مصادر: البغدادي هرب إلى الصحراء وكل تركيزه على البقاء حياً

08.03.2017 05:38 PM

رام الله - وطن:  يعتقد مسؤولون أمريكيون وعراقيون أن زعيم داعش ترك معركة الموصل لقادة العمليات وأتباعه المخلصين، ويختبئ الآن في الصحراء، حيث يتركز اهتمامه على بقائه على قيد الحياة.

ومن المستحيل التأكد من مكان اختباء البغدادي، الذي نصب نفسه "خليفة" من المسجد الكبير في الموصل بعد اجتياح مقاتليه شمال العراق في 2014.

غير أن مصادر مخابرات أمريكية وعراقية، تقول إن غياب أي بيانات رسمية من قيادة التنظيم، وفقدان السيطرة على مناطق بمدينة الموصل، يوحي بأنه هجر المدينة، أكبر مركز سكاني خضع لسيطرة التنظيم.

وثبت أن البغدادي هدف مراوغ، ونادراً ما استخدم وسيلة اتصال يُمكن مراقبتها، وتقول المصادر إنه يتنقل باستمرار، وفي كثير من الأحيان أكثر من مرة في اليوم الواحد.

وتضيف المصادر أنها تعتقد اعتماداً على محاولات اقتفاء أثره، أنه يختبئ في الغالب بين مدنيين من المتعاطفين معه في قرى صحراوية مألوفة، لا بين المقاتلين في ثكناتهم في المناطق الحضرية التي تشهد معارك.

معزول
وكان التنظيم يحكم في ذروة قوته قبل عامين، أكثر من مليوني شخص في المناطق الخاضعة له في شمال سوريا، وعبر مدن وقرى على امتداد واديي نهر دجلة ونهر الفرات، حتى مشارف العاصمة العراقية بغداد.

وبدأت القوات العراقية التي تدعمها الولايات المتحدة عملية قبل خمسة أشهر لاستعادة السيطرة على الموصل، التي يزيد حجمها أربع مرات، على الأقل على أي مدينة أخرى خضعت لسيطرة التنظيم.

وتعد العملية أكبر معركة يشهدها العراق منذ اجتياحه من قبل القوات الأمريكية في 2003، وسارت ببطء لأسباب منها بقاء مئات الألاف من السكان المدنيين معرضين للأذى.

واستطاعت القوة العراقية المؤلفة من 100 ألف مقاتل انتزاع السيطرة الكاملة على الشطر الشرقي من الموصل في يناير (كانون الثاني)، بدأ القادة الشهر الماضي عملية عبور نهر دجلة، والسيطرة على الشطر الغربي.

وتقدمت القوات العراقية بسرعة، ويقول التحالف الآن إن النصر حتمي، ما سيؤدي إلى القضاء على "خلافة" داعش في العراق.

وتشير مصادر المخابرات إلى انخفاض حاد فيما ينشره التنظيم على وسائل التواصل الاجتماعي، ما يدل على أن البغدادي، وحاشيته يزدادون عزلة.

ولم يصدر البغدادي نفسه رسالةً مسجلةً منذ أوائل نوفمبر (تشرين الثاني) بعد أسبوعين من بداية معركة الموصل، عندما دعا أنصاره لقتال "الكفار" وإراقة دمائهم أنهاراً.

ومنذ ذلك الحين تتحدث بيانات متفرقة من التنظيم عن هجمات يشنها مفجرون انتحاريون في مواقع مختلفة بالعراق وسوريا، لكنها لا تعلق أهميةً خاصةً على الموصل، رغم أن المدينة الساحة الرئيسية للقتال.

لا تعليق
ولم يُصدر عن البغدادي، أو أي من مساعديه المقربين، تعليق على سقوط الشطر الشرقي من المدينة في يناير (كانون الثاني).

وتراجع  وجود التنظيم على شبكة تلغرام للتواصل الاجتماعي، بعد أن أصبحت الشبكة منصته الرئيسية لإطلاق البيانات والخطب.

ويقدر التحالف أن نشاط التنظيم على تويتر تقلص بنسبة 45% منذ 2014، مع تجميد حساباته على تويتر، التي يبلغ عددها 360 ألفاً حتى الآن، وإغلاق الحسابات الجديدة في يومين في العادة.

اللعبة انكشفت
فيما يتوقع أن يكون نصراً رمزياً كبيراً للقوات العراقية المدعومة من الولايات المتحدة، أصبحت هذه القوات تقترب الآن من المنطقة التي يقع فيها المسجد الكبير على الضفة الغربية لنهر دجلة الذي أعلن البغدادي من على منبره نفسه خليفةً.

ويقول هشام الهاشمي مؤلف كتاب "عالم داعش" الذي صدر بالانجليزية، وهو من مستشاري الحكومة العراقية، إن أكثر من 6 آلاف مقاتل في التنظيم الذين تركوا للدفاع عن المدينة، قُتلوا.

ويُبدي القادة الأمريكيون تفاؤلهم، ويقولون إن معركة تحرير المدينة أصبحت الآن في مرحلة متقدمة.

