قاتل الشهيد الشريف ليس الوحيد في الجيش
كتب: عميرة هس : دعونا نخمن بأنه باستثناء اليؤور ازاريا وبن ديري – فان الجنود الذين قتلوا امرأتين وطفلين من عائلة ابو دحروج، ليسوا من اصل مغربي. كما انه لم يتم تصويرهم اثناء عملية القتل. لقد اعترفت سلطات الجيش بالذات بأن قتل العائلة كان خاطئا، الا ان المدعي العسكري قرر عدم اجراء تحقيق جنائي. قتلة عائلة ابو دحروج يتمتعون بالسرية التي سلبت من ازاريا وديري، الذي قتل الفتى نديم نوارة دون ان يشكل الفتى أي خطر على حياته.
هل كونك من اصل مغربي هو شرط آخر في الحالة النادرة، التي تأمر فيها السلطات بمحاكمة جنود بسبب قتل فلسطينيين؟ دعونا نخمن: هذا ليس شرطا، لكنه يمكن ان يساعد. حتى الان، في الجهاز المسيطر، يعتبر غير الاشكنازي هو الآخر الذي يسهل بشكل اكبر عرضه كاستثنائي غير طبيعي، وتقديمه على مذبح الادعاء الكاذب بطهارة السلاح.
دعونا نخمن: في تقرير مراقب الدولة حول "الجرف الصامد" الذي يفترض نشره هذا الأسبوع، لن تتم الاشارة الى عائلة ابو دحروج، ولن يتم ذكر 141 عائلة اخرى، قتل جيشنا بضغطة زر واحد او اثنين، ثلاثة افراد واكثر منها. عدد هؤلاء بلغ 742 فردا. المميز الأساسي لذلك الهجوم الصيفي كان قصف البيوت على سكانها. لقد شطبنا عائلات بأكملها وشطبنا هذه الحقيقة من كل نقاش سياسي، عسكري، اخلاقي، فلسفي، اعلامي وقضائي. وهكذا، فان الفحص لم يهدف الى التساؤل حول ما اذا كانت ابادة عائلات بأكملها، من اجل قتل رجال حماس والجهاد الإسلامي، يعتبر عملا "مناسبا". تقرير مراقب الدولة لم يُكتب من اجل تحذير قادتنا العسكريين: سلوكياتهم تستدعي كل قوة عسكرية معادية لإسرائيل لتبرير القصف "المناسب" لأحياء اسرائيلية كاملة، على رؤوس مسنيها واطفالها، بادعاء انه يقيم فيها رجال الجيش والشاباك.
كانوا خمسة: هايل ابو دحروج (29 عاما)، زوجته هدى (27)، ولديهما هادي (ابن سنتين) وعبدالله (ابن ثلاث سنوات) وعمتهم حياة (49 عاما). هؤلاء هم القتلى. اما الجرحى فهم الجد شحادة (67 عاما)، وابناء شقيق هايل، محمود (11) وعبد الحميد (9). كما اصيب عدد من الجيران. في بداية العام الحالي قدم تنظيما حقوق الإنسان "الميزان" في غزة، و"عدالة" في حيفا، استئنافا الى المستشار القانوني للحكومة، ابيحاي مندلبليت، على قرار المدعي العسكري عدم التحقيق في الهجوم على بيت عائلة ابو دحروج. ولا يزالان في انتظار الجواب.
لقد شن الجيش الاسرائيلي الهجوم الاول على بيت عائلة دحروج في بلدة الزوايدة في وسط قطاع غزة، في 16 تموز 2014. في ذلك اليوم، تلقى ابناء العائلة انذارا هاتفيا من الجيش بأنه سيتم مهاجمة بيتهم، فاخلوا البيت خلال عشر دقائق. وتم تدمير الطوابق العليا. وفي غياب مكان آخر تقيم فيه العائلة، عاد ابناؤها واقاموا في الطابق الأرضي. وحسب موقع النيابة العسكرية، في 22 آب، قبل منتصف الليل، هاجم المجهولين من الجيش البيت مرة اخرى. لكنه لم يتم هذه المرة انذار السكان. وحسب افادات شهود عيان، تمت مهاجنة البيت بصاروخين. محامو الميزان وعدالة، الذين يمثلون الناجين من الهجوم، ضموا هذه الحادثة الى حالات القتل الاخرى التي طالبوا الجيش بالتحقيق فيها، بشبهة خرق قوانين الحرب.
في آذار 2015، نشر تقرير النيابة العسكرية حول "الاحداث الشاذة" التي وقعت خلال هجمات صيف 2014. وتمت الاشارة الى قتل ابناء عائلة دحروج في التقرير. وكتب في التقرير انه حسب تنظيم حقوق الإنسان (لم يتم ذكر اسمه)، كان هايل ناشطا عسكريا في الجهاد الإسلامي، لكنه لم يكن المستهدف. جهاز الفحص في القيادة العامة كشف ان القذيفة كانت موجه الى مخزن للسلاح، كان يقوم في منطقة مفتوحة على مسافة 100 متر من بيت العائلة. وكتب في التقرير انه "كما يبدو، بسبب خلل تقني غير متوقع، انحرفت القنبلة عن مسارها واصابت بيت عائلة دحروج"، وبعد ذلك اصابت قذيفة اخرى المخزن.
لقد اعرب الجيش عن اسفه وقال انه تم اتخاذ اجراءات الحذر (ذخيرة صغيرة نسبيا ودقيقة) وانه كانت هناك مراقبة مباشرة للحادث. لكن الخطأ لا يبرر منح الشرعية القانونية للعملية. المدعي العسكري رفض تسليم مواد التحقيق لعدالة والميزان.
في الالتماس الى مندلبليت، كتبت المحامية منى حداد: "موقف المدعي العسكري يشير الى تفسير خاطئ للقانون الدولي الانساني والتطبيق غير الصحيح والمضلل لقوانين الحرب.. لا يتقبل الوعي انه في الوقت الذي يدعي فيه الجيش انه تم استخدام "ذخيرة صغيرة نسبيا ودقيقة" ولجأ الى وسائل الحذر، ان يكون الفشل التقني هو الذي ادى الى الاصابة المباشرة وقتل خمسة مواطنين والتسبب بأضرار كبيرة للبيت ومحيطه... الجيش الاسرائيلي هاجم البيت بصاروخين من الجو، الأمر الذي يعزز الاستنتاج بأن الهجوم كان موجها ضد هدف مدني، سواء عمدا او بسبب التهور..." وكتب ايضا، انه "حسب القانون الدولي والإسرائيلي، فان الخطأ لا يحرر من المسؤولية الجنائية".
دعونا نخمن: لولا المغاربة او الكاميرات، فانه كلما كانت رتبة طاهري السلاح عالية وازداد عدد المدنيين الفلسطينيين القتلى، هكذا يتم منح الحصانة للقتلة، من الاستجواب، الاشتباه، التحقيق والرقابة الاخلاقية العامة.