عدنان رمضان يكتب لوطن: هل يحق لنا ان نسائل نظامنا السياسي ودولتنا العتيدة؟

16.10.2016 09:09 PM

منذ حوالي العقد وبعد ان تسلم سلام فياض الحكومة وحتى الان ورغم تغير رئيس الحومة والحكومات ومسمياتها المختلفة من حكومات "كفاءات" او حكومات "مستقلة" إلى حكومة التوافق على الانقسام او حكومة التوافق على اللاتوافق،    والمهمة الاساسية التي تتكرر دائما وكانها لازمة يجب ان تتردد في كل مكان وأوان  هي : مهمة بناء الدولة وهذه هي والتي استبدلها اصحابها بالمهمة الاساسية التي عرفها الشعب الفلسطيني حتى ذلك الحين وهي مهمة التحرير والعودة وانهاء الاحتلال ومبررات ذلك قد تكون اننا نحتاج ان نثبت اننا بلغنا سن الرشد، واننا شعب راشد وكفؤ وقادر على بناء مؤسساته وادارة شؤونه بنفسه حتى دون انهاء الاحتلال وهذا ايضا لمجابهة العديد من التحديات ولاثبات خطا الاتهامات الكثيرة للمسؤولين والممولين الغربيين التي تعالت قبلها بسنوات لتطال ادارة القائد ابوعمار وتتهمه تارة بالفشل والفساد وتارة بتمويل الارهاب، وقلنا في حينه ان هذا الأمر  لن يقودنا الا إلى مزيد من التيه والفشل فهو مخالف لابجديات المنطق  ودولة تحت الاحتلال امر لا يستقيم.

لقد استطاع  التلاميذ النجلاء والنجباء في فلسطين تقديم اكثر من اثبات اننا نملك من الكفاءات والقدرات وان لدينا من المؤسسات القادرة على نيل استحسان بل اطراء البنك الدولي ومثيلاته من المؤسسات الدولية المتخصصة  في تعميق تبعية الشعوب والحاقها وقتل فرص التنمية الحقيقية فيها، وترافقت هذه مع هذه "النجاحات والانجازات" الفلسطينية الكبرى وخاصة في مجال جباية الاموال والضرائب  من جهة ومجال "الامن" من جهة اخرى  شهادات متتالية من التشجيع والتعزيز حيث استدعى الامر تربيتات التعبير عن الرضا على كتف القائمين على ذلك خصوصا من الجهات الاوروبية المتعددة والمتنوعة بين الحين والاخر، ولقد انتظر الفلسطينيون جميعا شهادة الكفاءة والتقدير من الامم المتحدة والتي لم يخيب الامال بقرار الاعتراف بفلسطين" دولة غير عضو" قبل اربعة اعوام ولم يتوقف منذ ذلك الوقت الحديث عن هذا الإنجاز.

ان الامر المهم هو ان الفلسطيني العادي لم يستطع ان يرى هذه النجاحات كما رأها المتخصصون والعالمون ببواطن الامور والمطبلون فهو لم يرى شيئا سوى ان حاله عكس ما يسمع وما يقولون تسير من سيء إلى أسوأ ، حواجزالاحتلال التي تزداد والمستوطنات التي تحبل وتلد على ارضنا وشوارع المستوطنات التي تخنقنا وتحيط بنا هو لم يرى اية ازالة لجدار او شيك او توقف ليوم واحد عن الاعتقالات او القتل والاعدامات اليومية وغيرها الكثير الكثير فمسيرة انجازاتنا في هذا المجال نبحث عنها فلا نجد الا تراجعا.

لكن هذا قد يكون حديث المتربصين المحبطين الذين لا يعجبهم العجب فلماذا لا نرى كيف تسير وتعمل مؤسساتنا على المستوى الداخلي انظروا إلى نظامنا السياسي  الديمقراطي مثلا - هذا ان كنا نستطيع ان ندعي ان لدينا نظاما سياسيا -نحن منقسمون على كل المستويات، ومنظمة تحرير وهيئاتها واطرها ليس لها مكان في الاعراب بل هي مدعاة للرثاء وعنوان لعدم الفاعلية بكل هيئاتها واذكر هنا من يحاجج  ذلك بقرار المجلس المركزي قبل اكثر من عام عن وقف التنسيق الامني وماذا كانت قيمته انظروا إلى المجلس التشريعي فقد تكون التجربة الفلسطينية  تصلح لان تكون تجربة تدرس كنموذج للفشل، حتى انه على مستوى المجالس المحلية قدمنا نموذجا جديدا في الشهرين الاخيرين ايضا يؤكد على تفردنا وتميزنا   واننا نصلح لان نكون قدوة، وحتى لا نقع في فخ التعميم فان اغلبية الاحزاب والحركات وكذلك الكثير من المنظمات غير الحكومية هي هي جزء من هذه المنظومة  والتي قد تكون تحولت إلى عبيء على المجتمع بدل ان تكون عونا او علامة قوة و تقدم وتطور.

القضاء الامل الباقي  وهو الملاذ الاخير للمثقلين الضعفاء ..دعونا نسال هل هو بخير ؟ وماذا سيقول عنه الفلسطينيون وهم يرون القيادة السياسية تتهمه وتطعن في مصداقيته حينا وتتلاعب به وتستخدمه في مناوراتها السياسية حينا اخر  وقد  ظهر النزر اليسير من جبل الثلج  في هذا المجال، ودعونا ننظر الى حال مؤسساتنا التعليمية والصحية هل قدم لنا القائمون على هذه المقولات اماكن ومدارس ليعلموا فيها ابنائهم ..  اين يدرس ابناء المسؤولين في دولتنا العتيدة ؟ اين يتعالجون ؟ هل في المؤسسات الصحية والمستشفيات الحكومية هل يتوجهون لها عند اي توعك؟  قضية الفقيدة فائدة الاطرش كشفت تخبط وضعف المؤسسة والنظام ليس الصحي فحسب بل النظام باكمله وعدم ثقة الناس بكل ما يصدرعنه وطريقة موت الشاب يوسف السوداني المأساوية  في طرقات رام الله  تعبير عن الحالة  التي اوصلنا اليها القائمون على الامر.