وقال البريغادير جنرال ماثيو آيلر من سلاح الجو الأمريكي لرويترز في مطار غرب القيارة جنوبي الموصل "انكشفت اللعبة"، وأضاف أن بعض مقاتلي التنظيم من الأجانب، يحاولون مغادرة المدينة.

وقال إن من تركوا لمواصلة القتال وأغلبهم من العراقيين يبدون "مقاومةً عنيفةً للغاية" على المستوى التكتيكي، لكنهم لا يشكلون الآن قوةً متكاملةً، إذ دمرت ضربات التحالف الجوية مراكز القيادة والسيطرة، والسيارات الملغومة، ومخابئ الأسلحة.

وأضاف "خسروا المعركة، وما تشهدونه الآن عملية تأخير لحسمها".

من الحكم إلى التمرد
ورغم أن فقدان السيطرة على الموصل، ستضع نهايةً فعليةً لحكم التنظيم للأراضي العراقية، فإن المسؤولين الأمريكيين والعراقيين يستعدون لتحول التنظيم إلى العمل السري، وخوض تمرد مثل ذلك الذي أعقب غزو العراق.

وستنتهي "دولة" داعش، بسقوط الرقة التي تعد العاصمة الفعلية للتنظيم في سوريا، ربما في وقت لاحق من العام الجاري.

في انتظار الرقة
والرقة أصغر كثيراً من الموصل غير أن عمليات عسكرية تستهدف التنظيم في سوريا، أكثر صعوبةً منه في العراق، لأن أعداء التنظيم الكثيرين في سوريا انشغلوا بقتال بعضهم بعضاً في حرب أهلية منذ 2011.

ومع ذلك واجه التنظيم انتكاسات في سوريا في العام الأخير في مواجهة خصومه الثلاثة الرئيسيين الفصائل المسلحة العربية، والكردية المدعومة من الولايات المتحدة، والجيش السوري الذي تدعمه روسيا، والمعارضة السورية التي تدعمها تركيا.

وقال  نائب قائد التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة التنظيم الميجر جنرال روبرت جونز إن "حتمية تدميرهم أصبحت في الواقع مسألة وقت"، وأضاف أن قيادة التنظيم ،تركز الآن على البقاء في الأساس.

ويعود آخر تقرير رسمي عن البغدادي من الجيش العراقي إلى 13 فبراير (شباط) عندما قال الجيش إن طائراته الحربية من طراز إف-16 أغارت على منزل، يُعتقد أنه كان يجتمع فيه مع قادة آخرين في غرب العراق، قرب الحدود السورية.

ويقول الهاشمي إن البغدادي، العراقي الجنسية واسمه الحقيقي إبراهيم السامرائي، يتنقل في منطقة نائية صحراوية تقطنها عشائر سنية من العرب إلى الشمال من نهر الفرات.

بين البعاج والبوكمال
وتمتد المنطقة من مدينة البعاج في شمال غرب العراق، إلى مدينة البوكمال السورية الحدودية على نهر الفرات.

وقال الهاشمي "هذه منطقتهم التاريخية، يعرفون الناس هناك، وتضاريس الأرض، ومن السهل الحصول على الطعام، والماء والبنزين، كما أن رصد الجواسيس أسهل" منه في المناطق المزدحمة.

وشكلت الحكومة الأمريكية قوةً مشتركةً لاقتفاء أثر البغدادي تضم أفراداً من قوات العمليات الخاصة، ووكالة المخابرات المركزية، وغيرها من وكالات المخابرات الأمريكية، إضافة إلى الاستعانة بأقمار تجسس.

درس بن لادن
غير أن مصادر مخابرات أمريكية، تقول إن البغدادي أخذ العبرة على ما يبدو من قتل أسامة بن لادن في 2011 وأصبح يعتمد على نقل الرسائل باستخدام عدة مبعوثين لا مبعوثاً واحداً، عكس ما كان يفعله بن لادن، مؤسس تنظيم القاعدة.

كما أنه يبدل السيارات أثناء رحلاته، وهو درس تعلمه من الهجوم الذي وقع بطائرة دون طيار في 2011، وقُتل فيه أنور العولقي أحد قيادات التنظيم في اليمن.

ضابط بعثي خليفة البغدادي
ولم يُعلن البغدادي على الملأ خليفته، غير أن مصادر مخابرات عراقية تقول إن إياد العبيدي الشهير أيضاً باسم فاضل حيفا، ضابط الأمن من عهد صدام حسين، هو النائب الفعلي للبغدادي.

ويقول خبراء أمنيون عراقيون إن أكثر من 40 من قيادات التنظيم قتلوا في ضربات جوية للتحالف، لكن من المرجح أن يستمر التمرد حتى بعد السيطرة على الموصل، ومقتل البغدادي ومعاونيه.

وقال الخبير الأمني العراقي المتخصص في شؤون التنظيم فاضل أبو رغيف "سيظهر قادة آخرون، لأن هيكل التنظيم مازال قائماً". 

 رويترز

تصميم وتطوير