نبيل عمرو يكتب لـوطن: اعترافات في الوقت الضائع

25.09.2016 09:39 AM

نُقل عن السيد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، اعترافات نادرة قلما نقل مثلها عن مسؤول بمكانته، وهذه الاعترافات مسّت الاساس الذي تقوم عليه سياسة حركة حماس، تجاه الوضع الفلسطيني.

أول هذه الاعترافات تسرع حركة حماس، في قراءة نتائج الانتخابات التشريعية التي فازت بها ، ولو راجعنا هذه القراءة في أيام بل سنوات الفوز الاولى لوجدنا ان الحركة الاسلامية اعتبرت الفوز كحدث تاريخي ينقل الوضع الفلسطيني من حال الى حال آخر، بل وذهب البعض في حينه حد تصوير وكأن التاريخ بدء يوم اعلان نتائج الانتخابات التشريعية، وان ما كان قبل هذا التاريخ يعتبر هباءً منثوراً.

وثاني هذه الاعترافات وهو مشتق من الاول، فقد سيطر على فكر حماس يقين بنهاية عهد فتح واندثار كل ما كان يحسب عليها ويتصل بها، وحين يكون هذا هو حال فتح من وجهة نظر حماس، فبوسعنا وبعد القياس على هذه المسطرة، ان نتعرف على رؤية حماس للفصائل الاخرى ولمنظمة التحرير.

والاعتراف الثالث، وهو متصل بالثاني والاول، فيتجسد في اكتشاف حركة حماس لصعوبة حكم قطاع غزة بمفردها ، وكلمة صعوبة هنا هي تخفيف مقصود لكلمة الاستحالة.

اعترافات السيد خالد مشعل وهو يعلن استعداده لمغادرة موقع المسؤولية الاولى في حركة المقاومة الاسلامية، لن تلقى بالتأكيد رضى كثيرين من قادة الحركة وكوادرها واعضائها، لأنها بكل بساطة تخلخل الاساس الذي اقيمت عليه سياسة حماس الفلسطينية، واذا ما ذهبنا بالمنطق الى ما بعد ذلك فهي اعتراف غير مباشر بالمسؤولية عن الانقسام الذي فُسّر ولسنوات طويلة على انه كان بسبب عدم تمكين حماس من حكم الساحة الفلسطينية بعد فوزها بالانتخابات .

وبحكم الوقائع الراهنة فلا ارى امكانية للبناء على هذه الاعترافات، كما لا ارى وضعا مواتيا في حماس للاستفادة منها باتجاه مشاركة موضوعية مع فتح والفصائل الاخرى في ادارة الشأن الفلسطيني داخليا وسياسياً، ذلك ان الانقسام لم يكن مجرد خطأ فني بل كان حدثاً بالغ التأثير على الحاضر والمستقبل الفلسطيني ، لقد كان وما يزال بمثابة الدجاجة التي تبيض ذهباً في حضن اسرائيل، وافرز فيما افرز من نتائج تكاد تكون حاسمة، في تحكم اسرائيل بكل جوانب الحياة في غزة ، وحتى الحليف المشترك بين اسرائيل وحماس  تركيا، لم تجد مفراً من الاقرار بهذا الوضع وها هي تقدم ما تقدم من خلال الموانئ الاسرائيلية ، والمعابر المتحكم بها بصورة مطلقة.

أتوقف قليلا عند حكاية الظن بأن عهد فتح قد انقضى، لم يكن هذا مجرد ظن بل بلغ بالممارسة حد اليقين بأن الاستثمار في ما تعتبره بقايا فتح سيكون مربحا من كل النواحي، ونأمل ان يكون اصحاب القرار في حماس مشاركين للسيد خالد مشعل تقديره بخطأ الرهان بحيث يتوقفون عن الاستثمار في فتح كحركة منتهية غادرت التاريخ والجغرافيا تاركة ورائها مقاعد مريحة تجلس عليها حماس وتدير من خلالها المرحلة الاصعب والاكثر تعقيداً في حياة الفلسطينيين وقضيتهم .

الذي يدعوني الى الاعتقاد بعدم جدوى هذه الاعترافات على صعيد صنع القرارات والسياسات هو استحالة ازالة ما بني على خطأ استمر عشر سنوات، فالسياسة والوقائع والحقائق لا تصنع بضغطة زر ولا تلغى كذلك.

أخيراً.. لنسأل انفسنا ونحن نصفق للخطأ في حينه ونصفق للاعتراف بالخطأ في حين آخر ، كم كانت خسائرنا جرّاء ذلك؟ وما هو حال غزة في زمن الحكم المنفرد لحماس وما هو حال القضية الفلسطينية بعد ان انقسم الوطن والشعب بفعل ما يعتبره البعض مجرد خطأ فني..

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير