عدنان رمضان يكتب لـوطن: التحالف الديمقراطي والانتخابات المحلية
الفصائل الخمسة (الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، والاتحاد الديمقراطي الفلسطيني "فدا"، وحزب الشعب الفلسطيني، والمبادرة الوطنية )، والشخصيات الديمقراطية المستقلة اتفقت على تشكيل قائمة موحدة لخوض الانتخابات المحلية بشكل موحد تحت اسم قوى التحالف الديمقراطي وسجلتها رسميا تحت الرمز أ وهي تهدف من وراء ذلك إلى تعزيز أركان التحالف الديمقراطي، كتيار ثالث على الساحة الفلسطينية، والذي يهدف لكسر الثنائية والهيمنة والتفرد في الساحة الفلسطينية حسب ممثلي هذه القائمة وقرر التحالف الديمقراطي ان يخوض هذه الانتخابات على قاعدة انها انتخابات سياسية.
هذه الخطوة لاقت ترحيبا من قبل الكثيرين يشكلون جزء اساسيا في بنية التنظيمات وقرارها وايضا من جانب كثيرين هم على هامش او خارج هذه البنى و رَأوْا فيها شيئا مختلفا لان هناك قرارا وارادة حقيقية لم تتوفر في تجارب سابقة خاصة وان التحالف اجاب على سؤالين مهمين وهما ماذا يريد التحالف من هذه الانتخابات وما هي طبيعة هذه القوائم اليت يريد تشكيلها
السؤال الكبير هي في قدرة هذا التحالف بمكوناته على تجسيد هذا التوجه على الارض واعطائ فكرة الهوية الخاصة بالتيار الثالث الاولوية للنجاح، اولوية تثبيت فكرة وهوية التيار خصوصا ان احد اهم اسباب عدم ثقة الجمهور بهذا التيار هو عدم صدقية القوى القائمة على هذا التوجه وفشل التجارب السابقة حيث ان عدم التبلور الواضح يعيق تفهم وثقة الناس بهذا التيار.
البدائل ليست بالشكل فقط فلايمكن ان نقدم بديلا يختلف عن ما هو موجود بالاسم ... ليس بمجرد ان تطلق هذه القوى على نفسها التيار الديمقراطي كخيار ثالث تصيح كذلك، نسخ الاخرين وبمسميات مختلفة ليس تغييرا او بديلا حقيقيا ، بل هو خدعة سخيفة للذات وللاخرين ، البرنامج والممارسة والنماذج المرئية هو الاساس، و الانشداد لأفق واضح تستطيع هذه القوى ان تريه للجميع هو احد اهم عناصر النجاح ..خصوصا إذا ما ارتبطت بالممارسة الكفاحية التي تمارس على الارض يوميا وباشكال مختلفة ومن جهة اخرى في قدرة هذا التحالف على بناء الحركة الاجتماعية الفاعلة و توفير مصادر الاستدامة لهذا الخيار.
ان وجود التيار الديمقراطي ليس حلما او مشروع فحسب بل هي حاجة ملحة وضرورية اظهرتها الحالة العربية الراهنة بشكل جلي وواضح وما ينطبق على الحالة العربية ينطبق على الوضع الفلسطيني وبشكل اوضح والتعامل مع هذه التوجه بنفس التركيبات والبنى والاشخاص الذين افشلوه سابقا يطرح الكثير من التساؤلات حول الجدية في سلوك هذا الطريق.
ازمة الحركة السياسية الفلسطينية عامة، وتشمل الكل لكن بدرجات متفاوتة، والدليل على ذلك حالة العزوف عن التنظيمات وتراجع الثقة والاهتمام بهذه التنظيمات وبالسياسة عموما، هذا من جهة اما من الجهة الاخرى فان احدى الفرص التي توفرها الحالة العربية المعقدة رغم مرارتها والنظام السياسي الفلسطيني المتهالك هي اعادة بناءه ... واعادة البناء هذه ممكن ان تتم بعيدا عن هيمنة الانظمة وبالاستناد إلى التراث السياسي الكبير لا بل من الضروري ومن شروط النجاح هو انفصال هذه البنية والقطع بينها وبين منظومة السلطة وتوابعها .
المعيقات كثيرة امام هذا المشروع، لكن هذا التحالف يحتاج إلى قوة او قائد كاريزمي يسير بالعربة إلى الامام ينقلها من مرحلة المراوحة إلى تجسيد هوية جديدة ، تتخطى التردد والانشداد لثقافة التقوقع والانتقال إلى مشروع تقدمي ورؤية واضحة و حالة تجديديه تستجيب للاحتياجات وتبني على تراث طويل من الانجازات ، فالتيار الديمقراطي ليس مناورة انتخابية او تحالف مؤقت بمقدار ما هو هوية ومشروع قيمي ومجتمعي وبرنامج كفاحي يبنى على تراث وانجازات الاحزاب التنظيمات ولا يكون اسيرا لها
البحث عن انجازات تتعلق بعدد المقاعد والحصص هذا ليس عملا له علاقة بالمشروع التقدمي او باي مشروع وطني على العموم الاولوية يجب ان تكون لمصالح شعبنا وقضيته كفاحه ،تراثه ومستقبله وليس لمكتسيات وهمية مؤقته ، والتحالف ان كان حقيقيا يجب ان يستجيب لهذا الامر.
الانتخابات المحلية هي اختبار اولي لامكانيات انجاز هذا المشروع من خلال التحالف الديمقراطي كبداية تستطيع ان تتجاوز الكثير من العراقيل الداخلية ، منها ما هو مرتبط بتاريخ من التداخل مع بنية ومنظومة اوسلو ...ومنها ايضا تغليب المصالح الضيقة وعقلية التعصب الاعمى التي تعمل على تعويم وتقزيم فكرة التحالف الديمقراطي ومحاولة القفز عنها تغطية على ضعف تنظيمي وشعبي او تبرير لمصالح بمسميات مثل " القوائم المجتمعية " التي لا تمت للتقدميةاو اليسار عموما باية صلة بل تستخدم رصيد هذا التيار لاغراض ومصالح شخصية وخاصة ، او إلى قوائم عشائرية محضة ومحاولة تغليفها باغلفة تقدمية مزيفة و كاذبة .
البعض هنا يستحضر التجارب السلبية و الفشل لتعكير اجواء التوجهات الجديدة وليس من باب المراجعة والنقد والتقييم ويعوم القضايا لاخفاء الضعف او للسير خلف المصالح الضيقة اكانت هذه المصالح حزبية او جهوية او شخصية او غير وذلك في محاولات اعادة انتاج الهيمنة وتكريس العجز والازمة باسم اليسار وباسم التغيير ايضا مما يزيد من درجات الإحباط ويرفع من مستوى عدم الثقة ويصعب خيارات الانتقال الجدي إلى مستوى التحديات التي تفترض وتحتاج إلى وجود هذا الخيار.
التغيير عملية لها موجباتها وشروطها ولن تتم بالاستمرار بالقيام بكل ما تم القيام به سابقا والذي لم يجلب سوى التبعية والضعف وغياب الهوية او تغييبها ، البلديات والمجتمع المدني الفلسطيني هي احد المداخل المهمة في تشكيل قوة خارج بنية ومنظومة القوة الرسمية وهي ترتكز في جزء كبير منها على مقدرات ذاتية فلماذا تستمر حالة الافتراق بين التيار والتحالف الديمقراطي مع هذه المقدرات الا ما ندر ولماذا لا تعزز هذه القوى من حضورها وقدرتها وتقدم النماذج البديلة التي يتوق شعبنا اليهامحطة الانتخابات المحلية وقرار هذه القوى بناء هذا التحالف مكان اختبار جدي للامكانيات التي تحملها فكرة الخيار الثالث وهي فكرة لا تحتمل ولا مجال فيها للتلاعب والمناورة ، الفشل الجديد قد يكون قاتلا هذه المرة.. فالوقت ضيق وهناك الكثير من المتربصين وعلى راسهم الاحتلال وكذلك المراهقين واصحاب المصالح الخاصة والعقول المغلقة والمشككين الذين يعتقدون انهم يملكون شهادات الوطنية كما تملك داعش مفاتيح الجنة ، الكثيرون يعملون و ينتظرون ان تفشل هذه التجربة فهلا نكون بمستوى هذا الخيار ونخيب امال المتربصين ؟
.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء