التاريخ الطويل لتضامن الامريكيين السود مع الفلسطينيين

23.02.2017 10:49 PM

رام الله - ترجمة خاصة وطن: اشعلت تبرئة القاتل العنصري جورج  زيمرمان الغضب والمظاهرات ليس فقط في الولايات المتحدة بل في كل العالم حتى في فلسطين، كثير من الفلسطينيين نشروا صورهم حاملين لافتات كتب عليها: " يقف الفلسطينيون مع من يتذكرون ترايفون مارتن، نحن نعرف شعور اولئك الذين احبوا اشخاصا قتلوا، ويشاهدون الان تبرئة القاتل".

هنا في الولايات المتحدة اصدرت مجموعتا طلاب من اجل العدالة في فلسطين، وطلاب موحدون من اجل حقوق فلسطينية متساوية  تصريحا يقول: " بينما يناضل الشعب الفلسطيني من اجل العدالة، نستطيع ان نفهم كيف تستغل العنصرية لتبرير وتخليد نظام غير عادل يقمع كل الناس. ان حكومتنا تحاول ان تقسمنا عبر ابلاغنا ان السود هم مرادف للمجرمين بنفس الطريقة التي تحاول فيها ان تخبرنا ان العرب والمسلمين هم المرادف للارهاب".

هذه كانت حلقة في تاريخ طويل من التضامن الاسود مع النضال الفلسطيني، تاريخيا وحاضرا هناك كثير من التشابه بين معاناة السود والفلسطينيين من التمييز العنصري الى منع  الشباب من السير في طريق العرق الابيض  و السكن في الاحياء البيضاء والحافلات المخصصة للبيض اضافة لمشاريع الاسكان والمدارس، ان الهيمنة البيضاء في الولايات المتحدة  تشبه احتلال فلسطين.  شركات مثل G4S تربح من التمييز بين الامريكيين في امريكا وبين الفلسطينيين في فلسطين.
هناك تاريخ طويل لحركة حرية السود في الوقوف الى جانب التحرر الفلسطيني، وهناك ربط بين خبرتهما المشتركة في مقاومة الاضطهاد ومقاومة الكولونيالية الغربية، وللحقيقة فان الصراع على فلسطين اصبح قضية حاسمة في الحركة التي انشئت ضد الحرب على العراق، واصبحت عامل تعريف لمواقف الافراد من الامبريالية بشكل عام، وفي كثير من الاحيان كانت القضية الفلسطينية خطا فاصلا في النضال من اجل حرية السود.

تعاظم التضامن في قمة الصراع

اقوى دعم للحركة التحررية الفلسطينية من القادة السود ومنظماتهم جاء خلال التحول الراديكالي في الستينات والسبعينات، كان مالكوم اكس معارضا عنيدا للصهيونية، وقد اشتهر بالسخرية منها في مقاله " المنطق الصهيوني" عام 1964، في هذا المقال اوضح اكس الاخضاع المتوازي للفلسطينيين والافارقة. واشار الى القيمة الاستراتيجية لاسرائيل بالنسبة للامبريالية العالمية، وقال: "  ان المكر الامبريالي قد وضع بحكمة اسرائيل حيث تقسم الوطن العربي جغرافيا، تسللت ونثرت بذور الشقاق بين القادة الافريقيين، كما قسمت بين الافارقة والاسيويين".  كان مالكوم اكس احد القادة الامريكيين الافارقة الاوائل الذين التقوا قيادة منظمة التحرير الفلسطينة التي نشأت في ذلك العام .

احدى المنظمات الاولى التي دعمت التحررية الفلسطينية كانت الرابطة الثورية للعمال السود في ديترويت، فقد اشترك العمال العرب والسود في الاضراب الذي دعت له الرابطة، وباتت مجموعة التضامن مع فلسطين ميدان معركة مع الطبقة الحاكمة في المدينة، لقد حولت الرابطة جريدة طلاب جامعة وين الى جريدة راديكالية انتشرت في المدينة بشكل واسع، ولكن بعد نشر مقالات مؤيدة لفلسطين، اتهمتهم الادارة باللاسامية، وبدأت هجومها على الرابطة وفي الحرم الجامعي.

دخلت حركة حرية السود مرحلة جديدة في اواسط الستينات من الحقوق المدنية والمساواة القانونية الى التحرر القومي ، وكانت فلسطين رمز هذا التحول، فقد جرى التحول الراديكاليفي لجنة التنسيق لطلاب اللاعنف حيث خرجت بحدة من الليبرالية الرسمية عندما ايدت وتضامنت مع النضال الفلسطيني في حرب عام 1967.

كما ان حزب الفهود السود كان مؤيدا للفلسطينيين في مقاله " عن الشرق الاوسط" كتب قائد من الحزب هو هاي نيوتن: " نحن نؤيد الفلسطينيين في صراعهم من اجل الحرية بشكل كامل، سوف نستمر في ذلك ونود لو كل الناس التقدميين في العالم ان ينضموا الينا لاجل ان نصنع عالما يمكن ان يكون قابلا للعيش".

وحين تطور الى منظمة اممية اعلن حزب الفهود السود انه من اجل انهاء الاضطهاد للشعب في الولايات المتحدة يجب ان يتم العمل على انهاء الامبريالية في كل العالم، وفلسطين في مقدمة المواجهة العالمية.
في عام 1970 نشر نداء في نيويورك تايمز بعنوان: " نداء من الامريكيين السود ضد دعم الولايات المتحدة للحكومة الاسرائيلية"، كان النداء موقعا من لجنة الامريكيين السود من اجل الحقيقة في الشرق الاوسط، كما وقعها قادة بارزون في حركات السود مثل جيمس بوغ وروبرت ويليامز. 
شرح النداء دعم اللجنة والموقعين اللامحدود لاخوتهم واخواتهم الفلسطينيين الذين يناضلون كل يوم لانهاء الاحتلالفي بلادهم، وانتهى النداء بالمطالبة بوقف كل انواع المساعدات لاسرائيل، وان تخرج الامبريالية والصهيونية من الشرق الاوسط. اننا ندعو الى تضامن الامريكيين الافارقة مع الفلسطينيين من اجل التحرر الوطني واستعادة كل اراضيهم المغتصبة".
 

تضامن السود مع فلسطين حاليا

استمر التضامن على عدة جبهات، بما فيها دعم حركة المقاطعة، هناك امريكيون سود من الاكاديميين البارزين بما فيهم انجيلا ديفس وكورنيل ويست واليس والكر ايدوا حركة المقاطعة.
وعندما شنت اسرائيل حربها على لبنان عام 2006، اصدر الكاتب الاسود الشهير توني موريسون مع 17 من المثقفين المعروفين بيانا مبدئيا ادان العدوان الاسرائيلي ورفض المراوغة في وجه محاولات شيطنة القوى التحررية الفلسطينية وقالوا: " ان الذرائع والتهم والوعود، تشكل كلها عملية الهائ وحرف لانظار العالم عن ممارسات سياسية وعسكرية واقتصادية طويلة تهدف الى تصفية القضية الفلسطينية".

وفيما وقفت عضو الكونغرس سينثيا ماكيني وعضو مجلس بلدية نيويورك تشارلز بارون الى جانب الفلسطينيين، هناك الكثير من القادة المنتخبين السود تبعوهم، وهذا كله بسبب بقاء اسرائيل كامتداد حيوي للولايات المتحدة ، القوة في الشرق الاوسط هي امر يحكم القرار الرسمي الاستراتيجي الامريكي، وكل عضو في الكونغرس يريد ان يبقى ضمن التيار السائد لا يمكنه تجاوز الخط الاحمر وهو اسرائيل.

مع تصاعد خبث العرقية في الولايات المتحدة والطبقة الحاكمة في اسرائيل، فان مسار التضامن بين السود والفلسطينيين  مهم اكثر من اي وقت مضى، كما انها اهمية استراتيجية ، ان وحدة الامريكيين السود ومناضلي الحرية الفلسطينيين تشكل موضوعا مفتاحيا في تاريخ السود، ان نضال السود طالما ركز على الاممية ولا يستطيع ان يفصل نفسه عن نضال الشعوب الاخرى في العالم من اجل الحرية.

عن ليبريشن/ ترجمة جبريل محمد

تصميم وتطوير