هل يعاني ابناء المسؤولين من البطالة  انظروا حال العمال الفلسطينيون يصطفون بالالاف على امل تصريح للعمل حتى في المستوطنات اكثر من 30 الف فلسطيني يبنون هذه المستعمرات والاعداد بازدياد خريجو معاهد وجامعات جزء كبير من جيش فلسطيني لا يجد قوت يومه  والدولة لم توفر له سوى تصريحات التهديد والوعيد والاذلال لانه يساهم في بناء المستعمرات التي تخالف القانون الدولي - والعامل لا يعرف القانون الدولي-  يعرف انه يتهرب ويخاطر ويعيش ظروف لاانسانية  لم تعيشوها او تتصوروها ليصل  إلى ما تسموه مخالفة او اكثر من ذلك  وما يسميه هو فرصة لشراء الخبز  وملابس الاطفال  ووقود الشتاء  فهو لا يفرق بين أفرات وتل ابيب او معاليه ادوميم وعين كارم  كلها بالنسبة له تساوي الاحتلال ان كنتم لا تعلمون.

الدولة والقيادة السياسية تنتج بضاعة لا تثق بها وتبيعها للانسان العادي وتريده ان يشتريها ويثق بها ، ومن فرط الانهيار تحولت في زمننا هذا علامة المحتل التجارية   إلى اقوى واكبر وسيلة تسويق رغم اننا نعلم جميعا وتعلمنا على جلودنا ان مشروعه باكمله قائم على الكذب والغش والتزييف والسرقة ولكنه حتى في هذه الحال وفي كثير من المواقف والاوضاع يراه البعض محل ثقة في مجتمعنا الفلسطيني اكثر من ثقتنا بمنتوجنا اكان هذا المنتج ماديا او خدميا او معنويا  فأي فشل هذا الذي وصلنا اليه.

دولتنا التي ترى في الانسان الفلسطيني اغلى ما نملك وهو الاساس واكبر الثروات ومستقبل الامة لكنها لم تحدد له ولنا اين االطريق أو اين الوجهة التي نمضي اليها، لا توجد للمواطن خريطة طريق واضحة رغم انه يسمع وسمع الكثير عن خارطة الطريق، فقيادتنا لم تقل له اين تبدأ الدولة واين تنتهي وهل حيفا ويافا هي مدن الجار   ام ارثنا الباقي إلى الابد، الدولة الفلسطينية  وقادتها لا تفوت فرصة لادانة العنف والإرهاب ولم تقل لابنائها اين ينتهي الكفاح واين يبدأ الإرهاب فاغلب الفلسطينيين ترى  فيما يطلقون عليه بلغة اليوم ارهابا  يرون في ذلك عنفا ثوريا وكفاحا كفلته الشرائع في الدفاع عن النفس، المهم هو في اننا ننتظر الإجابة  عن ما هو الانسان الجديد الذي تعمل المؤسسات الفلسطينية على بنائه، أهو الفلسطيني الصامد المؤمن بحقه والمكافح  لبناء ذاته ومجتمعه متسلحا بالارادة والمعرفة والاستقلال؟  ام هو الفلسطيني المطبع المنافق المطواع عديم الحيلة الذي يركض خلف اوهام المجتمع الاستهلاكي والشقة والسيارة ؟  ام ان ذلك كله  ليس جزء من الحكاية أو الأجندة؟ سمعنا عن الانسان الفلسطيني الجديد ورأينا بعضا من نتائج ذلك في التعامل مع حرية الرأي والتظاهر والاحتجاج.

يا اصحاب هذا المشروع  حدثونا عن انجازات قدمها هذا النظام والدولة ويستطيع الفلسطيني أن يفخر بها في اي من المجالات بعد اكثر من عقد من الزمان أكان ذلك في مجال الزراعة والصناعة والبنية التحتية وغيرها؟ رغم ان لدينا نسبيا  أكبر جهاز وظيفي بيروقراطي ينتظر دفعات المانحين على رأس كل شهر؟ فهل  يحق لنا ان نسال هل ساعدنا هذا الجهاز على ان نتقدم في حياتنا؟ ام تحول إلى اداة للابتزاز والتحكم السياسي من المنتفعين والمانحين وتحول ايضا إلى عبيء كبير على دافعي الضرائب من الفقراء الفلسطينيين.

لقد تحولت دولتنا ونظامنا السياسي باجمعه إلى نظام غريب عن اهله وشعبه وتحول   إلى مجموعة مصالح دولية واقليمية يتم التلاعب والتحكم بها خدمة لهذه المصالح والى بعبع يتم اسكات الفلسطينيين به بطابور المطبلين والمزمرين  واسئلتهم المكرورة حول كيف سنعيش دون هذا الجهاز الضروري؟ هل نستطيع ان  نفكر ونتصور ونتحاور في مسالة هل ستكون حياتنا دون هذا المشروع وهذه المنظومة  مأساة المآسي؟ وهل الثمن الذي سندفعه ويدفعه شعبنا وقضيتنا اكبر مما دفعنا حتى الان  في سبيل هذا المشروع .. هل هو حقا ضروري ؟؟؟؟

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير