عدنان رمضان يكتب لـ وطن: قمم العرب فشل وافلاس وبشر كأنهم زائدون عن الحاجة

25.07.2016 10:35 PM

القمة العربية في نواكشوط هي القمة السابعة والعشرين رسميا عدا عن بعض القمم الطارئة  هذه القمة التي ارتضى فيها الشعب والدولة الموريتانية ان يتحملا هذا العبء الذي تخلى عنه غيرهم  والتي سجلت فيها بعض المواقف التي تحسب لهم الا انها تعكس الحالة المتردية التي وصل اليها النظام العربي  ،فمنذ انطلاقة هذه القمم في مصر في العام 1946 ومرورا بلاءات الخرطوم  "لا صلح لا مفاوضات لا اعتراف "الى قمة الرباط، التي اعتمدت فيها منظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا وحيدا للشعب الفلسطيني، وحتى  قمة 2002 التي تبنت مبادرة الملك عبدالله كمبادرة عربية رسمية لتطبيع الاحتلال ودولته باسم العرب كافة ،

    كانت  قضية فلسطين على راس الاهتمامات ومن  اهم بنود اجندات القمم العربية المختلفة ، ورغم عشرات القرارات والعديد من البيانات التي كانت تعد لذر الرماد في العيون، و للتعبير عن مواقف علنية للانظمة تعبر فيها عن وقوف العرب إلى جانب اشقائهم  في فلسطين،  الا ان  المحصلة  والاثر  كان سلبيا ولم  تخدم القضية  أو تساعد الفلسطينيين على الاقتراب من تحقيق اهدافهم بالعودة والتحرير،   بل بالعكس  استخدمت القمم وخاصة منذ  أوسلو إلى فرص لتقويض الحقوق الفلسطينية واستخدام الموقف الفلسطيني الرسمي جسرا ومظلة لتشريع التطبيع العربي وللتنازل عن الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني.

القمم العربية من جهة اخرى لم تساهم في خدمة قضايا العرب الاخرى   أو لحل مشكلاتهم بل كانت  ولا زالت تستخدم كمحطة للمناكفات وتصفية الحسابات بين الانظمة   أو لتمرير مشاريع سياسية تتعارض مع احلام وطموحات الشعوب العربية في مختلف الارجاء ، لقد كانت القمم العربية ومنذ انطلاقاتها تعبيرا مناسبا عن طبيعة النظام العربي على العموم ، صحيح ان البعض علق بعض الامال وبنى بعض الأوهام على  فرضية انه من الممكن لمؤسساتها  ان تلعب دورا اكبر في تطوير اليات وهياكل تساعد على التقريب بين هذه الدول ، رغم ان البنية المكونة لهذا النظام هي بنية تمثل  الانظمة ولا تعكس ارادة الشعوب وتطلعاتهم  ومع ذلك فان  الحد الادنى المتوقع من هذه القمم والنظام والهياكل المرتبطة به لم يتم الوصول اليه   أو إلى الحد الادنى منه  باي شكل من الاشكال   لقد كان الفشل  ذريع  ولا زال  كذلك .

كافة القرارات التي اتخذتها القمم لم تخدم  المصالح العربية حتى القرار الثوري والذي يمكن اعتباره قرارا شاذا والمتعلق باستخدام النفط عام 1973  دفع العرب ثمنه باهظا بان استخدم النفط بعد ذلك وطوال الوقت  كسلاح لصالح والى جانب دول الاستعمار وبشكل  أو باخر لخدمة اغراض الحركة الصهيونية ، كذلك كان قرار القمة العربية برفض الحرب على العراق في العام 2003  قرارا شكليا ولم يكن له  اي اعتبار   أو وزن لا  من  الدول العربية  نفسها   أو من دول العدوان التي كانت ولا زالت تتحكم بقرارات و مقدرات  الكثير من الدول  العربية، فامريكا هي الحاضر الاكبر في كافة القم العربية  والمقرر  رقم واحد  في الجامعة العربية .
    

بعد العام 2011  ظهر على القمة العربية وعلى النظام العربي الجامع حالة من التراجع والتردي بشكل واضح وكبير خاصة   بعد  ان تراجع دور الدول العربية الكبرى مثل مصر والعراق وسوريا التي تم تجميد عضويتها بضغط القوى الخليجية المهيمنة على هذه القمم منذ ذلك التاريخ،  أو حتى قبله بكثير ،حيث اظهرت هذه الدول  وبشكل فج نواياها وتوجهاتها باستخدام هذا النظام  لتحقيق اغراضها السياسية الضيقة ولو على حساب  قضايا العرب الكبرى، وظهر هذا الامر  بشكل  صارخ في  القرارات المتعلقة بسوريا وما رافقه من ابتذال لشخصية امين عام هذا النظام  وكانت  المصيبة الكبرى ان هذه القمم العربية وجامعتها  استخدمت كالية دولية  لتشريع العدوان على بعض الدول العربية الاعضاء في هذه الجامعة مثل  ليبيا وسوريا .

الان تحولت وتتحول هذه القمم  وهذا النظام العربي إلى عبء كبير ليس على المواطنين العرب وعلى القضايا العربية فحسب،  بل على الانظمة الفردية نفسها حيث باتت تتخلى بشكل  لا تردد فيه  عن ابداء اي استعداد لاستقبال هذه القمم  واصبح الاعتذار حالة متكررة بعد ان  تكمنت  بعض الدول ان تحول هذا النظام إلى تجارة وان تشتري هذا الدور  لتحقيق اغراض سياسية في  لحظات فارقة  خصوصا  وان البعض ونحن الفلسطينيين  منهم يستخدم  هذا النظام طمعا في بعض التمويل   لكن الواضح والاكيد ان هذه القمم وصلت حد من اقفار ما بعده اقفار   وان هذا النظام  افلس وتخطى حدوده منذ  زمن   ومع ذلك  تفطن  القيادة الفلسطينية إلى محاكمة بريطانيا من خلاله  وهذا  دليل  جديد  على ان  هذا اخفاق جديد لهذه القمم .
   

   احد مظاهر  هذا  الافلاس ان  الزعماء العرب انفسهم  لم يجدوا فيها  مناسبة لزيارة حتى ولو بروتوكولية وقصيرة  أو حتى لالقاء كلمات  أو خطب  أو اي نوع من انواع الاستعراض  الغالبية العظمى منهم فضلت عدم المشاركة  ليس لاعتبارات لها علاقة بالترفع على دولة فقيرة وشعب اصيل كالشعب الموريتاني فحسب  بل لان اللاجدوى التي وصلت اليها هذه القمم وهذا النظام العربي باجمعه بلغت الحدا الاخير
      

  المواطن العربي ومنذ زمن بعيد لم يعد يعلق اية امال على هكذا قمم  ولا  على النظام العربي باكمله  بل هو  يصلي ويدعو ان تتبدد هذه النظم وان تتباعد هذه القمم  فلقد خبرها ولم يصله منها سوى جرائم ومصائب ومزيد من  فقدان الثقة التي اصبحت   هي الحالة  العربية الثابتة والاكيدة في العقود الاخيرة تعمقت ولا زالت تتعمق مع التقدم في الزمن   و مكانة النظام العربي وجامعة العرب  وقممها تحتل صدارة عدم الاهتمام والاستهزاء والتهكم  والهمز واللمز على الاشياء كافة  .
     

   حال العرب والدول العربية  يرثى له فدول مركزية كالعراق وسوريا وليبيا واليمن تعرضت ولا زالت تتعرض إلى دمار وعدوان واقتتال وحروب انهكت البلاد ونحرت فيها الرقاب وضاعت الطفولة وقسم العباد وفقا للطائفة والاعتقاد  والجهات ، احرق الزرع  والدرع  وجاع البشر ،  وانتهكت كافة المحرمات والاعراض  لتدخل  هذه الشعوب في النكوص والعتمة و لتصبح هذه  الدول  نسيا منسيا  .
       

  مصر العرب خطوتان للخلف ، تسائل نفسها ونسأل اينها رغم  حجمها تضيع تفلت من ايديها وايدينا ،  يهدد امنها مياهها ونيلها ،وتباع جزرها ويضرب انسانها ،   الإرهاب يدمي ارضها،  نشتاق ونحن  لها ولا  نجدها  ، مثلها  مثل  غيرها ،  دول عربية كثيرة تئن تحت وطاة الفقر والجوع والجهل  قوى عالمية واقليمية تنهش لحمها ومستقبلها، وتوجهات التكفير تملأ سمائها، بلدان تتحول إلى سوق كبير لكل الوان البضائع الفكرية الفاسدة والتوجهات السياسية المشبوهة وفت أوي الدم والنحر الجاهزة  دول اقل ما يقال عنها انها على الهامش في كل شي ولا تساهم وتقدم للبشرية اي شيء سوى المهاجرين والوان   الإرهاب وبذخ الامراء  حتى بتنا  نخشى ان نكون  فعلا  " بشرا زائدين  عن الحاجة "

المواطن العربي  ح أول ولازال يح أول البحث عن فضاءات واشكال اخرى للتمسك باحلامه بالوحدة والتوحد وبلحظة عربية تلغى فيها اثار حدود خطها المستعمر، لحظة تعيد للمشروع العربي هيبته  بعد ان فشلت احزابا وقوى عربية كبرى في تحقيق ذلك،  وبشكل مدوي،  فزادت الطين بلة وعمقت من ازمة الثقة بالمستقبل العربي ،مؤتمرات تراجعت وهيئات اختفت  وتحديات جديدة تفرض على العرب في كل مكان ، الاندثار لم يعد خيالا بل عملية تعصف بالامة امام اعين الجميع، الخيبات كبيرة والاحباط يلم بكل شيء  لكن البعض لم يفقد الامل حتى في هذه الظروف اصوات متفرقةلكن قوية  تصارع في ساحات مختلفة تقبض على الجمر وتتمسك بالحلم  وتمضي إلى الامام   فلا يوجدطريق اخر .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير