خالد بطراوي يكتب لـوطن: ان عرفت .. هينا اضحكنا عليك

22.08.2016 08:31 AM

في الأمثال الشعبية الدارجة يقولون " ان عرفت هينا أضحكنا عليك ... وان ما عرفت راحت عليك ".
تعلمت هذا المثل تحديدا قبل سنوات من زميلة مهندسة كانت تراجع احدى البلديات بخصوص مخططات تقدمت بها، ولما تاهت في أروقة التفسيرات غير العلمية وأمام كادر البلدية قالت لي " يا خالد ..  بتعاملون معك في البلدية بمقولة .. ان عرفت هينا اضحكنا عليك .. وان ما عرفت راحت عليك".

فيما بعد أصبحت هذه الزميلة عضوا في المجلس البلدي لذات البلدية ورغم أنها كانت مدركة تمام الادراك وبتجربة شخصية سابقة لمسألة تغييب الرد العلمي الا أنها كما آخرين من أعضاء المجلس قدموا لنا تفسيرات غير علمية حول شتى القضايا التي تهم المواطنين.

تجلس في منزلك في عطلة الجمعة تستمع لفيروزات الصباح عندما يقرع جرس المنزل أو يضع شخصا أسفل الباب صحيفة اعلانية تروج لحملة تخفيضات أسعار في المواد التموينية.

بجمعة واحدة حصلت على ثلاث صحف تروج لمراكز تسوق تموينية، قلت سأفحص صدق الحملات هذه. على كل صحيفة وضعت اشارة عند كل سلعة أنوي شراؤها وحسبت مقدما كم يتوجب علي أن أدفع.

توجهت الى المركز الأول ... اشتريت ع الكتالوج " كما يقولون" ذهبت للمحاسبة وجدت أن هناك زيادة بمقدار 11 شيكلا عما هو وارد في الصحيفة الدعائية، عندما أستفسرت .. قالوا أن هناك أصنافا لا تشملها الحملة، قلت كيف والصحيفة الدعائية تذكر ذلك، اعتذروا وقالوا خطأ في الحاسوب لم يتم ادخال البار كود وتمت اعادة الـ ( 11 شيكلا) لي مع الاعتذار بالقول " حقك علينا يا أستاذ".
تذكرت زميلتي المهندسة وهي تقول لي " ان عرفت هينا اضحكنا عليك .. وان ما عرفت راحت عليك".

قلنا أول الغيث قطرة ... توجهنا الى مركز التسوق الثاني ومجددا على الكتالوغ، وجدنا أن صنفا مفقودا ، استفسرنا قالوا أنه قد نفذ ، قلنا بهذه السرعة والصحيفة تعلن عن بدء حملة التخفيضات فقط قبل يوم، قالوا لنا كان هناك طلبا كبيرا، فنفذت الكمية، قلنا مجددا لكن لم يذكر في الصحيفة أن العرض " حتى نفاذ الكمية" لم يردني أي رد، ومع ذلك واصلت اختيار المواد وعندما ذهبت للصندوق كانت الزيادة بمقدار 38 شيكلا، وطلبت مقابلة المسؤول، فقال لي موظف " الكاش" لا داعي ٍاجري الخصم بنفسي، فقلت له " لديك هذه الصلاحية، فعلا شىء مفرح .. اللامركزية في اتخاذ القرارات .. ذلك يعني أنهم في قيادة مركز التسوق قد أوعزوا لكم باجراء أي تخفيض لأي مواطن يلحظ وجود زيادة " نظر اليّ الموظف وأبتسم بصمت. وأجرى الخصم.

تذكرت مجددا زميلتي المهندسة وهي تقول لي " ان عرفت هينا اضحكنا عليك .. وان ما عرفت راحت عليك".
توجهنا في مركز التسوق الثالث ولكن في يوم آخر، ابتعنا ع " الكتالوغ" مجددا ، جاء السعر تقريبا مضاعفا، أستغربت لأن عدد القطع المشتراه لا يتعدى الـ (6 قطع)، دققت الموظفة وتبين أنها احتسبت ورق التواليت " أجلكم الله" مرتان، واحتسبت قطع الصابون الأربعة مرتان أيضا، أعتذرت الموظفة بأدب وقالت " حقك علينا يا أستاذ " واستغرقها وقتا لتستعير من زميلتها بطاقة الالغاء، وتعيد الاحتساب وانخفض المبلغ بحوالي أربعين شيكلا لا أذكر. وعندما دفعت ... دفعت نصف شيكل زيادة لان الاجمالي كان (119.5 شيكلا) فقالت لي 120 وعندما خرجت تبين أنها لم تخصم 2 شيكل على قطع الصابون، فتبين أنه حتى بعد مراجعتي أخذت مني الصبية (2.5 شيكل) زيادة وما زلت أحتفظ بالوصل، كي أقوم بالمراجعة لآنه يوجد عبارة " احتفظ بالوصل للمراجعة" وسوف أراجع عندما أتواجد في تلك المنطقة، فليس من المجدي أن أصرف وقود سيارة بخمسة شواقل لأستعيد نصفها.

تذكرت مجددا زميلتي المهندسة وهي تقول لي " ان عرفت هينا اضحكنا عليك .. وان ما عرفت راحت عليك".
فيما مضى، وفي مركز المدينة كثيرا ما كان يتواجد شبان يعرضون بضائع بالمزاد، ويكون لهذا البائع شريكا بين الناس، يتبدل طبعا باستمرار مع كل بيعة، يرفع البائع طالبا المزاودة على جهاز تسجيل مثلا ، فيدفع مواطن سعرا، ويدفع أخر قليلا أعلى وهكذا، وعندما يشعر البائع أن أعلى سعر لا يحقق الربح، يقوم شريكه بدفع السعر الأعلى، فان زاود مواطن تحقق الربح وان لم يزاود مواطن احتفظ البائع وشريكه بجهاز التسجيل وهكذا.

اكتشف المواطنون ذلك في أكثر من مركز مدينة ... وحصل ما يسمى قانونا .. استيفاء الحق بالذات .. وداخ المواطنون في أروقة المحاكم ، فأوقفت القيادة الموّحدة للانتفاضة آنذاك عملية النصب والاحتيال هذه.
وعودة على ذي بدء، كيف لنا أن نضع حدا لمقولة زميلتي المهندسة " ان عرفت هينا اضحكنا عليك .. وان ما عرفت راحت عليك".

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير