إسرائيل تسحب ما تبقى للسطة الفلسطينية من صلاحيات

23.02.2017 08:17 PM

كتب عقل صلاح: تسعى إسرائيل لتوسيع مجال عمل مكاتب الإدارة المدنية في الضفة الغربية وذلك تمهيدًا لسحب البساط من تحت أقدام السلطة الفلسطينية، وتعبئة أي فراغ قد يحدث في حال "حلّها"، أو سقوطها. ويتضح ذلك من خلال تحول في سياسة ونشاط يوآف مردخاي- منسّق شؤون الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية- من التواصل والتنسيق مع السلطة للتواصل المباشر مع الفلسطينيين، والرد على أسئلتهم واستفساراتهم، عبر صفحة خاصة به على موقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك".

كما افتتح مردخاي مؤخرًا موقعًا الكترونيًا خاصًا على شبكة الإنترنت، يحمل اسم المنسق، ويحتوي الموقع على قسم يحمل اسم خدمة الجمهور، ويستقبل شكاوى وطلبات الفلسطينيين المقيمين في الضفة الغربية وقطاع غزة (1). ويؤكد وزير الشؤون المدنية الفلسطينية عضو اللجنة المركزية لحركة فتح حسين الشيخ في تصريح له "أن إسرائيل تنوي إعادة إحياء الإدارة المدنية الإسرائيلية - الحكم العسكري - في الضفة الغربية والتي كانت تتحكم بالحياة اليومية للفلسطينيين قبل إقامة السلطة الفلسطينية", مضيفًا "بأن اسرائيل سحبت جميع صلاحيات السلطة السيادية على جميع الأراضي الفلسطينية بما فيها المناطق المصنفة "أ" وذلك منذ عام 2000 (2).

وفي هذا الصدد صرح صائب عريقات " أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أحيا الإدارة المدنية الإسرائيلية، وأن يوآف مردخاي منسق شؤون الحكومة الإسرائيلية في الضفة الغربية بات الرئيس الفعلي للشعب الفلسطيني"(3). وبناء على ذلك, يمكن القول أن توسيع الاحتلال لعمل مكاتب الإدارة المدنية من خلال إنشاء موقع الكتروني للتواصل مع الفلسطينيين في كل من الضفة وغزة بدلا من التواصل مع السلطة، ومؤتمر السيادة الكاملة للمستوطنين على الضفة الغربية لفرض السيادة على الضفة بمشاركة فلسطينيين الذي عقد في 12شباط/فبراير2017 تزامنا مع إقرار قانون سلب الأراضي ثالوث يكشف عن تطور مخيف في محاولة الاحتلال ابتزاز السلطة الفلسطينية وسلب ما تبقى من الأراضي الفلسطينية (4).

لقد قام وزير الحرب الإسرائيلي أفيغدور لبيرمان بتصميم صفحة إلكترونية تسمى "وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في مناطق السلطة" يخاطب فيها الفلسطينيين قائلا "خلونا نحكي سوا". وهذه الوحدة تهتم بكل ما يتعلق بالتنسيق، التعاون وكيفية الدخول إلى إسرائيل. ويعرفها بأنها: هيئة مكلفة بتطبيق سياسة الحكومة الإسرائيلية في أراضي يهودا والسامرة وغزة، تتولى تنسيق كافة النشاطات المدنية إضافة إلى مسؤولية العمل على تحسين الظروف الحياتية لعموم السكان في المناطق، وتناط بالوحدة مسؤولية التنسيق والارتباط مع السلطة الفلسطينية وإزاء السكان الفلسطينيين في المناطق. وتتبع الوحدة للبيرمان، ويترأسها يوآف مردخاي المنسق برتبة ميجر جنرال وهو عضو في هيئة الأركان التابعة للجيش الإسرائيلي (5).

كل ذلك يقابله صمت مطبق من قبل السلطة الفلسطينية على الرغم من أن كل هذه الاجراءات تلغي سيادتها ووجودها وتعمل على ابتزازها وكأن الصلاحيات المسحوبة ليست صلاحياتها ومبرر وجودها وما تبقى لها من مبررات للوجود. وهنا يثار سؤال، ماذا تبقى من أوسلو وماهو مبرر وجود السلطة في ظل سحب كل صلاحياتها وبسط السيادة الإسرائيلية الكاملة "الأمنية والمدنية "على الضفة الغربية. فقد ورد في ذيل مهام وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في مناطق السلطة التنسيق مع السلطة الفلسطينية، وهنا السؤال ما هو الدور الذي تبقى للسلطة للتنسيق معها؟ ولماذا لاترد السلطة الفلسطينية على خطوة إسرائيل بسحب صلاحياتها المدنية من خلال قطع التنسيق المدني معها واستبداله بالتنسيق المباشر مع المواطنيين الفلسطينيين بتطبيق قرار المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية في دورته العادية السابعة والعشرون المنعقدة في رام الله آذار/مارس 2015 الذي قد قرر وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل لعدم التزامها بالاتفاقيات الموقعة معها (6). حيث كانت السلطة تتذرع بأن التنسيق الأمني يصب أيضًا في صالح الشعب الفلسطيني، فإسرائيل أنهت هذا الإدعاء من خلال قطع التنسيق المدني والإبقاء على التنسيق الأمني.

وتعقيبًا على ما سبق، إن السلطة الفلسطينية لم يصدر عنها أي تصريح أو موقف حول وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في مناطق السلطة، تبين فيها للشعب وجوب التعامل مع هذه الوحدة أو مقاطعتها واستمرار التعامل من خلال هيئة التنسيق المدني الفلسطينية. وفي حال قدم الفلسطينيون طلباتهم الكترونيًا عبر هذه الوحدة هل سيتم محاسبتهم قانونيًا من قبل السلطة؟ فيجب على السلطة اصدار موقف حازم حول التعامل مع هذه الوحدة.

والأمر نفسه يمكن أن يقال عن القوى والفصائل الفلسطينية التي غاب موقفها ولم تعلق أو تصدر أي تصريح حول هذه الخطوة الخطيرة التي تعيد احتلال الضفة الغربية وكأن الثقافة الوطنية والحزبية ومقاطعة الاحتلال ومحاربة روابط القرى والعصيان المدني وعدم التعامل مع كل مخرجات الاحتلال أصبحت من ثقافة الماضي.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير