خالد بطراوي يكتب لـ"وطن": الولايات المتحدة الفلسطينية

16.01.2017 07:32 AM

لا تستغربوا أيها الأحبة العنوان مطلقا، ولم يأت محض هلوسة سريعة بل عميقة أيضا، وكمحصلة لارهاصات عديدة حتمتها معطيات اختزال القضية الوطنية الفلسطينية على نحو يتلاشى معه – في الافق المنظور - حلم اقامة دولة وطنية فلسطينية مستقلة عتيدة.

ولعل التصريح الذي أطلقة نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الدكتور موسى أبو مرزوق بالقول " إن الكونفدرالية مع الضفة الغربية أحد الحلول وأفضل من استمرار الانقسام الفلسطيني"، لم تصدر عنه اعتباطا أو هباءا منثورا وانما عن رؤيا تعطي مفاضلة بين استمرار حالة الانقسام أو انشاء علاقة ما، بدلا من القطيعة التامة القائمة حاليا بشكل مبطن أو علني. وهي أيضا تعطي مؤشرا على قناعة قيادة حماس بان انهاء الانقسام ليس منظورا في الافق القريب ليس بسبب عدم رغبة من طرف واحد فقط بل من طرفي الانقسام، وبالتالي على كافة الجهود التي تبذل لاحداث حالة ضغط شعبي لانهاء الانقسام أن تتوقف فلا يجدي نفعا " النفخ في قربة مخزوقة".

بالاضافة الى ذلك، علينا أن لا نتناسى " محراك السو" أي اصبع الاحتلال الذي يكرس ويطرب لحالة الانقسام ويعززها من خلال استمرار امتناعه عن تحقيق حالة من التواصل الجغرافي ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة التي لو حصلت على أرض الواقع لربما خففت من حالة الانقسام اللهم الا اذا قامت حركة حماس في قطاع غزّة بفرض قيود على تنقل الغزيين الى الضفة الغربية واذا قامت حركة فتح من خلال السلطة الوطنية الفلسطينية بفرض قيود على تنقل أهل الضفة الغربية الى قطاع غزة.

ومما لا شك فيه، أن الدول التي رعت ما سمي باتفاقيات السلام تناست عمدا أهمية أن تخلق حالة التواصل الجغرافي تعميقا للانقسام الفلسطيني الفلسطيني ، ما يستوجب تحركا دبلوماسيا فلسطينيا وربما ضغطا من بعض الدول النافذة وبضمنها على سبيل المثال لا الحصر ... الدب الروسي الذي عاد ليقول كلمته في بعض المحطات الساخنة.

ولو أجرينا استطلاعا سريعا في قطاع غزة حول ما الذي ينشده أهلنا هناك لقالوا على الفور ودونما تردد " فتح المعابر ... وتحديدا الرئة المصرية"، وذات الاجابة ستكون في الضفة الغربية حيث " الرئة الأردنية" ، والفصائل الفلسطينية قاطبة لم تعارض مبدأ الكونفدرالية (أو الفيدرالية) مع الأردن أو مع مصر أو مع كلا البلدين لكن اشترطت قيام الدولة الفلسطينية أولا، لكنها لم تفكر مطلقا بمسألة الكونفدرالية ما بين قطاع غزة والضفة الغربية.

وكرست التجربة السريعة لاعلان لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية عن موعد اجراء الانتخابات للهيئات المحلية أول مرة قبل أن يصدر قرارا قضائيا بوقفها ومن ثم تأجيلها، مؤشرا لعنوان هلوستي حول الولايات المتحدة الفلسطينية.

فما أن أعلن عن الموعد النهائي لتشكيل القوائم، حتى جرى حراك لا مثيل له اصطبغ بحالة من التشرذم والتخبط، فمن ناحية تشكلت قوائم تابعة لحركة فتح في الضفة الغربية، وتشكلت أيضا قوائم لتحالف اليسار، وتشكلت قوائم مستقلة تجمع أعضاء أو محسوبين على حركة فتح واليسار، وامتازت معظم الكتل بتشكلها على أسس لا ندري عنها في علم الانتخابات شيئا، وكان لزاما ان يكون على رأس كل قائمة ابن المدينة نفسها وليس لاجئا و/أو قادم جديد من مدينة أو قرية أو مخيم الى مدينة أخرى فلسطينية ( عولية حداش وهو الوصف العبري المستخدم للقادمين الجدد لأرض الميعاد).

على نحو بتنا نخشى مستقبلاً أن ننتقل من مدينة فلسطينية الى أخرى ونكون بحاجة الى تأشيرة دخول من ولاية رام الله الى ولاية نابلس أو جنين أو طولكرم أو قلقيلية أو بيت لحم أو بيت ساحور أو بيت جالا أو أريحا أو الخليل أو مدينة روابي المستحدثة.، أو في قطاع غزة ما بين مدينة غزة وبيت حانون وبيت لاهيا وجباليا وخانيونس ورفح ومن المعسكرات الوسطى الى معسكر الشاطىء أو الى قرية عبسان الكبيرة أو الصغيرة او بني سهيله أو خزاعة أو الدهنية. وقد يتطور الأمر لنحتاج الى تأشيرات في داخل كل ولاية ومن خربة لاخرى.

ربما لذلك استباقا ولقطع طريق على هكذا تطورات سلبية طرح الدكتور أبو مرزوق مسألة الكونفدرالية باعتبارها " أفضل أسوأ الحلول" بالمقارنة مع استمرار حالة الانقسام، على الاقل بالكونفدرالية يكون هناك ترتيبات وتفاهمات وليس قطيعة تامة.

لا أقول ذلك تأييدا أو تشجيعا للفكرة وليس استهتارا ابدا وانما تحذيرا، انهاء الانقسام لا يتأتى بتصريحات نارية أو بتشكيل لجان وتجمعات لشخصيات، انهاء الانقسام يحتاج أولا الى ارادة سياسية لشقي الانقسام وثانيا الى فعل على أرض الواقع، وثالثا الى تحرك عملي للفصائل التي تقف على هامش شقي الانقسام باسناد جماهيري سيلقى قمعا وتنكيلا واعتقالات هنا وهناك.

وفي مجال انتخابات الهيئات المحلية لا بد من التجرد من عقلية المحاصصة والفصائلية والعشائرية والعائلية والاحتكام الى المهنية والعلم والمقدرة والجاهزية والابتعاد أيضا عن رؤية العضوية في أي هيئة محلية كموقع اجتماعي وبرستيج.
وللحديث شجون وبقية.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير