نبيل عمرو يكتب لـوطن: تأجيل الانتخابات.. رسالة فشل

11.09.2016 10:13 AM

لاتدرك الطبقة السياسية الفلسطينية أنها واقعة تحت مجهر فلسطيني واسرائيلي واقليمي ودولي، وهذا المجهر يكشف بحيادية كاملة المزايا والعيوب لتوضع امام صناع القرار كي تُبنى عليها سياسات

الدول تجاه فلسطين والفلسطينيين.

واذا كانت الطبقة السياسية الفلسطينية تعتقد بأن ما تقوله للدول المؤثرة هو المعتمد عند تلك الدول، فهي بذلك تغالط نفسها قبل ان تغالط الاخرين ، فدول العالم تمتلك وسائل وآليات مراقبة تعرف من خلالها دقائق الامور في

تجربتنا، بحيث لا ينفع معها تفسيراتنا وتبريراتنا لمسلسل الفشل الذي يميز واقعنا في مرحلة اختبار الكفاءة في تأسيس دولة ونظام .

وبكل أسف ومرارة، أجزم بأن وضعنا قبل عشرين سنة كان افضل مما هو عليه الان من كل النواحي ، العالم المعني بقيام دولة فلسطينية

تكون ركيزة للأمن والاستقرار في المنطقة، يرى انشغالنا المرضي بقضايا تبدو ثانوية الا انها تسجل نقاطا حاسمة لغير مصلحتنا ، وفي ميزان الفشل والنجاح يرى العالم رجحانا كبيرا لكفة الفشل على النحو التالي...

فشل في انهاء الانقسام واستعادة الوحدة وهو فشل

مضاعف لأنه ان حصل مع كيان عادي فينبغي ان لا يحصل اطلاقا عند شعب واقع تحت الاحتلال، وعلى ارضٍ تحتاج الى كل الجهود لانقاذها من الضياع ، ولأن الفشل يستتبع فشلا آخر فإن العالم يرى الانحدار في أمر ترتيب البيت الفلسطيني، بحيث كنا في فتح وحماس وغزة والضفة لنصبح في فتح وفتح

، وغزة وغزة، والضفة والضفة.

هذا الانحدار انجب فشلا جديداً نراه وبصورة مخجلة في امر الانتخابات المحلية التي أمّلنا منها ان تكون رافعة ولو متواضعة لمشروعنا الوطني، ورسالة للعالم عن قدرتنا على مواكبة العصر والانسجام مع آلياته في التنمية

الذاتية والتقدم، غير أن ما حدث حتى الان قدّم أكثر الصور بؤساً عن حالتنا وحجم الاخفاق في تجربتنا .

محكمة في غزة تُبطل عدداً من القوائم ، ويرد عليها في الضفة بأن هذه المحاكم غير شرعية أصلا ، وكأننا لم نكتشف عدم شرعيتها الا اليوم

مع ان حيثيات عدم الشرعية بدأت وتكرست منذ سنوات .

ومحكمة العدل العليا تصدر حكماً بتأجيل مؤقت للانتخابات مستندة الى حيثيات تم تجاهلها تماما في الانتخابات التي تمت قبل اربع سنوات ، ولأظهار المكانة الحقيقية للقضاء في بلادنا، فقد رفض هذا القرار من قبل

فصيل رئيسي ليحترم من جانب الفضيل المنافس ، ولا أحد حتى الان يعرف مالذي سيحدث بهذا الشأن في الايام القادمة.

في "عجقة" الانتخابات المحلية منذ قرار اجرائها ، وعبر حفلات تشكيل القوائم ، رأينا مشهداً فيه من الفوضى أكثر بكثير مما فيه من السباق

الديموقراطي الراقي، وفي المشهد الانتخابي تراجع الفلسطينيون اصحاب العلاقة الى الصفوف الخلفية ليتسيد المشهد قوىً خارجية بعضها يضغط لاجرائها والبعض الاخر يضغط لارجائها ، ولاحظ الفرق في ترتيب حرف واحد ، فغرق الشعب الفلسطيني في بحر من البلبلة أمواجه المتلاطمة شائعات

وتسريبات ، ما ضيع الحقيقة وانهك روح المواطنين الابرياء وأغشى بصائرهم .

وفي خضم هذه الحالة ، صُدرت الى ساحتنا حكاية ترتيب البيت الفلسطيني، فاختلف القوم حول ماذا يعني هذا الترتيب وما هي علاقته بالانتخابات المحلية ، وانشغل العالم العربي كله من خلال

فضائياته الكبرى بأثاث البيت قبل اساساته ولاحظو الفرق في الحروف مرة اخرى ، واستنتج اننا وان سئمنا من الجدل حول هذا الموضوع بالذات، فلن نعدم موضوعا اقل شأنا كي نتجادل فيه وننقسم عليه ، ونتلهى به فترة من الزمن ونملىء به فراغا وخواءً يتمادى ويتسع ويتعمق مع الايام .

كم كنت اتمنى ان اكتب ما هو افضل من هذا بين يدي عيد الاضحى المبارك ، فما هو افضل من هذا غير موجود على ارض الواقع كي نتحدث فيه ، وحين تفتح ابواب السماء فليس عندنا غير دعاء بأن يصلح الحال.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير