لماذا تركتم الحصان وحيدا؟

28.07.2016 11:53 PM

كتب:خالد كراجة

منذ ان أعلنت اسرائيل دولة عام 1947، والمقاومة الفلسطينية تعيش على شعار أنها رأس حربة في مقاومة المشروع الصهيوني الذي يستهدف المنطقة، من اجل تقسيمها ونهب ثرواتها، ومنع اقامة المشروع العربي الوحدوي.
كتب المفكرون والأدباء عن خطر المشروع الصهيوني على الأمن القومي العربي، وعلى أمن الدول العربية وحدودها، ووصفوا المشروع الصهيوني بانه استعماري توسعي يهدد الدول العربية، كما يهدد فلسطين، وكان هناك من يبالغ في القول، أن هدف المشروع الصهيوني ليس فلسطين فقط، وانما الأمة العربية بأكملها.
في ضوء ما يحدث في المنطقة العربية، من تهافت للكثير من الدول العربية لكسب رضى اسرائيل، والتطبيع معها، ومغازلتها ، والزيارات السرية والمعلنة من بعض المسؤولين العرب، الذين ما زالو ا على رأس عملهم، أو ممن أصبحوا سابقين، فلا بد من اعادة النظر في كل الشعارات التي بنيت عليها المقاومة الفلسطينية ، والتي تربى عليها أجيال وأجيال، فلم يعد هناك حاجة للكثير من الشعارات والشعبويات ، فقد سقط ليس القناع فقط، وانما السروال أيضا.
لا غرابة في أن نصل الى هذه المرحلة من الانبطاحية، فهي شملت كل المستويات، الفكرية والثقافية، والمجتمعية، والسياسية، والثورية، فلم يعد هناك أي نفس يفتح باب أمل في مستقبل أفضل، حتى لو بعد مائة عام.
فلم يعد شيء غريب، فقد تعودنا على كل شيء، وأصبح كل شيء طبيعي، فاذا كان هناك حرج من لقاء مسؤول اسرائيلي، أصبح اليوم ممكنا، وعلى شاشات التلفاز، وان كان هناك رسائل سرية، أصبحت اليوم علنية ويذيعها مرسلها، دون خجل أو وجل، والمشاركة في المؤتمرات الصهيونية عمل وطني يدافع عنه، كما لو أنه تحرير لمدينة ما أو موقع ما، ومشاركة رئيس حكومة الاحتلال في احتفال السفارة المصرية بذكرى مرور 64 عاما على "ثورة يوليو" أمر مرحب به.
استبدلت كل الكلمات، وأصحبت لها معاني جديدة، المقاومون اصبحوا مغردين، وأدوات المقاومة أصبحت وسائل تواصل اجتماعي، والاحتجاج والرفض اصبح "زعلان عليك"، وان ضجت وسائل التواصل الاجتماعي، والمغردون ضد حدث ما أو مسؤول ما ، فلا تستمر أكثر من يوم أو يومين وتنطفىء حماستهم، ويمر الحدث ويعود المسؤول الى عمله، وقد يكرم في احتفال ما بالقاء كلمة عرمرمية تحظى بتصفيق قل مثيله.
فما الداعي للابقاء على الصراع، فالعرب أصبحوا بلا مشروع، والامة ممزقة شر تمزيق، والارهابيون يرقصون على جثث الاطفال، واسرائيل لم تعد عدوا، بل صديق ومقرب من كثير من الدول العربية، ويتبادل الزعماء العرب معها التهاني، والتبريكات، والتعازي، والزيارات،هذا ليش تشاؤم وانما وصف للواقع الذي وصلنا اليه.

الحال الذي وصلت اليه القضية الفلسطينية، وفي ظل هذا السباق المحموم على اقامة علاقات مع اسرائيل من قبل الدول العربية، والشعور بأننا وحيدون، نستجدي الدعم والمساندة، وننتظر فتات الخبز من هنا وهناك، يستدعي الوقوف جديا، لاعادة الأمور الى نصابها، وخاصة أنه ثبت أن القضية الفلسطينية فعلا مركزية، فاما أن تعيد مجد العرب، وتساهم في يقظتم، واما أنها تفتح لهم الطريق للهرولة والانبطاح، وهذا ما حدث منذ أن انبطحنا نحن، وأصبحنا نتسابق على من يفاوض اسرائيل، فقفز العرب من فوقنا لتتلقفهم اسرائيل، وبقينا في الخلف وحيدون.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير