النصر على داعش في الموصل، يعني الهزيمة في دير الزور

22.02.2017 03:18 PM

وطن: كتب روبرت فيسك

ربما يتم تضخيم عدد المحتجزين في غرب الموصل ب 650 الفا، لكن على الامم المتحدة والمنظمات الانسانية ان يحضروا انفسهم للاحتمالات الاسوأ. لقد بدأت معركة استعادة غرب الموصل او ان كثيرا من العناوين الرئيسة في الاعلام العربي تعلن ذلك. كما انه صحيح ان الجيش العراقي والى جانبه الحشد الشعبي ومجموعة رمزية من الجنود الامريكان والاتراك والاكراد والانجليز  قد استولوا على قرى تركها تنظيم داعش قرب المطار القديم، لكن الامر يحتاج الى اسابيع وربما اشهر قبل ان يعلنوا النصر على داعش في الموصل. وحتى لو نجحوا في ذلك فان الانفجار الحقيقي سيحدث في دير الزور السورية على بعد مئات الاميال من الموصل.

خلف غمامات الغبار ونار القصف الناتج عن الهجوم المدرع الاخير ضد داعش في غرب الموصل، وخلف الوعود غير العادية للفوز من رئيس الوزراء العراقي والجنرالات الامريكيين، تقع مدينة دير الزور السورية ، حيث القوات الحكومية و70 الف مدني معزولين من قبل داعش في جيبين مقاومين في الصحراء، ويتم تموينهم عبر طائرات الهليوكبتر فيما يقود الحامية جنرال درزي حديدي ادى الى تصمد المدينة خمس سنوات. لكن اذا خرجت داعش من الموصل في الاسابيع القادمة فان مقاتليها سيتوجهون 34- ميلا الى الغرب الى المدينة المحاصرة لدعم انصارهم هناك. لذا فان النصر في الموصل يمكن ان يعني هزيمة في دير الزور.
هذه طبعا ليست قصة تم حياكتها، فالحديث عن الهجومات الناجحة على الموصل تعدد الى درجة نسيان العدد، وهو اربع هجومات خلال ثلاث سنوات، ومن الواضح ان ترامب بسبب من ادراكه الواهم للجغرافيا يحتاج الى نصر على داعش في الشرق الاوسط. وسيكون ذلك اول وعد انتخابي يستطيع ان يفتخر بتحقيقه، وهو ما يفسر وجود الجنرال جيم ماتيس- الذي حاز على لقب الكلب المسعور في العراق- في بغداد لتشجيع التقدم نحو الموصل من خلال قواته ولكن بشكل اكبر القوات العربية.

حيدر العبادي الذي وعد بتحرير كل الموصل مع ربيع العام الماضي بعد عام من الاستيلاء عليها، يحتاج هو الاخر الى نصر على عدو قام عبر عملياته الانتحارية المركبة بتشتيت وقتل 50% من افضل فرقه تدريبا.  وفي قتال الشوار القديمة والضيقة لا تنفع الدبابات ولا العربات المدرعة ، كما ان استخدام القصف الجوي في مكان مكتظ بالمدنيين يشكل كابوسا يشبه كابوس شرقي حلب الذي رفع القادة الغربيون اصواتهم يدينون الحكومة السورية وروسيا عليه.

بغض النظر عن الهجوم العراقي الجديد – والذي يشبه الهجومات السابقة، ولم يحقق سوى الاستيلاء على قرى مجاورة وفارغة من السكان- فان السيناريو سيكون معروفا ومعتادا: هناك اكثر من 650 الف مدني خلف خطوط داعش الامامية ، طرق هرب قليلة فيما يشكل نهر دجلة مانعا طبيعيا، ولسخرية القدر فان دير الزور المعلق مصيرها بمصير الموصل تقع على النهر التوآم لدجلة وهو الفرات، والذي يشكل الحدود الغربية لداعش، حيث استطاعت داعش ان تقسم دير الزور الى نصفين، وبقيت الحكومة مسيطرة على المطار  بعد الهجوم الامريكي الضخم عليه وقتلوا فيه 60 عسكريا، قال الامريكيون عن الهجوم انه خطأ فيما قال السوريون انه كان متعمدا.

في ظل عدم القدرة على تصحيح خطأ قرار ترامب بمنع العراقيين من الدخول لامريكا، حاول ماتيس ان يضمد جروحا اخرى فتحها رئيسه من خلال اقتراحه ان تقوم القوات الامريكية بالاستيلاء على النفط العراقي بعد الهجوم على العراق عام 2003. حيث قال ان امريكا لم تكن في العراق لاحتلال نفط احد، معتقدا ان ذلك يمكن ان يكون امرا للقوات العراقية ان تنطلق نحو الموصل وشوارعها المخيفة وكالعادة يقوم الامريكان والاتراك والانجليز بنشر طائراتهم، لكن عبء القتال الاكبر هو على الارض  وان القتلى سيكونون عراقيين واكراد وداعشيين.

ربما يكون العدد 450 الفا مبالغ فيه، فقد ظهر ان ما قيل عن 250 الفا في حلب الشرقية لم يكونوا سوى 90 الفا حينما تم الاحصاء بعد انتهاء استعادة حلب. لكن على الامم المتحدة والمنظمات الانسانية ان تحضر نفسها للأسوأ، بغض النظر عما يقدرة الجنرالات والاعلاميين والسياسيين.
المقارنة مع الحرب العالمية الثانية دائما ما تكون مخادعة ، لكن دعايات النزاع لا زالت تحتوي دروسا لحروب هذه الايام، لقد اعلن هتلر النصر على ستالينغراد في خريف 1942. لكن بعد ستة شهور استعادها السوفيات، ان المعركة الاخيرة في الموصل لم تبدأ سوى قبل اربعة شهور

عن الاندبندنت، ترجمة جبريل محمد

تصميم وتطوير