الحادث في ام الحيران – علامة فارقة وخطيرة في العلاقات بين إسرائيل والبدو

19.01.2017 10:48 AM

يكتب عاموس هرئيل، في "هآرتس" ان الحادث الذي وقع في النقب، فجر امس، والذي قتل خلاله مواطن بدوي وشرطي، يشكل علامة فارقة وخطيرة في العلاقة بين اسرائيل والبدو في النقب. الحملة التي قامت بها الشرطة لهدم بيوت قرية ام الحيران تعقدت وتدهورت الى مواجهة عنيفة، وحسب رواية الشرطة فقد قام المواطن يعقوب موسى ابو القيعان بدهس الشرطي ايرز (عمادي) ليفي، وعندها تم اطلاق النار عليه وقتله من قبل افراد الشرطة الآخرين. واسهمت اصابة رئيس القائمة المشتركة النائب ايمن عودة بعيار اسفنجي، بصب الزيت على النار.

لقد ادعى مواطنون بدو صباح امس، انه تم قتل السائق من دون أي سبب. هذا الادعاء يثير التشكك، أن الحقيقة هي انه قتل خلال الحادث شرطي تم دهسه. ومع ذلك، فان رواية الشرطة، ايضا، تحتم عرض اثباتات اخرى. قبل عدة اشهر فقط، اتضح ان ما تم وصفه في البداية كعملية دهس في شعفاط في شمال القدس، كان عدم فهم تم في نهايته اطلاق النار على سائق وقتله من قبل الشرطة.

من الممكن طبعا، ان يكون وصف الشرطة دقيق تماما، ولكن في الوقت الحالي، يبدو ان هناك نوع من المبالغة في التسرع الحاسم لجهاز الاعلام في الشرطة (كما يبدو فان قسم الناطق بلسان الشرطة هو اول جهاز حكومي يدمج علامات الاستفهام في بياناته الاعلامية؛ من كان يتصور بأن تأثير رجل العلاقات العامة راني راهف سيصل بعيدا الى هذا الحد؟) الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي تعلم، في قسم من بياناته بشأن الاحداث في المناطق، على الاقل، الحذر في استنتاجاته الاولية.

لا مفر من التذكير بأنه خلال موجة الحرائق في بداية كانون الاول الماضي، اعلن وزير الامن الداخلي غلعاد اردان وكبار المسؤولين في الشرطة وجهاز المطافئ بأن قسما كبيرا من الحرائق نجم عن عمليات احراق تمت على خلفية قومية. ربما يتضح في المستقبل صحة ادعاءاتهم، لكنه تم هذا الاسبوع إخلاء سبيل اخر معتقل عربي من اسرائيل في هذه القضية، دون ان يتم تقديم ولو لائحة اتهام واحدة على خلفية قومية.

الى جانب ذلك، مفاجئ جدا اسراع الشرطة الى ربط السائق بتنظيم داعش (الدولة الاسلامية). حسب الشرطة كان السائق ناشطا في الحركة الإسلامية في اسرائيل. البيان حول فحص علاقته بداعش يبدو مبكرا جدا. في بداية الاسبوع الماضي، ايضا، ادعى رئيس الحكومة نتنياهو، ووزير الجيش ليبرمان، خلال زيارتهما الى موقع الحادث في حي قصر المندوب السامي في القدس، بأن المخرب الذي دهس وقتل اربعة جنود ينتمي الى داعش. لكنه لم يتم حتى اليوم عرض أي دليل يثبت ذلك.

صحيح ان الشاباك يشعر بالقلق ازاء ارتفاع التماثل مع داعش بين البدو في الجنوب، وقيامه قبل سنة باعتقال مجموعة من المعلمين البدو الذين اتهموا بالعلاقة بالتنظيم. ولكن مرة اخرى، ان القفزة المنطقية من العضوية في الحركة الإسلامية الى النشاط في داعش تحتم عرض ادلة، لم يتم عرضها بعد.

هدم البيوت في ام الحيران جاء بعد اسبوع فقط من هدم بيوت في بلدة قلنسوة في المثلث. في نهاية كانون الاول كادت الدولة تتجمد في مكانها امام ازمة إخلاء البيوت في بؤرة عمونة. حتى الان لم يتم هدم أي بيت في عمونة، بينما وصلت الجهود لسن قانون تنظيم المستوطنات، الى الفشل. ولكن نتنياهو واردان يهتمان في المقابل، باستغلال خطوات تطبيق القانون ضد الجمهور العربي لتحقيق مكاسب سياسية في صفوف المواطنين اليهود.

لقد تولد الانطباع بأن ازمة عمونة، الى جانب توقع الجمهور لخطوات حاسمة ضد الارهاب بعد عمليات كتلك التي وقعت في حي قصر المندوب السامي، تحث على القيام بعمليات لتطبيق القانون بشكل عدواني بالذات في البلدات العربية داخل الخط الأخضر. حتى اذا استنفذت الدولة النقاش القانوني في مسألة إخلاء المواطنين البدو في ام الحيران، وكانت ملزمة بالعمل، فان السؤال هو كيف تتجه نحو تنفيذ ذلك، وما هي الرسالة التي تبثها الى الشرطة والجمهور البدوي على خلفية الخط الحازم للحكومة.

الى جانب المظاهرات والمواجهات العنيفة، من المناسب الانتباه الى الحقيقة التالية. منذ الاول من كانون الثاني في العام الماضي، اليوم الذي قتل فيه نشأت ملحم من المثلث، ثلاثة مواطنين اسرائيليين في عملية اطلاق للنيران في تل ابيب، قتل 23 اسرائيليا في العمليات. اكثر من نصف القتلى، 12 شخصا، اصيبوا من قبل مخربين يحملون بطاقة هوية اسرائيلية، بعضهم من العرب الاسرائيليين والبعض الاخر من سكان القدس الشرقية. هذا تطور مقلق، ابدى الشاباك رأيه فيه ايضا.

اذا عرضت الشرطة خلال الفترة القريبة ادلة تثبت ان ما حدث هو عملية دهس وعملت حاليا بوعي من اجل كبح التوتر، يبدو انه سيكون من الممكن منع امتداد النيران الى البلدات البدوية والمجتمع العربي كله. كما يتحمل النواب العرب المسؤولية عن اعادة الهدوء، المسؤولية التي لا يسارع بعضهم لاظهارها. ومع ذلك، لا شك انه اضيفت هنا مادة مشتعلة للتوتر السائد منذ فترة طويلة.

من المؤكد ان مشاكل المجتمع العربي في اسرائيل لا تبدأ ولا تنتهي بالتوتر مع الحكومة او الشرطة. فحسب افادات مواطنين عرب، ترتبط ايضا بالجريمة المتفشية في البلدات، في غياب التطبيق الاداري ووجود فيضان من الأسلحة غير القانونية.

تصميم وتطوير