عملية المكبر ، هل تكون خشبة انقاذ ؟

09.01.2017 09:55 AM

كتب: حمدي فراج

جاءت عملية الدهس في المكبر لتكون خشبتي انقاذ لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ، الاولى لكي تنقذه من سلسلة التحقيقات معه على خلفية الفساد والرشى والمقتنيات ، والتي كانت قد بدأت الاسبوع الماضي بعد تردد الشرطة طويلا في فتحها ، واستغرقت الجلسة الثانية ضعف مدة الاولى (خمس ساعات) ، مما يدل على ان الامور جدية ، بعكس ما صرح عقبها ، بل ان وسائل اعلامية هامة اشارت الى وجود تسجيلات موثقة لدى الشرطة تؤكد تورطه .

الخشبة الثانية التي من شأنها انقاذه من تداعيات القرار الاممي في مجلس الامن ادانة الاستيطان ووقفه في الضفة الغربية مقدمة لقيام الدولة الفلسطينية فعليا ورسميا هذه المرة ، وهو الامر الذي ترتب على الموقف الامريكي النوعي، او بالادق ، المختلف ، الذي تمثل في الامتناع عن التصويت المغاير تماما لكل التاريخ الامريكي الذي كان يسارع الى اشهار الفيتو في وجه اي مقترحات تمس هذه الدولة ، حتى لو بالكلام ، تبعه خطاب وزير الخارجية جون كيري ، الذي اثار الحفيظة الاسرائيلية ، ودفع نتنياهو ان يصفه بالمهووس وخيبة الامل ، لكنه تنبه الى ان جعبة اوباما مازال فيها سهما آخر يوجهه لاسرائيل قبل مجيء المخلص دونالد ترامب .

ولهذا نرى ان نتنياهو سيتشبث بعملة الدهس بيديه واسنانه ، فقد سارع بصحبة وزير دفاعه لمعاينة الموقع ، ووقف على اطلالها المحاذية لجبل المكبر ، وبدا مندهشا وحزينا من جهة ، و صقرا جارحا من جهة اخرى ، اراد ان يظهر كزعيم عالمي ، فرنسيا او ألمانيا ، يلاحق الارهاب في مستوطانته ، وحرص ان يعلن عن معرفته بهوية المنفذ ، الذي كان بقية الجنود قد امطروه باثنتي عشر رصاصه قبل ان يترجل من شاحنته ، حرص ايضا ان يصرح بانتمائه الداعشي ، نفس التنظيم الذي وقف وراء عمليات الدهس في نيس وبرلين ، ولكي تستمر الخشبات في اداء دورها الانقاذي ، اعلن عن اجراءات عقابية فورية ، كاعتقال العائلة والاصدقاء والزملاء ، ومنع تسليم الجثمان ومحاصرة البلدة كلها ، وهي اجراءات عادية جدا في فلسطين يتم اتخاذها ازاء كل "عملية" حتى لو قام بها طفل يحمل سكينة فواكهة .

الى هذا الحد يعرف نتنياهو ان ذلك لا يخلصه من مآزقه ، ولن ينقذه مما اقترفت يداه على مدار سنين حكوماته ، وربما بدأ يدرك ايضا ان ترامب(ه) نفسه لن يستطيع القيام بالمستحيلات ، لكن عملية الدهس يستطيع ان يواصل امتطاء موجتها لاطول مدة ممكنة ، عبر اجراءات بعيدة المدى ، كهوية سكان جبل المكبر الاسرائيلية وشاحناتهم ذات اللوحات الصفراء ، وقد يطول الاجراء سكان القدس قاطبة ، هوية ولوحات .

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير