نبيل عمرو يكتب لـوطن: من الذي فتح الابواب لليبرمان؟؟

21.08.2016 10:44 AM

منذ أعلن افيغدور ليبرمان خطته السقيمة، والتي تحمل عنوانا لا يليق بالبشر " العصا والجزرة"، لم تتوقف الاقلام الفلسطينية عن مهاجمته وتبشيره بالفشل المحقق تماماً كما فشل من سبقوه في ذات الخطة والعنوان، ومع أنني متأكد من فشله بذات القدر من تأكدي من متانة الموقف الشعبي الفلسطيني ، الا انني اجتهد بطرح هذه القضية من زوايا أخرى .. أولها وأهمها .. ما الذي جعل ليبرمان يطرح خطة من هذا النوع وما هي المغريات التي هيأت له احتمال نجاح ولو على المدى البعيد؟ .

مغريات ليبرمان وغيره كثيرة ومؤسفة ، فهو يرى حالنا ويرى بصورة اوضح الثغرات التي تمتلىء بها جدران بيتنا والاحياء المحيطة به ، التي نسميها تاريخياً ببيتنا العربي الكبير ، انه يرى الانقسام المستفحل في جسدنا المفترض ان يكون واحداً، ويرى المتاجرة به والتسابق على تعميقه وتوسيع دائرة أذاه، ويرى جهدنا الوطني يُستنزف في صراع داخلي مركب ، يبدو في كثير من الاحيان ان له الاولوية على الصراع الرئيسي مع الاحتلال، ويرى الاقتتال الكلامي المتصاعد بمناسبة وبدون مناسبة، ما يوغر الصدور بالحقد ويبعد القوى عن الوفاق والوئام ، واشياء كثيرة يراها بعيني المتربص الذي يفتش بين الثغرات ليختار ايها اصلح للانقضاض منه ، ولا أخال احداً ينكر دورنا في فتح هذه الثغرات وتوسيعها ..

انني متأكد من أن ليبرمان لن ينجح في ايجاد مجموعة سياسية ذات وزن لتلعب معه ، كما أنني على يقين من أن الفلسطينيين لو ظلوا يصارعون ابد الدهر فلن يستبدلوا الحقوق الاساسية بالخدمات والاغراءات والرشاوي مهما كان حجمها ، الا ان ما يقلق حقاً هو بقاء بيتنا الفلسطيني مفتوح الابواب والنوافذ امام كل من يرغب او يرى مصلحة له في العبث والتخريب والانهاك الدائم .

بوسعنا ان نظل نقول ان ليبرمان سيفشل مثلما فشل من سبقوه ولكن هذا لا يكفي لأن ليبرمان هو الضمير المعلن للاحتلال وهو المعلن الصريح عن اهدافه القريبة والبعيدة المدى في حاضرنا ومستقبلنا، ربما يكون طَرح مشروعه بطريقة فظة ورديئة ومنفرة ، وربما يكون كذلك قام باختبار لقراءة ردود الفعل من جانبنا ، ولا أستبعد ان يجري تنقيح برنامج ليبرمان بلغة افضل وتكتيكات محكمة التمويه دون المساس بالهدف والجوهر، وهذا محتمل اذا ما راجعنا الحلول الاسرائيلية المقترحة للمعضلة الفلسطينية ، كالحل الاقتصادي مثلا.

ان القول مجرد القول ان هذا او ذاك سيفشل لا يكفي، الذي يكفي ويقنع هو ان نغلق الابواب المفتوحة على الرياح السامة، وان نسد الثغرات والثقوب التي تملىء جدراننا ، دون ان نتغافل لحظة عن اننا ما افشلنا مؤامرة ووأدناها في مهدها الا حين كان بيتنا محصناً متماسكاً قوياً على كل المستويات، اما في الوضع الذي نراه الان ، فان لم ينجح ليبرمان وهو لن ينجح بالتأكيد الا انه سيضيف عقبات اخرى في طريقنا نحو اهدافنا في زمن تتكاثر فيه العقبات وتتعاظم فيه التحديات وخصوصاً على صعيدنا الفلسطيني.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير