عبد الرحمن التميمي يكتب لوطن: اسرائيل تدرك أحد أوجه صراع الحضارات " الصدام المعرفي"

03.09.2016 03:27 PM

اجتهد كثير من علماء الاجتماع والسياسة في تفسير ظاهرة العنف والتدين المتطرف التي اجتاحت العالم العربي والاسلامي، ومع أنني لا أختلف مع من يفسر ذلك لأسباب القهر والظلم والفقر والتهميش الا أنني اعتقد أن أحد أسباب التطرف هو نرفزة " ان صح التعبير" العالم العربي والاسلامي التي  تأتي بسبب أنهم أصبحوا خارج اطار " عالم المعرفة" وان ردة فعلهم العنيفة على ما يسمونه الغرب الكافر هو عدم قدرتهم على المساهمة في الانجازات الحضارية ومظاهرها التكنولوجية، ولهذا فإنني مقتنع أيضا أن صراع الحضارات قد يأخذ أشكالا مختلفة منها الصراع المعرفي وهو ما نشهد تجلياته الآن ليس فقط بين الدول وانما بين الحضارات فالذي يحدث من صراع بين الصين والولايات المتحدة وأوروبا هو صراع حضارات ولكن بأدوات معرفية.

ما أريد الاشارة اليه هو انه بالأمس عند اقرار استراتيجية التعليم في اسرائيل ركز رئيس الوزراء الاسرائيلي على أن الاستراتيجية يجب أن ترتكز الى التميز والصهيونية، وهو يدرك ان الصهيونية ستشكل الإطار القيمي والحضاري " من وجهة نظر" التميز الاسرائيلي الذي يخترق افريقيا بالمعرفة والتكنولوجيا الاسرائيلية، وهو أيضا أحد أوجه الصراع القيمي والحضاري والمعرفي مع ايران حيث تدرك اسرائيل ان صراعها مع ايران حول المكانة المعرفية ودرجة الوقوف على سلم المعرفة.

وعودة على بدء هذا هو أحد أسباب تطرف الشباب العربي الشعور بالإحباط والتهميش لأنهم مؤهلون ولكن أنظمتهم السياسية وضعتهم خارج إطار السباق المعرفي والحضاري. ان الفشل يقتضي التغيير; ولكن النجاح يقـتـضـي الـتـغـيـيـر أيـضـا. وإذا كانت الاقتصادات تمضي بنجاح فإنها تعمل في بطء على تغيير الـظـروف التي تعمل في ظلها. والنجاح يولد ظروفا جديدة; وهذه الظروف الجديدة كثيرا ما تقتضي مؤسسات مختلفة; وإجراءات تشغيل مختلفة; إذا ما أريد للنجاح أن يستمر. وتلك هي الحال في عالم اقتصادات المعرفة النـاجـحـة.، وخلال نصف القرن الماضي  انتقل العالم من كونـه عـالما اقتصاديا أحـادي القطب يدور حول الولايات المتحدة  إلى كونـه عـالما  ذا أقـطـاب معرفية  عديدة ; هـي اليابان والجماعة الأوروبية; وللمرة الأولى في التاريخ الحـديـث ظـهـر نمور شرقية للمعرفة مثل الصين واليابان وغيرها .هذه الصورة يراها الشباب العربي ويشعر بالإحباط وهو في جله خريج هذه الدول ويستطيع ان يعمل  وينتج ولكن من الذي جعله خارج الدائرة : هذا سؤال أجاب عليه التطرف ولكن بطريقة غبية  في ظل أنظمة عبيطة.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير