رنيم الصفدي .. فلسطينية تطوّع الحديد

22.10.2016 12:42 PM

رام الله- وطن- مي زيادة: كان عدد من الرجال والاطفال والنساء يتجمعون امام ورشة في بلدة عوريف، جنوب نابلس يصدر عنها صوت منشار ( ديسك) يقص الحديد والشرار يتطاير منه. وعندما اقتربنا زال العجب، فمن يمسك بالمشنار، سيدة! نعم سيدة فلسطينية تعكس ملامحها الاصرار والاستعداد لخوض اي مهنة، فهي لا تعترف بأن المهنة تتبع الجنس.

لم تكترث لأصوات الناس المتعجّبة والمستنكرة من عملها في مهنة الحدادة.. تُمسك قضيبًا سميكًا من الحديد تضعه على طاولة لتقوم بقصّه وتصمّ أذنيها عما تتناقله ألسن المارة، امتهنت الحدادة ووقفت في وجه من يقول أن يديها الناعمتين لايقويان على هذه المهنة الصعبة وأن الظروف هي أصعب من آله القص واللحام.

رنيم الصفدي (30 عاما) من بلدة عوريف جنوب نابلس، بدأت العمل إلى جانب زوجها في الحدادة، قبل اربع سنوات، فظروف الحياة ومتطلباتها كانت أقوى، فساندت زوجها وانخرطت في العمل معه ، لتأمين لقمة العيش.

تقول الصفدي لـ"وطن"، بدأ زوجي في ورشة الحدادة حيث كان يمتهن هذه الصنعة، فكانت البداية صعبة، هو كان جديدًا في السوق ولي لديه  اي زبائن، ولا يسمح دخله لتوظيف عمال اخرين ، فاخذت  اساعده شيئًا فشيئًا حتى تعلمت المهنة واصبحت اتقنها جيدًا، والان أعلم كل انواع الحديد، واسعاره وكيفية تركيبه، حتى اذا أتى اي زبون ليشتري أتولى الامر عن زوجي واساعده.

ابنائي يساعدوننا ولكني أوجههم للتعليم

وتتابع: ورشة الحدادة في منزلنا، ابدأ العمل فيها من الثامنة صباحًا، لدي أربعة أبناء، أكبرهم فتاة تبلغ من العمر 13 عاما، نصطحبهم معنا عندما نذهب انا وزوجي لتركيب ورشة، حتى يتعلّمو الصنعة، على الرغم من أنني حريصة على أن ينهوا تعليمهم، وخاصة الفتاة فالشهادة مهمة جدا، لايعلم الواحد ماذا يخفي له الزمان.

الزبائن يستغربون عملي في مهنة خشنة

وتقول الصفدي، مايصادفني خلال عملي غريب لكني اعتدت عليه، فكل منزل اذهب لتركيب ورشة فيه، يسألني أهله: "ليش بتشتغلي هالشغل؟"، وتضحك متابعة حديثها: "اعتدت على هذه الاسئلة، فهي اصبحت روتينية، وهو سؤال متوقع فكثير من النساء يعملن ولكن ليس بمهنة كهذه صعبة وخشنة وذكورية بامتياز، فكنت اردّ عليهم بأن الشغل مش عيب، واي شغل بتقدر المرأة تشتغلو مش غلط، وانا بساعد زوجي لأكوّن مستقبل جيد لأولادي، لا أعرف نفسيات الناس، هناك من يتقبل وآخرين نفوسهم مريضة".

وتضيف، "أنه في بداية أي عمل سيكون صعبًا، والجسم قد مابتعود قد مابصير يتحمل، والصعوبة الاكبر كانت ومازالت لدي أنني كيف سأوفّق مابين منزلي وعملي واولادي، ابدأ العمل الساعة الثامنة صباحا وانتهي مع اذان المغرب، لكن خلال اليوم ادخل الى البيت أطبخ واعد الشاي والقهوة، ومن بعد المغرب حتى الثانية عشرة صباحا انهي اعمال المنزل".

وتتابع، "كنت اعمل في الحدادة وانا حامل، حتى بعد وضعي لأولادي لا أجلس في المنزل كثيرًا بل اعود للعمل ومساعدة زوجي على الفور، في النهاية هذا عملي واريد ان انظمه واحافظ عليه، واساعد زوجي، ورغم تحسن وضعنا المادي الا انه من الصعب أن يأتي زوجي بعامل ليساعده لانه سيستغرق وقتا في فهم اصول المهنة، لذلك سأبقى مع زوجي، فقد اعتدنا نحن الاثنين على بعض، من الجميل للمرأة ان تعمل مع زوجها، فهي بذلك تكوّن إلى جانب العلاقة الزوجية علاقة صداقة".

زوج رنيم: افتخر بزوجتي 

بدوره، عبر أمجد الصفدي زوج رنيم عن فخره بزوجته رنيم، وقال: الناس سوف تقول سواء عملت زوجتي بالحدادة او بأمر آخر، لا يهمني ماذا يقولون بل المهم أن لانضطر لسؤال الناس.

ويضيف، تعرّضت لحادث اضطرني للجلوس في البيت دون عمل، فكانت نسبة الاعاقة لدي 75%، وأصبت بخلل في الدماغ، مااضطر زوجتي للعمل لتساعدني، وبدأت تتعلم المهنة رويدا رويدا.

ويقول: اليوم تطور كل شيء، وأصبح هناك آلات تستطيع المرأة ان تعمل عليها بكل أريحية، وسهلة للاستخدام.

تصميم وتطوير