحة في مستشفياتها، وتقر أنّ عدد الجرحى المعالجين لديها بالآلاف. تقر أيضًا، أنّها تزودهم بالمساعدات الغذائية والبطانيات والحليب للأطفال، كما ورد على لسان وزير الأمن السابق، موشيه يعلون.

وتقرّ أيضًا، بحسب التقارير المنشورة في الإعلام العبري، بوجود تنسيق أمني واستخباري مع الجهات المسلحة في سوريّة، ضمن تفاهم غير معلن لتحقيق المصالح المشتركة في وجه الأعداء المشتركين، ومن بينها منع الجهات الثلاث: سوريّة وإيران وحزب الله، من الإضرار بالمصالح الإسرائيلية على طول الحدود.

وتعلن إسرائيل، أنّها راضية جدًا عن الواقع الحالي، وتحديدًا أداء المسلحين، ومن بينهم الجهات السلفية الجهادية، التي تؤكد أنّها لم تطلق طوال السنوات الماضية، أي رصاصة بالاتجاه الإسرائيلي. مع ذلك، الأصوات الإسرائيلية، من خبراء ومختصين، وما يجري تداوله في الغرف المغلقة بينهم وصناع القرار، يفيد بوجود خطط متبلورة ومغايرة حول التدخل في سوريّة، لمواجهة التغير الممكن في الوضع القائم، أو استغلال لمتغيّرات فيه، تحقق أكثر المصالح الإسرائيلية.

في هذا السياق، على سبيل المثال، صدرت عن معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب، دعوة واضحة لتغيير السياسة الحالية إزاء سوريّة، والانتقال إلى التدخل المباشر، وتحديدًا ما يتعلق بالجنوب السوري من خلال فرض منطقة خاصة بإسرائيل، ما يمكنها من لعب دور أفعل في تحديد المستقبل السوري، ومواجهة التهديدات المتمثلة في إمكانية بقاء النظام في سوريّة. هذه الدعوة، واصلت حضورها، حتى ما بعد التدخل العسكري الروسي، وكتب رئيس المعهد، الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية اللواء عاموس يدلين، أنّه بالإمكان تنفيذ خطة التدخل المباشر، حتى مع الحضور العسكري الروسي، في حال استطاعت تل أبيب تلبية المصالح الروسية في سوريّة. في هذا السياق أيضًا، كشفت مجلة “مكور ريشون” العبرية، عن خطة جديدة يجرى التداول فيها في تل أبيب، وحظيت بموافقة مبدئية من المسؤولين الإسرائيليين، حول إمكان استخدام اللاجئين السوريين، لإقامة حزام أمني في جنوب سوريّة، بصورة معدلة في الشكل، عن صورة الحزام الأمني السابق في جنوب لبنان.

في مقابلة أجرتها المجلة مع رجل الأعمال الإسرائيلي موطي كاهانا، رئيس منظمة “عماليا”، وهي منظمة إغاثة إسرائيلية للاجئين السوريين، تستخدمها تل أبيب للتدخل غير المباشر في سوريّة إلى جانب البطانيات والحليب، أشار كاهانا إلى وجود خطة إنسانية يجري العمل على بلورتها حاليًا، لإقامة منطقة آمنة في الجنوب السوريّ، حيث يتجمع فيها اللاجئون لتلقي المساعدات.
ولفت إلى إنّ المنطقة تتعلق، كمرحلة أولى، بمنطقة محمية وآمنة تقام على عرض عشرة كيلومترات من شرق الحدود الإسرائيلية، وبطول عشرين كيلومترًا من القنيطرة جنوبًا، مع اختيار اللاجئين المجمعين فيها جهازًا محليًا مستقلاً للحكم الديمقراطي، يشكّل أملاً لتعميمه لاحقًا نحو كل سوريّة.

وكشف كاهانا أنّ الخطة موضوعة على طاولة جهات إسرائيلية رفيعة المستوى، واجتمعنا لهذه الغاية مع وزراء وأعضاء كنيست إسرائيليين، وتلقينا منهم ردودًا ايجابية. وحول تفاصيل أكثر للخطة، أكّد كاهانا على أنّ الاتجاه بأنْ لا نُقيم معسكرات لاجئين ضمن خيم، بل استغلال البنية التحتية الموجودة في المنطقة المحددة لجلب اللاجئين إليها، خاصة مع وجود 20 قرية قائمة حاليًا فيها، يمكنها أنْ تستوعب عشرات الآلاف من اللاجئين، ومئات الآلاف في المراحل اللاحقة. وكشف أيضًا عن النواحي الأمنية للمنطقة المقصودة، حيث أوضح أنّ اللاجئين أنفسهم هم المسؤولون عن أمنهم، فعليهم أنْ يختاروا ممثليهم ومن يدافع عنهم وعن حدود المنطقة، من بينهم. البارز أيضًا في حديث كاهانا، الكشف عن خطة شبيهة بالخطة الحالية للجنوب السوري، عمل على تنفيذها في منطقة مدينة ادلب في شمال سوريّة، إلا أنّها مُنيت بالفشل نتيجة ما قال إنّه تردد وفشل لسياسة الإدارة الأمريكية هناك، معربًا عن أمله بأنّ نتيجة الخطة الموضوعة للجنوب السوري مغايرة.

وقال: بدأنا العمل في منطقة ادلب، وأرسلنا إلى هناك سلاحًا للمتمردين وإمدادات إنسانية، وكان التوجه والأمل في النتائج مبنيين أيضًا على إمكان التدخل الأمريكيّ السريع للإطاحة الأسد. لكن كلمّا مر الوقت كلما أجّلت إدارة اوباما خطوطها الحمراء إلى أنْ انتهت الإمدادات. انتقلنا إلى جانب آخر، وسرنا سوية إلى جانب (تنظيم القاعدة في سوريّة) جبهة النصرة.

وخلُص إلى القول إنّ الوضع في سوريّة متقلب، والشعب ينتظر من يساعده، على حدّ تعبيره.

راي اليوم

تصميم وتطوير