حتر ليس اخر النواهض

27.09.2016 09:01 AM

كتب: حسن سليم

الحَجْر على عقول المفكرين والمثقفين والرافضين للعيش حشراً داخل الصندوق المعتم، فعل لا تمارسه فقط الحركات الأصولية وحسب، بل وحركات سياسية تدعي الاعتدال في ظاهر فكرها، وكذلك أنظمة سياسية كتبت في دساتيرها بأنها ديمقراطية، والحقيقة أنها أنظمة الرجل الأوحد.

أما ما يمارسه بعض الافراد الذين أعطوا لأنفسهم رخصة الحَجْر على الآخرين الذين يختلفون معهم، فهو نتاج طبيعي لمخرجات ما أدخلته تلك الجماعات والأنظمة، وحتى الأسر التي اعتقدت انه بالإمكان تدجين أفرادها وتعويدهم لان يكونوا صدى لأصواتهم الرخوة، والقبول بالعيش داخل عتمة الصناديق.

وحتى لا يتم حصر الظلم بعصرنا، فان العدالة تقتضي القول، ان جرائم القتل على خلفية الرأي، ليست جديدة، بل الجديد هو انتشار خبرها، بحكم تطور وسائل الاتصال، وسرعة تداول اخبارهم، فالتاريخ زاخر بسير من قرر البوح ما يجول في عقله وقلبه، وما يتناقض مع قوى الظلام التي تسيطر على المجتمعات، فقرروا بكل جرأة اعلاء كلمة " اللا " .

إن " اللا " التي يقولها الأحرار لمواجهة غول التطرف والظلم، رغم علمهم بأنهم قد يدفعون حياتهم ثمنا لها، لن تتوقف، إذا ما كنا عونا لهم، ومكبرين لأصواتهم، ومشاركتهم حماية الزهر في حديقة يراد لها ان تكون مقصورة على الشوك، وأن لا نتركهم وحدهم يصارعون غول التطرف والتكفير والتخوين، وما جريمة اغتيال ناهض حتر أول أمس على عتبة قصر العدل في العاصمة الأردنية عمان، إلا نتاج طبيعي لذلك الموروث الدموي الذي قيل انه ثقافي.

بالطبع هو تحدي ليس من السهولة الفوز به، كما يتصور البعض، كون الأمر يتعلق بمنهج التربية الماضي والقائم، وهو ما يحتاج تعديله لسنوات أو حتى لعقود، لإعادة بناء الوعي وهندسته بعد تطهيره مما علق به من نجاسة التطرف، وثقافة رفض الاخر لمجرد الاختلاف معه، وخلال تلك الفترة سيسقط الكثير من النواهض، كما سقط ناجي العلي وغسان كنفاني وفرج فوده وغسان توينه، والقائمة تطول، لكن النتيجة الحتمية في النهاية، هي الوصول للعيش في مجتمع أكثر إنسانية، لا تعارض فيه بين الاختلاف واحترام الرأي.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير