ولم هذا الاحراج ؟

21.10.2016 12:25 PM

 كتب: حمدي فراج: في عام 1988 ، اختار اسحق شامير مرشح رئيس الوزراء عن حزب الليكود انذاك ، مستوطنة أفرات ، مكانا لانطلاق حملته الانتخابية ، كانت ما تزال أشبه ما تكون ببؤرة ، ويقطنها المئات فقط  او ربما أقل ، ووعد ان يدعمها حتى تستطيع اخذ مكانها ومكانتها الحقيقية ، وتحدث عن موازنة تصل الى عشرة مليار دولار كي تستعيد اسمها التوراتي بدلا من الاسم الكنعاني لبيت لحم .

اليوم ، وبعد مضي نحو ثلاثين سنة ، نرى افرات مدينة كبيرة مترامية الاطراف ، تمتد من حدود اراضي بيت امر شمالي الخليل واراضي سعير وتقوع وبيت ساحور حتى تلتقي بهار حوماة "جبل ابو غنيم" المستوطنة الجديدة التي اقيمت بعد توقيع اتفاقية اوسلو ، كما انها تتصل بمستوطنة كفار عتصيون المقامة قبل ان تقوم اسرائيل باحتلال الضفة الغربية عام 1967 . لكن القاسم المشترك بين عصيون وافرات ، انهما ظلتا مفتوحتين قابلتين للتمدد بدون اية حدود معلنة . وقد وصلت من التوسع والمصادرة انها اتت على عشرات القرى الفلسطينية في ارياف بيت لحم والخليل ، واصبح لها اشارات ضوئية وشواخص تشير الى شمالها وجنوبها ومركزها ، يقطنها الالاف من جنسيات مختلفة ، بما في ذلك المنحدرون من روسيا المنحدرة من الاتحاد السوفياتي المفكك ، حيث قادموه الجدد ناهزوا المليوني شخص ، كان جل متطلبات قبول الذكر ودخوله عبر المطارات ان يكون مختونا ، وحين يكتشفون انه ليس كذلك ، كما الاغلبية الساحقة منهم ، فإنهم يقومون بختنه . لكن الاهم ان افرات  اصبحت جزءا من "اورشليم الكبرى" . وحين كانت المفاوضات تتحدث عن مبادلة ارض بين الجانبين ، "مساوية في المساحة والقيمة" كان المقصود افرات والاراضي التي استولت عليها ، حيث عشرات المستوطنات الاصغر والتي تدور كلها في فلك المدينة الاستيطانية الام "افراتا" .

في عيد العرش الاخير ، قام العشرات من الفلسطينيين في الخضر ووادي النيص وبعض قرى الخليل بتشكيل وفد مخاتيري ، بزيارة المستوطنة لتهنئة رئيسها بالعيد ، واثار الخبر اسرائيلي المصدر ، موجة من الاستهجان والاستنكار لدى الجانب الفلسطيني الرسمي والشعبي ، وبدا ان اعضاء الوفد نكرة بلا اسماء ولا مسميات ، حتى وصل بنائب المحافظ اعتبارهم ممن يعيشون في كنف المستوطنة ، وان عددهم لا يتجاوز اصابع اليدين ، وليس مئة وعشرة اشخاص كما جاء في التقارير الاسرائيلية . وانه سيتم ملاحقة هؤلاء بالطرق القانونية .

في عام 1994 ، اي قبيل وصول السلطة الى بيت لحم ، اجرت صحيفة نيويورك تايمز الامريكية حوارا مع رئيس مجلس قرية وادي النيص الذي كشف عن تزاور مشترك في الافراح والاتراح ، و عندما سئل عن رأيه في تفكيك مستوطنة افرات ، أجاب : ولم هذا الاحراج .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير