صورة انتصار الجرف الصامد.. هروب الاسرائيليين

28.07.2016 05:07 PM

وطن:  كتب أوري هايتنر

العناوين الصحفية في نهاية عملية الجرف الصامد تحدثت عن خطر خلو غلاف غزة من سكانه. برامج التلفاز من تلك المناطق تحدثت عن فقدان الثقة وعن عدم امكانية الاستمرار هكذا. محاولة وسائل الاعلام ضعضعة المعنويات كانت اشكالية، وأضرت بالسكان الذين أظهروا على مدى السنين الحصانة والقدرة على الصمود بشكل مثير للاعجاب. ولكن الخشية من موجة المغادرة الجماعية كانت حقيقية، ايضا في نفس الحاضرات.

مر عامين وحدث عكس ذلك. غلاف غزة يعيش حالة من النمو الديمغرافي الذي لم يكن له مثيل لسنوات طويلة. كثير من العائلات من مركز البلاد نقلوا حياتهم الى هذه المناطق وانضموا الى التميز الجماهيري النادر الموجود هناك. اذا كنا نبحث عن صورة انتصار في الجرف الصامد – فهذه هي صورة الانتصار. صورة الشاحنات التي تنزل حمولتها من العائلات التي ذهبت للسكن في الكيبوتسات والمناطق القريبة من حدود غزة، والتي تعكس عمق مفهوم الانتصار أكثر من أي صورة لهيئة ارهاب مدمرة أو علم فوق منصة لاطلاق الصواريخ.

أعرف أنني أُعرض نفسي للخطر تقريبا عندما اتجرأ على قول كلمة “انتصار” بخصوص الجرف الصامد. ولكن اذا كنت أريد أن أكون مستقيما مع نفسي وعدم الانجراء وراء التيار الجماهيري، فأنا أرفض الانضمام الى مهرجان البكاء.

سأُسجل تحفظا، سنتين ليست وقتا كافيا لتحديد نتائج العملية. معطيات السنتين تشير الى اتجاه، لكن ما زال مبكرا الحديث عن الخلاصة النهائية. وبنفس القدر، ما زال مبكرا تلوين الحرب بألوان الفشل التي تناقض الحقائق. وما هي الحقائق؟.

في سنة 2000 وبعد الانسحاب من “غزة أولا” بسنوات قليلة، وبعد وقت قصير من رفض عرفات اقتراحات باراك غير المسبوقة في كامب ديفيد، ومع بداية موجة الارهاب الفلسطينية المسماة “الانتفاضة الثانية”، بدأت جريمة الحرب المتواصلة باطلاق الصواريخ الموجهة الى السكان المدنيين، وخصوصا في غوش قطيف، وبالتدريج ايضا في مناطق النقب الغربي. اقتلاع غوش قطيف في 2005 زاد من جريمة الحرب ووسع بالتدريج مدى الاصابة. تحذيرات بني بيغن من الكاتيوشا في عسقلان التي وضعته في موضع السخرية أمام بيرس الذي قال عنه إنه “يتنبأ بالاشياء السوداء” وصوت ضحك مؤيديه، كانت هذه التوقعات غير واقعية لأن الصواريخ وصلت الى غوش دان والقدس ومطار بن غوريون. أما المناطق في غلاف غزة فقد استهدفت في الايام العادية. وخلال 14 سنة، الحياة في تلك المنطقة لم تكن حياة. عشرات محاولات وقف اطلاق النار والهدنة والتهدئة تم الاخلال بها خلال ساعات. عمليات الرصاص المصبوب وعمود السحاب التي سعت لاحداث التغيير الجوهري، لم تغير الواقع.

مرت سنتان منذ الجرف الصامد وتغير الواقع على طول الحدود بشكل كبير، إلا أن الهدوء، للأسف الشديد، ليس مطلقا. الضربة القاسية والمؤلمة التي أنزلها الجيش الاسرائيلي بحماس أحدثت الردع الذي غير الواقع. العملية قامت بذلك دون توريط اسرائيل باعادة احتلال القطاع ومليون ونصف فلسطيني فيه حيث أننا لا نريد السيطرة عليهم. العملية قامت بفعل ذلك بتصميم وعقلانية وليس بشعارات فارغة حول “القضاء على حماس″ التي هي غير جدية مثلما أن “الحل السياسي” غير جدي.

اسرائيل اليوم   28/7/2016

تصميم وتطوير