نادية حرحش تكتب لوطن: حج البيت من استطاع اليه سبيلاً

08.09.2016 01:32 PM

هو الركن الاخير في اركان الاسلام الخمس . لم يكن الاخير صدفة او لقلة الاهمية ، بل لشقه وصعوبته ، وما يحمله من معاني روحانية تستوجب التقرب المباشر من الله . لن ادخل في تأويلاتي في هذا الصدد التي ستضعني بسرعة في دائرة الفاحشة ،والعهر وسأصبح في احسن الاحوال من الرويبضة . وقبل الدخول في الموضوع ، لفتني ان ما يجري من ردود افعال يكون عادة من اولئك المصابون بالاخوانوفوبيا وهي من فصيلة الاسلاموفوبيا الا ان الاخوانوفوبيون هم من المسلمين ، ونفس هؤلاء هم ميسوجيون ، عندهم مشكلة حقيقية مع المرأة خارج إطارها المفروض في رؤوسهم.

ناهيك عن النساء اللاتي يمثلن الاسلام فقط من خلال حجابهن واي امرأة سافرة هي عاهرة ساقطة ليس لها اي حق بالتكلم عن الدين.
في ظل الوضع المأساوي العام والخاص الذي يعم البلاد المسلمة العربية ، من تهجير وقتل وفقر . تلك المشاهد التي نتداولها جميعا كمتدينون، علمانيون. فتحاويون،حمساويون.دحلانيون،عباسيون.مسيحيون،مسلمون، جبهة النصر، بشار الاسد. اخوانيون،سيسيون .سلفيون او قاعدة او داعش .نتفق جميعا على بؤس هذه المناظر والظلم الواقع على اصحابها . فلا تزال صورة الطفل الغريق الذي رمته امواج البحار عالقة في اذهاننا لا تتحرك من هولها. ما يحدث باللجوء العارم من سوريا من فلسطينيين وسوريين وكرديين وعراقيين الذي افرغ البلاد من اهلها طلبا للامن والاكل بات المنظر الغالب بصفحات التواصل . وكلنا نرفع نفس الصوت وبنفس الحرقة لنتساءل اين الحكام واين العدل واين الدين واين الاسلام مما يجري للمسلمين .

ويأتي موسم حج آخر، ويتسابق المسلمون بشتى الالوان والاعراق والاقطار من اجل الحظي بحجة تقربهم الى الله ويكملون فيها دينهم.  ولا اتنكر ابدا للسعي لهذا الشعور في قمة الوصول الى التقرب من الله في الحج . وأفهم حلم كل مسلم بالحج الى بيت الله الحرام . ولكن حج البيت مرتبط بالاستطاعة . والاستطاعة لا تكون فقط بالاستطاعة المالية . فليس المطلوب ان نجوع من اجل الذهاب الى الحج ، وان نحرم ابناءنا وذوينا من اجل هذه اللحظة . والحج اليوم ليس كما كان في السابق ، فهو مكلف بتكلفة الاعمار الذي يجري للمكان . فمن اجل الحج يحتاج الانسان العادي الى ما بين ٥٠٠٠-الى ١٠٠٠٠ دينار ليحظى بحجة محترمة ، اي في فندق وطيارة . والانسان الغير مقتدر تكلف حجته اقل بقليل من ال٥٠٠٠ في احسن الاحوال . ناهيك عن الحجات المتميزة التي تتعدى تكاليفها العشرة الاف وتلك الملوكية والرئاسية وغيرها التي تقفز تلك الارقام بكثير . ويترتب على الحج المصاريف التي تأتي بعده من هدايا واستقبالات وولاىم وغيرها كل كذلك على حسب مستواه . فاذا ما ذهب مليوني (٢مليون) حاج هذه السنة بمتوسط ال ٥٠٠٠ دينار سيكون مدخول الحج ١٠٠٠٠،٠٠٠،٠٠٠ اي ١٠مليون المليون باضعف حسبة ممكنة.

نصف هذا المبلغ هو باقل تقدير من اموال الفقراء الذين يعيشون كل حياتهم من اجل هذه اللحظة . ولن اتكلم عن المنظر الذي ال  اليه بيت الله الحرام من تحديث حتى ازعج في وصفه الغير مسلمين حتى ، لانعدام روح المكان القدسي منه وتحول المنطقة الى ما يشبه التجمعات التجارية السياحية.
فإذا ما كنا كمسلمين مؤمنين بأن هذا الموسم هو موسم الله . موسم الحجيج لبيت الله حيث يكون الله اقرب وملائكته ، فلما يبتعد الله عن بيته في هذه الايام . ايعقل انه غضب الله على امة الاسلام الذي وصل كفرها ذروته السبب . ايعقل ان يرضى الله بان تحارب اليمن من قبل العرب وقيادة السعودية ؟ أيعقل ان يرضى الله بأن يرمى ابناء ملة حبيبه محمد بالبحر كمن يرمي الطعم للسمك بالالاف؟ ايعقل ان يرضى الله عن امة يهرب شعوبها طلبا للحياة في وقت يدعم قادتها الموت من كافة الاتجاهات ؟
ايعقل ان تدنس الأقصى يوميا و يتم اجتياحها ، وتقف النساء مدافعات في حين المسلمين متوجهين نحو بيت الله ساكنين؟
لا بد ان ما يجري اليوم هو رسالة الله لنا بعدم رضاه عن امة الاسلام . وليس من قبيل قضائه وقدر . اولم يرينا الله آياته في غضبه ورضاه مرارا وتكرارا ؟
اليس من الحق والدعوة الحقيقية للاسلام بأن تذهب هذه الاموال لردء شتات الملايين الفارين من سوريا والتي تتلاطمهم امواج البحار وجبروت ظلم الانسان في الغربة واللجوء ؟

كم هو بريء الاسلام من مسلميه فقراء واغنياء . ظالمون ومظلومون . فالكل يمشي على نفس النهج من الجهل ، والله بريء من افعالنا ومن هواجسنا ومن نفوسنا المريضة الجاهلة التي عمت بصيرتها فيعميها الله اليوم عن رؤية الحق وعمله . 
فبينما نكيل المسبات على الحكام وظلمهم وندعو عليهم ونتمنى الخلاص منهم . نحن الشعوب لا نختلف عنهم . فهل من مسلم مؤمن يفكر ويتفكر للحظة ويهدي تكاليف حجته هذا العام للاجيء معدم ؟

هل من مسلم مستعد بأن يقتطع ولو جزء بسيط من مصروفات حجته التي عقد الرحال اليها لمساعدة اللاجئين ؟ فلو تم اقتصاص ١٠٠ دينار من كل حاج من اجل اللاجئين لانتهت ازمتهم . فهذه المئة دينار ستكون مئتي مليون دينار .ستكفل حتى بعدم نزوح الشعوب عن اراضيها .

اتساءل عن الدعوات التي سيلقيها خطباء الحج في الايام القادمة في صلواتهم . على من سيدعون ؟ هل سينادي الخطيب بتخليص الله لنا من داعش في عقر دارها ، ام سيكتفي بالنيل بدعواته من بشار ؟ هل ستكون الدعوات شاملة التخلص من اسرائيل والدعوة عليهم بأنهم ابناء القردة والخنازير ، والعلاقات السعودية الاسرائيلية في احسن احوالها . حتى ان نتانياهو صار المبادر بالاتصال بالمملكة لايفائها بالوضع القائم ؟ هل ستكون الدعوات في لم شمل المسلمين ولقد اغلقت العرب ابوابها عنهم ؟ هل ستكون الدعوات على الشيعة لدرء الخطأ في الدعوات ؟ كيف سيرفع المسلمون ايديهم الى الله تذرعا ولقد منعت ايديهم عن تقديم الخير لانفسهم ؟

ام الله بالنسبة لهم مشروع شخصي ، لا يرى ولا يسمع الا ما نخبره به . فالفقير يزحف اليه للغني ، والمريض بالشفاء والمخطيء بالعفو وكأن الله حساباته شخصية ستصرف لهم هناك .
بالله يا امة الاسلام ...
فلقد اصبحنا بكم شر امة ، تعود بالشر على نفسها وعلى الامم.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير