عدنان رمضان يكتب لوطن .. حوار انهاء الانقسام "فكونا من هذه الاسطوانة المشروخة "

21.09.2016 11:56 AM

 لقاءات عديدة ومستمرة وعلى مختلف المستويات  تعقد بين الحين والاخر  بين حركة فتح وحركة حماس للتباحث بشان ما اصطلح على تسميته  المصالحة الفلسطينية، او حول  تشكيل حكومة وحدة وانهاء الانقسام وفي معظم هذه اللقاءات يتم الإعلان عن تقدم "ايجابي " وعن اتفاقات جديدة للتغلب على العقبات ولكنها في الغالب  تفشل  لسبب او اخر او لا تجد طريقها للتنفيذ ،  وفي اللغة الدارجة فلسطينيا اصبح الطابق معروف والكتاب مقروء،  فلقد تعلم الطرفان  ومنذ سنوات كيف يتم استخدام هذا الملف في العمل السياسي ليس في سبيل الهدف المنشود وانما للمناورة في ملفات وقضايا اخرى  تظهر بين الحين والاخر

الجميع يعلم ان المشكلة الكبرى الان ليس في الاتفاق او عدم الاتفاق بين فتح وحماس وانما في طريقة التعامل مع القضايا الوطنية في اطار الثنائية ( ثنائية فتح وحماس ) ففي جميع بلدان العالم وفي كافة المجتمعات توجد اطراف سياسية واقطاب مختلفة لكنها لا تقسم هذه المجتمعات إلى دويلات وامارات بل تجد طريقها وتعمل ارادتها السياسية إلى التعامل مع هذه الاختلافات والخلافات في اطار نظام سياسي محدد واضح متفق عليه وهذا فلسطينيا موجود حتى وان كان يحتاج إلى تطوير  لكن عدم توفر الرغبة وواعلاء مصلحة التنظيم الخاصة على المصالح العامة للقضية  يحول دون تطبيق هذا  النظام السياسي

من الواضح ان الثابت في موضوع المصالحة هو  اولا تغييب الغالبية العظمى من شعبنا عن القرار المتعلق بمصيره  فالفلسطينيين ليسوا فقط في غزة والضفة وهم ايضا ليسوا حماس وفتح فحسب وان كانت هذه القوى  تشكل الفصيلين والحركتان الفلسطينيان الاكبر الا انه بالإضافة  إلى الفصائل والقوى الاخرى المغيبة عن هذا الحوار فان غالبية الشعب الفلسطيني وفاعلياته ايضا مغيبة فالغالبية من الشعب الفلسطيني يعرف نفسه بانه غير محسوب على هذه الفصائلاو غيرها وهناك هياكل وتركيبات اجتماعية وسياسية واهلية موجودة وفاعلة بدرجة ما لكنها ايضا مغيبة عن هذا الحوار

ان التلاعب  بقضايا الشعب الفلسطيني  في التعامل مع التحديات التي تواجه منظومات السلطة في الضفة وغزة اصبح ثابتا جديدا  واصبح لدينا محاورين  ثابتين  وعلاقات واليات وعواصم وميزانيات وكتاب وقضية تتصدر المرحلة  بين الحين والاخر خاصة عندما تجد هذه المنظومات  انغلاقا او اعاقة ما في اليات بقائها واستمرارها  فاغلاق المعابر او ازمات الاتراك او اجندات القطريين في غزة او  اهمال القيادة و تدخلات الرباعية العربية او الازمات المالية  في الضفة امثلة على القضايا التي تحرك ملف المصالحة  اذا القضية الفلسطينية وحقوق الشعب والامه وهمومه وقضايا الناس ليست هي المحرك والدافع وراء النشاط في هذا الملف او وراء هذه الجولات من الحوارات  بل هو قضايا تتعلق ببقاء هذه المنظومات ولذر الرماد في العيون

من الواضح ان الحوار ومنذ فترة لا يهدف إلى انهاء الانقسام ولكن إلى تنظيمه  بين ما اصطلح على تسميته طرفي الانقسام واصبح هذا الملف اسير لاجندات  مختلفة منها الخارجي ومنها الداخلي فالمستفيدون من  هذا الانقسام كثر وعلى راسهم الاحتلال الاسرائيلي الذي مهد لهذا الانقسام ولا يتلكا اويتباطا او يوفر جهدا في تعزيزه ليس لتسويق خطابه السياسي عن عدم وجود قيادة فلسطينية  او للاستمرار في اضعاف  الفلسطينيين عبر االشرذمة والتقسيم فحسب ولكن الاخطر الاخطر من ذلك حسب اعتقادي هو ان ذلك ينسجم ذلك مع مخططات تصفية القضية الفلسطينية والحديث عن حل الدولتين وفقا لمقولة ان الدولة الفلسطينية موجودة في غزة وان المطلوب فقط هو توسيع هذه الرقعة في سيناء ، خصوصا وان هذا المشروع "المؤامرة "بدا يكسب انصارا  مختلفين على اكثر من مستوى محلي وعربي واقليمي

التدخلات الإقليمية والعالمية في الموضوع الفلسطيني  لن تتوقف والانقسامات الإقليمية والعالمية إلى ازدياد وكلما كانت القضية الفلسطينية ورقة سياسية في لعبة الامم يلعب بها الاخرون ويغيب عنها الشعب الفلسطيني نفسه لن يكون هناك  اية مصالحات او اتفاقات تجد طريقها للتجسد والتطبيق على الارض

من جهة اخرى فانه و عبر السنين الماضية فقد تطورت وبوعي قيادة هذه التنظيمات وبارادتها  مجموعات المصالح التي تجد نفسها اكثر في الانقسام  فهي تتغذى على الانقسام  ليس سياسيا فحسب وانما طورت مصالح اقتصادية ومراكز نفوذ  وعلاقات تستمد قوتها وووجودها من حالة الانقسام  وهذه  التركيبات عززت من وجودها وحضورها في  اعلى الهرم السياسي وفي مركز القرار الفلسطيني وهي بالتالي ايضا لن توفر اية جهود تزيد من عمر هذا الانقسام وتديمه ادامة لمصالحها الخاصة  على حساب  مصالح الشعب في التحررر والتحرير والخلاص

من الواضح ان الفلسطينين وعبر سنوات من الحوار  استطاعوا الوصول إلى صيغ جماعية للحل تغلبت على كافة العقبات وتستطيع ان تتغلب على هذه الازمة وتفتح الافاق للخروج من ازمات  اكبر  فاتفاق القاهرة الذي وقعت عليه غالبية القوى الفلسطينية  ومشروع الهيئة القيادية الجماعية للشعب الفلسطيني يشكل احد اهم المرجعيات لمن يريد ان يخرج من هذه الثنائية ومن هذا الانقسام البغيض  فالطريق معروف  والتفاصيل تم التعامل معها  وقدمت الاجابات على كافة الاسئلة  لكن العقبة هي في المصالح والمنظومات التي تعيق تنفيذ هذه الصيغ

الوصول إلى المصالحة وانهاء الانقسام ليس مسالة خلافات تحتاج إلى جلسات من الحوار لانهائها بل هو جهد فلسطيني جماعي مسنود شعبيا لاعادة الهيبة إلى القضايا الفلسطينية المركزية  واعادة الاعتبار لوقائع تتعلق بوقوف هذا الشعب امام حقوقه وحاجاته ومواجهة المحتل الاسرائيلي ومخططاته ، انهاء الانقسام بحاجة إلى اعادة الاعتبار لقيم الوحدة الوطنية و الكفاح والمقاومة ، انهاء الانقسام بحاجة إلى التخلي عن وهم ان هذه المنظمات الموجودة في غزة والضفة سوف  تقبل طوعا بانهاء الانقسام  وان لها مصلحة وطنية في ذلك ، انهاء الانقسام لن يتم دون تطوير اليات جماعية مسنودة شعبيا لتعرية جماعات المصالح والتغلب عليها و على عملية الانتفاع من هذه اللعنة والمرض الذي حل  بشعبنا  منذ عقد من الزمان  ولا زالت اللعنة  تلاحقه والمرض ينخر في جسده المدمي

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير