عبد الرحمن التميمي يكتب لـوطن: كأنها عابرة

01.10.2016 08:12 AM

لم يكن عمر "زينة" في نكبة عام 1948 قد تجاوز الثمانية أعوام وهي ابنة عائلة ثرية ذات نفوذ، ولكنها تتذكر بيارة البرتقال وطاحونة الماء واقواس البيت وكل التفاصيل لكنها لم تدرك ما حدث، بدأت تفهم ذلك من موقعها الجديد في المخيم وبالذات التفتت الى ما يحدث في عام 1956 ( أيام العدوان الثلاثي على مصر) وبذات تدرك تماما ان سبب غيابها عن البرتقال والطاحونة وقوس البيت هو هذا العدوان هو سبب عدم  عودنها الى مكان طفولتها ومسقط راسها ولا بد من فهم العلاقة بين اطراف العدوان الثلاثي، فبدأت رحلتها لتكتشف ان بريطانيا ( الطرف في العدوان ) هي صاحبة وعد بلفور الذي أسس لهجرتها ونكبتها، وان فرنسا هي بلد  يسلح عدوها الأساسي وان إسرائيل هي المنفذ الميكانيكي لوعد بلفور والنكبة وكل توابعها.

كبرت زينة  وفي عام 1965 بدات تتمرد على كل ما يحيط بها من تخلف واستبداد اجتماعي وسياسي وامتلكت كل أدوات الوعي وبذات  رحلتها النضالية وهي تقول كل صباح في اغانيها سأعود الى البرتقالة، سأسقط وعد بلفور ، وعاشت على هذا الحلم ولكنها نسيت انها تكبر وان عمرها في حرب 1973 اصبح 33 عاما وانها لا بد ان تتزوج وتكون اسرة وتعيش حياه طبيعية ، وهكذا حدث وتزوجت من شابًا جميلاً وسيمًا ذو ثروه ولكنه ما لبث حتى طلقها عام 1982 وهجرها وبدا يسخف كل ما كانت تروي له عن البرتقالة والطاحونة والقوس ، وعاشت بعد الطلاق حالة الضياع حتى وجدت زوجا اخرا عام1993 .

ولكن هذا الزوج لا يشبه أهلها ولا ثقافتها وهو  عجوز مترهل وكانه فقط لإنقاذ ما يمكن إنقاذه  من ما تبقى من العمر وقد أصبحت  في  بداية الخمسينات وبسبب عجزه العضوي والنفسي وشعوره بالتقصير، بدا هذا الزوج يتغاضى عن تصرفاتها اللاأخلاقية ولا يهمه ما يقول الناس ولم يعد للشرف والعفة والسمعة لها أي معنى اما زينة  لكي تتجنب ما حدث وكيف انها انزلقت في كل أنواع الوحل  ولكي تبدو كأنها ليست هي زينة فعملت على تغيير شكلها وطريقة كلامها واسمها لتصبح " أريئيل".

ترى هل  نحن مع زينة ام أريئيل ؟

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير