خالد بطراوي يكتب لوطن: زينه والله زينه

17.10.2016 07:22 AM

كلام زينه ونحن نمشي ليلا عميق ودقيق يدعوني للتفكير ... تقول لي " اسمع .... لا يوجد ديمقراطية ولا ما يحزنون ... كافة الانظمة الاجتماعية عبر التاريخ .. فرضت نفسها بالقوة ". تنهي جملتها .. وتتركني أسبح في بحر تأملاتي.

أقول لها وقد توقفت عن السباحة في بحر تأملاتي أنا الذي يغرق في شبر ماء " لكن السياسة تعبير مكثف عن الاقتصاد" ... تطلق ضحكتها .. تقف قليلا عن المشي وتضيف " أسمع ... السياسة قذرة".

اعود مجددا الى السباحة فأغرق ... هل فعلا فرضت كافة الأنظمة الاجتماعية نفسها بالقوة ؟ وهل السياسة فعلا قذرة؟ ضربتان موجعتان لعقلي وجهتهما زينة لاعبة الكاراتيه.

أقول لها هل صادفت موقفا اضطررت فيه لاستخدام مهارة الكراتية، تجيبني أن الرؤيا الأساسية لفلسفة رياضة الكراتية هي أن يضبط انسان الكراتيه نفسه، لكن في أحلك الظروف لا بد من استخدام القوة .. وقد استخدمتها.

اذا .. هذه هي المعادلة ... أنظمة اجتماعية فرضت نفسها بالقوة ... السياسة قذرة ... ضبط النفس الى أقصى درجات .. وان لزم استخدام القوة.

لله درك يا زينة ... يا لاعبة الكراتيه ... أختصرت تاريخ البشرية بجملة مقتضبة مكثفة عميقة أطاحت (وأنت الحائزة على الحزام الأسود) بكافة نظريات تطور المجتمع اليمينية منها واليسارية ... ضربة لماركس وأخرى لانجلز وثالثة لجان جاك روسو ... ورابعة للينين ...   وهكذا ... وتقولي لي أنك تحاولى ضبط النفس ما أمكن وان لزم استخدام القوة .. فليكن.

أعود للبيت وقد تعبت ليس من رياضة المشي بل من هذه الجملة المتعبة جدا ... أنتقل الى الانتاج .. وعلاقات الانتاج ... على مر التاريخ والعصور ... وبضمن ذلك عصر الرق والعبودية والاقطاع والرأسمالية والمونوبوليا والاحتكارات ورأسمالية الدولة الاحتكارية لأصل الى تسلسل تشكل الطبقات الأسياد والعبيد، الأسياد والفلاحين، الرأسماليين والطبقة العاملة، التقسيم الماركسي للطبقات طبقة عاملة وطبقة فلاحين وطبقة رأسماليين ، ومع تطور التاريخ تشكلت طبقة جديدة هي طبقة الـ NGOs ولا أريد الخوض في الكمبرادور الذين هم جزء متقدم من طبقة الرأسماليين ...

وأغرق أكثر فأكثر في كتابات مثل بليخانوف بعنوان " دور الفرد في التاريخ" وكتاب ديمتروف " الفاشية والطبقة العاملة " وكتاب كاجرلتسكي " تمرد الطبقة الوسطى" وكتاب الاستاذ ربحي قطامش " الطبقة العاملة الفلسطينية في مواجهة الكولونيالية" وكتاب " المادية والثورة " لجان بول سارتر ... وأغرق أكثر فأكثر ولا أدري حقا الى أي قاع سأصل.

أوتدرون ... أيها الأحبة ... رغم ازدياد حدة الفرز الطبقي في العالم ... الا أن الصراع الطبقي خفت وتائره ... فلم نعد نشهد تحركا طبقيا لا عالميا ولا اقليميا ولا محليا ... لم نعد نسمع اضرابا عماليا شهيرا كاضراب عاملات النسيج الذي كرس لاحقا الثامن من آذار يوما للمرأة العالمي ... ولم نعد نسمع حناجر تصرخ "نحن جوعى" تماما كما ردد العمال المصريين ذلك ضد الفرعون رمسيس الثالث فيما عرف بأول اضراب عمالي في التاريخ رغم ازدياد الجوع في العالم، ولم نعد نعرف حتى لماذا الأول من أيار عيد العمال العالمي .. فقط للنضال من أجل تحديد ساعات العمل اليومي ب 8 ساعات ... واضراب ساحة "هاي ماركت .. ولا أحد يتذكر الان منظمة " فرسان العمل" التي شكلها عمال صناعة الملابس والأحذية والأثاث والمناجم في فيلادلفيا عام 1869. ولم نكن صغارا عام 1977 عندما تم دهس وقتل 37 شخصا في ساحة " تقسيم" في تركيا في عيد العمال العالمي.

يزداد الفرز الطبقي ... وتزداد عملية "تدجين" الطبقات الكادحة من خلال القوى التي تدعي أنها تتبنى فكر الطبقة العاملة والتي "فرّخت" مؤسسات " المجتمع المدني" أو " الـ NGO" ومن خلال التذرع بأن القوانين الجديدة وبضمنها قوانين العمل تكفل للكادحين حقوقهم.

السؤال ... هل سيدوم ذلك طويلا ... هل سيحتدم الفرز الطبقي ليبلغ الصراع الطبقي ذروته؟ وما الفرق بين الدكتاتوريات .. دكتاتورية الرأسماليين أو دكتاتورية الطبقة العاملة ( البروليتاريا)  التي دعا اليها لينين؟  وتقول زينة " فيش فرق بين الديكتاتوريات   ... حتى لو كانوا وطنية او قومية  ... كلهم بسبحوا في نفس الطاسة .. الدم".

أوتعرفوا ... الأفضل أن أتوقف عن هذه الهلوسة ... وأردد تلك الآغنية التي تقول " زينة الحلوة زينة " والتي ورد فيها " اسمك يا زينه والله محفور في قلبي" مع تغيير بسيط " فكرك يا زينة والله محفور بقلبي".

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير