ترامب كان الفيل داخل قاعة مؤتمر السلام في باريس

16.01.2017 10:59 AM

وطن: يكتب موفد "هآرتس" الى مؤتمر باريس، الصحفي الاسرائيلي براك ربيد

ان عشرات وزراء الخارجية من الدول المشاركة في مؤتمر السلام في باريس، توجهوا تباعا الى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، الذي وقف في منتصف القاعة، وقام بعضهم بمصافحته، والبعض الاخر بمعانقته، وطلب قسم ثالث التقاط صورة معه. لقد كانت هناك اجواء وداع من قبل المجتمع الدولي لإدارة اوباما، وعلاج جماعي لدول العالم تمهيدا لدخول الرئيس المنتخب الى البيت الابيض بعد خمسة ايام.

الفيل في قاعة المؤتمر لم يكن الا دونالد ترامب. العصبية والتخوف مما سيحمله العشرين من كانون الثاني، كان بارزا في خطابات الكثير من وزراء الخارجية، خاصة في خطابي المضيفين الفرنسيين. عدم اليقين بشأن السياسة الخارجية المستقبلية لترامب، يشمل كل جزء في العالم تقريبا، لكن الشعور هو انه يبرز بشكل خاص في الموضوع الاسرائيلي – الفلسطيني. السؤال الذي لم يطرح مباشرة لكنه كان يحلق في الاجواء هو هل سيكون مؤتمر باريس اخر مؤتمر للسلام، على الاقل خلال السنوات الاربع القادمة.

تصريحات ترامب ومستشاريه بشأن نقل السفارة الأمريكية الى القدس، تعيين مؤيد الاستيطان ديفيد فريدمان سفيرا في اسرائيل،  رد الرئيس المنتخب على قرار مجلس الامن في موضوع المستوطنات، وخطاب كيري وفرح قادة اليمين ولوبي المستوطنين في اعقاب فوز ترامب في الانتخابات، كانت مجرد جزء من الاسباب التي تثير هذا التخوف الكبير في صفوف الكثير من وزراء الخارجية الذين شاركوا في المؤتمر.

لقد اكد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، وكذلك فعل وزير خارجيته جان مارك ايرو، ان هذا المؤتمر يهدف الى بث رسالة الى الادارة الأمريكية الجديدة تقول ان هناك اجماع دولي حول الحاجة لدفع عملية السلام الإسرائيلية – الفلسطينية بناء على حل الدولتين. وكانا على حق. فلقد حضر وزراء خارجية الدول الاوروبية بتركيبة كاملة، وكل الدول العربية السنية التي يطمح نتنياهو الى تحقيق اختراق معها ارسلت وزراء خارجيتها، بل حتى الكثير من الدول الافريقية التي يغازل نتنياهو اصواتها في الامم المتحدة، وصلت للإعراب عن دعمها لإقامة دولة فلسطينية. لكن الاجماع ساد حول الحدث الصغير – المعارضة الشاملة لنقل السفارة الامريكية الى القدس، والتخوف من ان يؤدي ذلك الى تصعيد في الشرق الاوسط.

كما وقف ترامب في مركز معايير الدول التي عارضت المؤتمر، كإسرائيل. خلال جلسة الحكومة، امس، قال رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وكأنه يدير قائمة يأس ولا يمكنه انتظار دخول الرئيس الجديد الى البيت الابيض، ان "هذه هي الحشرجة الاخيرة لعالم الأمس. عالم الغد سيبدو افضل وهو قريب جدا". نتنياهو يحلم منذ عدة اسابيع بأول لقاء بينه وبين ترامب في الغرفة البيضاوية، والذي سيتم، كما يبدو خلال الأسبوع الاول من شهر شباط. لقد انتظر هذا اللقاء طوال ثماني سنوات.

كما شكل الرئيس الأمريكي المنتخب عاملا مركزيا في اتخاذ قرارات من قبل دول مثل روسيا وبريطانيا، والتي تحفظت من المؤتمر وارسلت اليه ممثلين على مستوى منخفض. الروس يريدون استغلال عهد ترامب من اجل تحقيق حلمهم متعدد السنوات بعقد مؤتمر سلام في موسكو، او على الاقل استضافة لقاء بين نتنياهو وعباس. والبريطانيين الذين يمرون في اوج الانفصال عن الاتحاد الاوروبي، يبذلون كل جهد من اجل تمييز انفسهم عن كل ما يتعلق بسياسة ادارة اوباما، ولكي يلائمون سياستهم مع ما يعتقدون انها سياسة ترامب.

ولكن، ربما يصاب اولئك الذين يتخوفون من ترامب واولئك الذين ينتظرونه بقليل من خيبة الامل. جلسة الاستماع الى وزير الخارجية الأمريكي الجديد ريكس تيلارسون، ووزير الدفاع الجديد جيمس ماتيس، اوضحت ان سياسة ادارة ترامب في كل موضوع، وفي الموضوع الفلسطيني ليست مبلورة تماما، في افضل الحالات، او غير قائمة بتاتا، في أسوأ الحالات. صرخات الاوروبيين والفلسطينيين وفرح نتنياهو والمستوطنين قد يتضح بأنها سابقة لأوانها. حتى ترامب ورجاله اوضحوا خلال الأسابيع الاخيرة، بأن دفع عملية السلام بين اسرائيل والفلسطينيين سيطرح في مكانة عالية على جدول اولوياتهم. وسنكتشف قريبا كيف سيفعلون ذلك. لكنه من غير المؤكد انهم يعرفون ذلك الان.

تصميم وتطوير