عن بعض (اليساريين) سابقاً والمنهارين منذ زمن

28.07.2016 05:33 PM

وطن: كتب وسام رفيدي

ترددت كثيرا في الكتابة حول ( النقد) الموجه لليسار على صفحات الفيس لسببين: الأول أن معظم الكتابات يعوزها الحصافة النقدية المطلوبة والجدية بل يمكن تصنيفها تحت بنود عديدة أهمها أنها ردات فعل صبيانية وتنقيرات مراهقين يجري تداولها مع كأس من الويسكي، والثاني انني اجمالاً لا اعتبر الفيس ساحة للنقاش الفكري، ومع ذلك ينبغي وعلى أعتاب حمى الانتخابات المحلية التي بدأت مبكراً قول بضعة ملاحظات مع تزايد حمى التهويش الصبياني.

1- اليسار ضعيف ومتراجع ويعاني أزمة حقيقية وهذا معروف تماماً، وكتبتُ مطولا حول هذا في الحوار المتمدن وأحيانا على الفيس، ولدي من النقد اكثر بكثير مما يعتقد البعض، وقلت مراراً وأكرر: مَنْ يدعي فعلا حرصه على اليسار فأول خطوة هي النضال معه لتصويب أوضاعه وإن شئتم لإعادة بنائه، لا التشهير الصبياني به من أبراج عاجية تتطلع من عل وتهاجم وتسخف ولا تملك شيء غير ذلك.

2- ليس أسوأ من العدمية في التقييم، والعدمييون نوعان: اولهم عدمية أولئك المناضلون في الميدان الذين من حرقتهم يشطون ولا يرون إلا نصف الكأس الفارغة، والثانية عدمية المهزومين والمنتقلين لمواقع ليبرالية وتطبيعية فلا أفضل لتبرير انتقالهم من التهجم على تاريخهم، على محدوديته، وتلك ظاهرة معروفة: مَنْ يهجر موقعه مهزوما يكيل الشتائم والسباب ويستخدم صبيانيته لتبرير انتقاله.

3- ورغم كل ما يقال عن اليسار فإن صبيانية بعض أشباه المثقفين ومحدثي النعمة من صبيان الأن جي أوز لا يريدون ان يروا حقيقة الميدان، على هشاشة وضع اليسار:

- اليسار برز بقوة في معركة الضمان الاجتماعي وهو تحديداً وبكل وضوح من قاد الآلاف في الشوارع في معركة طبقية بامتياز نصرة للعمال والمستخدمين وعموم الفقراء، وبكل تحديد: إن رفاق الجبهة الشعبية وحزب الشعب وإلى حد ما الديموقراطية والمبادرة كانوا طليعة الحركة، مخططين وقادة في الميدان المقابل لمجلس الوزراء وفي النشاط الإعلامي. هذا يعني شيء محدد: اليسار يملك امكانية لقيادة الشارع حتى في ظل غياب التوجيه القيادي وترهله وتراجع العمل اليساري الحزبي المنظم. تلك وقائع الميدان التي تغيب عن أشباه المثقفين والمطبعين ومحدثي الأن جي أوز.

- اليسار رمى ويرمي بثقل جيد ، وخاصة انصار الجبهة الشعبية، بالتعاون مع الجميع، بنسب متفاوتة، في معركة الأسرى، في معركة الشيخ خضر وثائر وعلان والقيق ونضال ابو عكر ورفاقه وحاليا بلال كايد ، في خيم الاعتصام في رام ونابلس والدهيشة والخليل، في مسيرات التضامن. هنا اليسار في الميدان وبكل ثقل. وهناك: أشباه مثقفين ومحدثي الأن جي اوز!

- اليسار وتحديدا رفاق الجبهة الشعبية لا زالت حملات الصهاينة ضدهم على قدم وساق يخوضون النضال في الأسر بشرف المقاتلين وعلى رأسهم أمينهم العام. ومع ذلك هناك مَنْ ينضم للاحتلال بوضوح وغباء معاً: فينشر اليأسية والتشويش والاستسخاف وتلك خدمة جليلة للمحتلين ومخابراتهم.

4- أين هي أصوات (النقد) الصبياني والعدمية البرجوازية الصغيرة التي تستمريء الهزيمة في دواخلها فلا ترى إلا ما يعكس واقعها المهزوم وتغض النظر عن الميدان؟ أين هي في خيم الاعتصام والمسيرات للتضامن مع الأسرى المضربين عن الطعام؟ والانكى، وهو مستفز وطنيا وأخلاقياً، أنهم لا يكلفون انفسهم عناء التضامن لساعة واحدة مع أسير مضرب أو مع أمه المنكوبة باعتقاله، فيما يقضون ساعات يومية في التشفي والاستهزاء ولا بأس عبر جلسة (وناسة) مع أطاييب الطعام. هذا سقوط أخلاقي بامتياز ولذلك (نقدهم) المزعوم ليس أكثر من شطط وصبيانية وعدائية.

5- وقائمة محدثي الأن جي أوز وانصاف المثقفين لا تخلو من ( مبدعين) مطبعين بامتياز، ونشطاء أن جي اوز يحضرون حفل استقبال القنصلية الامريكية وينظمون أنشطة مشتركة معها، وبعضهم يتمسح باكثر الرموز المدانة من سلطة أوسلو من رأسماليين ومسؤولين وووووو ومع ذلك يرفعون عقيرتهم تهجما واستهزاءً باليسار حتى ومناضليه في الأسر وخارج الأسر في الميدان في معركة الضمان والتضامن مع الأسرى. يرون اكثر من عشرة آلاف في الشارع مقابل مجلس الوزراء يقودهم اليسار ويقولون باستهزاء: عفا الله على اليسار! يسمعون عبر الإعلام ان رفاق الشعبية يخوضون معركة بطولة وشرف دعما لرفيقهم بلال ويجأرون: أين اليسار؟

6- مَنْ يملك حرصاً فعليا لا جعجعة على اوضاع اليسار فليمارس النقد الفكري لا للتشويه والاستهزاء وطعن نضالات اليساريين في الميدان بل ليكون معهم في الميدان للنهوض به وتصويب اوضاعه لإخراجه من أزمته، وغير ذلك فهو عدائية تصل حد العداء الطبقي خاصة ممن امتلأت جيوبهم من خيرات الأن جي أوز، وانكفاء عن مهمات وطنية ملحة خاصة نضالات الأسرى.

7- مَنْ يملك فعلياً قولاً حقيقياً ينفع ليقله وغير ذلك لا ينبغي القول له إلا: انخم واسكت!

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير