شمعون بيرس .. ثعلب السلام

30.09.2016 12:03 PM

 كتب: حمدي فراج: الموت جزء من الحياة ، ولا حياة بدون موت ، لكن حين يتعلق الامر بشمعون بيرس ، فإن الموت يصبح جزءا من الموت الذي زرعه في مناحي الشعب الفلسطيني والارض الفلسطينية التي تحولت الى دولة اسرائيل منذ نعومة أظفاره وحتى مرحلة أرذل العمر ويوم موته ودفنه بعيدا عن وطنه ومسقط رأسه في بولندا قبل ثلاثة وتسعين عاما .

     من بين اهم ما نشر على هذا الصعيد مقالا لافتا للكاتب البريطاني الكبير روبرت فيسك في صحيفة الاندبندنت ذائعة الصيت تحت عنوان "بيرس لم يكن ابدا صانع سلام" ، يستحضر فيه يوم وصوله مع الصحفيين الى قانا غداة المجزرة التي راح فيها مئة وستة اشخاص نصفهم من الاطفال والنساء خلال 17 دقيقة من القصف .

    من الواضح ان عدد المشاركين في جنازته من رؤساء العالم وممثلي حكوماته ،بمن فيهم بعض العرب ،  قد حسموه كرجل سلام ، وهذا جزء لا يتجزأ من المفاهيم الخادعة التي يرمي ممثلو هذا العالم الى فرضه على الشعوب ، وخاصة الشعوب التي ما زالت تكتوي بالنيران التي أشعلوها في جنباتها ، كشعبنا الفلسطيني ، قبل ثلاثة اجيال ، وهي ما زالت قابلة لان تستمر وتستعر لعدة اجيال اخرى . وفي العقدين الاخيرين ، رغم توقيع اتفاقية اوسلو للسلام ، اشتعلت الارض العربية برمتها ، بدءا بعراق صدام حسين مرورا بليبيا القذافي وانتهاء بسوريا بشار الاسد ، وهي الانظمة الثلاث التي لم تنطل عليها لعبة "تحسين شروط احتلال فلسطين" ، وهي استراتيجية شبه دائمة لشمعون بيرس .  ولا للسلام الكاذب الذي وقعه بيرس مع منظمة تحريرها ونالا على اثره جائزة نوبل ، ولا السلام الذي وقعه مناحيم بيغن مع مصر انور السادات ، ونالا على اثره جائزة نوبل مرة اخرى .

    يقول فيسك : "كان الدم يجري كالسيول ، كنت اشمه،  لقد غطى الدم احذيتنا ولصق بها كالصمغ ، كانت هناك ايدي وسيقان، اطفال بدون رؤوس، ورؤس كهول دون اجساد. جثة رجل مزقت الى جزأين وتعلقت على جذع شجرة محترقة، وما تبقى منه كان مشتعلا.على درجات الثكنة، جلست فتاة تحمل رجلا اشيبا، كان ذراعها ملتفان حول كتفيه، كانت تهز الجثة بيديها . كانت تبكي وتصرخ : ابي... ابي ، واذا كان بيرس لم يعد يفكر بمجزرة قانا التي اسماها "عناقيد الغضب" – وهي تسمية توراتية من "سفر التثنية" والذي ينص في الاصحاح 32: اقتلوا الشباب والعذارى والرضع ومن شاب رأسه" – فإنني انا ، والقول لفيسك : لن أنسى .

   ان التحدي الذي وضعه روبرت فيسك في نهاية مقالته ، جدير للتوقف عنده وجدير لترقب تنفيذه : ان نعد اذا استطعنا كم مرة ستتكرر كلمة "سلام" في رثاء بيرس  ، و كم مرة ستظهر كلمة قانا.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير