خبراء اقتصاديون لـ"وطن": ضعف فرص الاستثمار وفوضى تحريك الأموال تضرب الاقتصاد الفلسطيني

27.09.2016 07:36 AM

رام الله-وطن-خالد كراجة: يضيع الاستثمار في فلسطين بين المؤسسات الاقتصادية الرسمية وغير الرسمية وبين الواقع المعاش للمواطنيين الذين تصعب عليهم الارقام فلا يتذوقونها ولا يستمتعون بها كما تستمتع تلك المؤسسات في تلاوتها من ضخامتها.

المواطن العادي يفهم الاقتصاد بطريقة مختلفة تماما، وينظر اليه من زاوية احتياجاته ومعيشته ، ودخله الشهري كيف يوزعه ليحقق الحد الادنى من العيش الكريم.

ولا يمكن الحديث عن الاستثمار في فلسطين دون الحديث عن البطالة، ولكي تقوم جهة ما بإصدار نتائجها الأولية فيما يتعلق بالاستثمار لا بد ان توضح أين نحن؟ ، وماذا نريد؟، وكيف نحقق ما نريده؟، لا ان تقوم بتلاوة أرقام أشبه بطلاسم تصلح لتعوذية اكثر ما يمكن أن يستفيد منها المواطن هو ان يعلقها في عنقه.

الاستثمار في الخارج اكثر من الداخل: فلسطين تصدر راس المال

أصدر الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني وسلطة النقد الفلسطينية النتائج الأولية لوضع الاستثمار الدولي والدين الخارجي لفلسطين حتى نهاية منتصف العام الجاري.

وبينت النتائج الأولية أن أرصدة استثمارات الاقتصاد الفلسطيني الموظفة خارج فلسطين حتى نهاية الربع الثاني من العام 2016 قد بلغت 6 مليار دولار امريكي فيما بلغت الاستثمارات الاجنبية في الاقتصاد الفلسطيني قرابة ال 4.8 مليار دولار امريكي بقارق قيمته 1.2 مليار دولار امريكي .

واوضحت النتائج أن الاستثمارات الاجنبية في فلسطين توزعت بين استثمار أجنبي مباشر بنسبة 51.7%، واستثمارات حافظة 13.4%،واستثمارات أخرى (أهمها القروض والودائع من الخارج) 34.9%. وعلى المستوى القطاعي، فقد شكلت الاستثمارات الأجنبية في قطاع البنوك حوالي 34.6% من إجمالي الخصوم الأجنبية على الاقتصاد الفلسطيني.

نصر عبد الكريم: مناحي الاستثمار الاقتصادي محدودة امام  البنوك

وعزا الخبير الاقتصادي الدكتور نصر عبد الكريم ارتفاع قيمة الاستثمار الفلسطيني في الخارج الى ارتفاع قيمة الودائع البنكية في الخارج للبنوك والتي تصل الى قرابة 4.5 مليار دولار امريكي ، وبالتالي يصبح الاستثمار في القطاعات الأخرى فقط 1.5 مليار حسب تقديره.

وأضاف عبد الكريم، ان لدى البنوك قرابة ال11 مليار ودائع، تستثمر منها 4.5 مليار دولار أمريكي في الداخل، والباقي يتم ايداعه في بنوك خارجية وتأخذ مقابل هذه الودائع فوائد.

وأشار عبد الكريم، ان الأصل في البنوك ان تستثمر ودائعها في الاقتصاديات المحلية، ولا ضير في استثمار جزء من الودائع في الخارج ولكن هذه النسبة مرتفعة بالمقارنة مع باقي الدول.

وأوضح عبد الكريم، ان المشكلة تكمن في محدودية طاقة الاقتصاد في استيعاب الاقتراض المصرفي، ولا يوجد اوجه استثمار متاحة للبنوك سوى منح القروض، وسقف الاستثمار في السوق المالي محدود للغاية، وأيضا قطاع العقارات.

وعن مصادر تمويل البنوك والودائع قال عبد الكريم، ان هناك مصدرين لتمويل البنوك، الأول هو الودائع التي يقوم بايداعها الأفراد والمؤسسات والشركات مقيمين وغير مقيمين  في البنوك وتشكل الغالبية وتصل نسبتها الى 85% من مصادر التمويل، والمصدر الثاني هو ما يسمى بقاعدة رأس المال وتتشكل من المالكين لأسهم البنك ، والأرباح المتراكمة ، والاحتياطات الاجبارية بناء على تعليمات سلطة النقد وقانون الشركات.

وبين عبد الكريم ، "ان الودائع ليست جميعها فائض سيولة لدى الناس، وانما هي تشمل التسهيلات البنكية التي يحصل عليها الافراد مثل القروض وتسمى الودائع المشتقة".

واعتبر عبد الكريم، ان نسبة التسهيلات على الودائع في فلسطين منخفضة والتي لم تتجاوز ال50% ، وان لو تم رفع نسبة التسهيلات للناتج المحلي أو للودائع يعني هذا ان البنوك تضخ هذه الودائع للاقتصاد وبالتالي تستثمر هذه الودائع ، ولكن وبسبب انخفاض طاقة الاقتراض وفرص الاستثمار في فلسطين محدودة يبقى لدى البنوك فائض غير مستخدم وبالتالي تضطر الى ايداعه في الخارج.

وعن الانتقادات التي توجه الى سياسة الاقراض التي تتبعها البنوك واغراق الافراد بأعباء مالية قد تكون أعلى من طاقتهم أوضح عبد الكريم ان هذه الانتقادات تأخذ ثلاث اتجاهات ،الاتجاه الاول يعتبر ان البنوك تعطي قروض أقل من اللازم ومعظم أموالها مودعة في الخارج وبالتالي وكأنها تأخذ هذه الأموال والسيولة الفائضة في الاقتصاد وترسلها الى الخارج، ويحرم الاقتصاد الفلسطيني من الاستفادة منها.

الاتجاه الثاني، ينتقد تركيز البنوك في عملية الاقراض على التجار او الافراد لأغراض استهلاكية كشراء سيارة او بيت ...الخ وهذه الأغراض غير انتاجية ، وهذه القروض لا تخدم الجهود التنموية ، وان جزء يسير فقط يعطى للقطاعات الانتاجية مثل الزراعة والسياحة والصناعة والمشاريع الكبيرة التي تفتح فرص عمل ومستدامة.

اما الاتجاه الثالث، هو انتقاد الفرق الكبير بين ما يقوم بدفعه البنك من فوائد على الودائع ، وما يحصله من فوائد على القروض.

د.عادل سمارة: الاستثمار الحقيقي هو الذي يوظف في اتجاه قطاع الانتاج

من جانبه قال المحلل الاقتصادي د.عادل سمارة ان الاستثمار الحقيقي هو الذي يوظف في اتجاه الانتاج وليس الودائع التي تمثل الاستثمار المتخلف .

واضاف ان من أمراض الليبرالية العالمية الجديدة التوجه باتجاه المضاربات المالية وبدل الاستثمار في قطاع الانتاج تشتثمر في السندات والاسهم

واشار سمارة إلى ان هذه التوجهات الليبرالية الجديدة تؤثر على الاقتصاد العالمي المتقدم، متسائلا فكيف سيكون تأثيرها على اقتصادنا المتخلف؟.

وبين سمارة ان هناك فوضى في تحريك الاموال في الاراضي المحتلة ولا يوجد رابط ولا ضابط ولا سياسة حكومية حقيقية تلعب دورا في الاشراف على هذه الاموال، وان الحكومة تتبنى سياسة السوق المفتوحة.

وأضاف سمارة أنه لا يوجد تحفيز ولا توجيه للاستثمار، ولا يوجد ما يطلق عليه في الاقتصاديات التنموية سياسة الحفاظ على الفائض المنتج في البلد.

 

للاطلاع على النتائج الأولية للاستثمار الفلسطيني كاملة اضغط هنا

تصميم وتطوير