لماذا باعتقادي ستتحرر فلسطين خلال بضع سنين ؟

23.03.2017 10:42 AM

سنتحرر لا محالة (وتلك الأيام نداولها بين الناس)

كتبت: ربى مسروجي

بعد مئة عام على وعد بلفور المشؤوم، تستمر النقاشات مع الأصدقاء وغيرهم حول امكانية استمرار الاحتلال الصهيوني لفلسطين او بشكل ادق انتهاء الاحتلال حسب معطيات واقعية او وقائع تاريخية أو ديمغرافية. سبب اختلاف الآراء و تباينها هو اختلاف القراءات  للماضي والحاضر وما سيأتي في المستقبل، بالاضافة الى الاختلاف في ميزان الثقة بالمقدرات والقدرات المتاحة. أما في حال اتفقنا على حتمية زوال الاحتلال قد نختلف على المدة الزمنية اللازمة لحدوث ذلك بالإضافة الى كيفية  تطور الأحداث والطرق التي ستؤدي الى ذلك.

تعليلي الشخصي لحتمية زوال الاحتلال خلال بضع سنين قادمة فمنبعه التالي: ان الكيان المحتل اليوم بكل ما فيه من مقومات وطرق إدارة ورؤيا يختلف اختلافاً كبيراً عنه قبل عشرين أو خمسين عاماً. فالمعاين لحالة دولة الاحتلال اليوم يلحظ انحداراً واضحاً في المستوى الفكري والهدفي لرؤساء وزراءها، ناهيك عن انها تعاني اليوم من قلة بل شحّ وجود قادة (اقوياء) كما كان الحال في بداية التأسيس، حيث كانوا يعملون وفق استراتيجية واضحة وهي اقامة وبناء وبقاء هذه الدولة.

ولا يعني هذا أن انتصارنا كفلسطينيين يكون بضعف عدونا الاسرائيلي فحسب، بل لدينا مقومات القوة للانتصار على الاحتلال، فالفلسطيني اليوم بثقافته وشخصيته وانفتاحه يختلف كثيراً عما كان عليه قبل سنوات عديدة مضت، بحيث أبدى رفضه لسياسات الخضوع الممنهجة والتي حاولت دولة الاحتلال ارغامنا على قبولها بشتى الطرق والوسائل، فالجيل الفلسطيني اليوم جيل واعٍ يدرك ما يريد، واعتقد أن الجيل القادم سيكون أقوى أيضاً. كما أن الانتصارات وما حققته المقاومة في لبنان وغزة قد اعادت للجيل الشاب الثقة بالحق والثقة بامكانية النصر.


وأضيف ايضا أن حلفاء الاحتلال وداعميه حول العالم اليوم ليسوا في الحال الأفضل ولن يكونوا في المستقبل كما كانوا في السابق، بالاضافة الى كمية الحرج الدولي الذي يتعرضون له باستمرار ثمناً لمواقفهم المؤيدة لدولة عنصرية بات من الصعب إعطاءها غطاء اخلاقياً ودبلوماسياً كالسابق. ولايوجد أي تبرير منطقي لوجود الاحتلال او تبرير لافعاله الآن حيث يتم فضح الممارسات العنصرية  بشكل مستمر خصوصا بعد انتشار شبكات التواصل الاجتماعي في وقت لم تعد السيطرة واحدة موحدة على الإعلام العالمي كما كان الحال قبل سنوات مضت. ومن الواضح أن العالم بمعظمه بات يتجه نحو محورين فقط، احدهما يدعم الاحتلال والأخر يدعم المقاومة ضده و لم يكن هذا هو الحال قبل احداث سوريا في السنوات الأخيرة.

أما المحور المؤيد لقضيتنا العادلة فهو يتكون بشكل اساسي من مختلف شعوب العالم ومن بعض قيادات الفكر والسياسة والاقتصاد في الدول العربية والعالمية، وهم يشكلون اليوم قوة وتحالفات تقلق الاحتلال، بالاضافة الى تنامي حركة الـ BDS وسحب الاستثمارات والمقاطعة الاكاديمية للكيان الصهيوني والتي باتت تشكل كابوساً لديهم. كما واعتقد ان اي مواجهة قادمة (او اعتداء قادم للاحتلال على اي من الدول المحيطة) ستكشف عورات العدو وستقلب ميزان القوى وستزيدنا امل وتفاؤل بلا شك، فعلى المستوى الإقليمي اعتقد بأن كل ما يحدث من حروب وألم وتشريد ودمار سيتحول الى بلاء للاحتلال بعد ان نلملم جراحنا ونمضي متحدين، لأن الضربة التي لا تميتنا ستزيدنا قوة، وأتوقع أن نبدأ بجني آثار ايجابية لما يحدث اليوم خلال الأعوام القليلة القادمة.

واعتماد دولة الاحتلال على قوتها المادية واستعراضها الدائم بأن لديها أقوى جيش في المنطقة سيثبت الزمن بأنها فكرة مجردة وحسب. حيث أن الاسلحة والقوة المادية تحتاج الى جيش مغوار وشجاع يؤمن بالحق ولديه القدرة والإمكانية على التضحية حتى الموت من اجله وهذا ما لم يثبته جيش الكيان المهزوز وسيكشف مع الوقت بأن هناك خلل في البنية البشرية والمعنويات والتي هي أساس الاستمرار ومن الممكن ان نرى بوضوح بأنه لم يستطع (جيش الكيان) في اي مواجهة على الارض أن يثبت قوة وصرامة في المواجهة ولا بأي اشتباك مضى.
بعكس الفلسطيني ، الذي ضحى وما زال من اجل الدفاع عن عدالة قضيته وحتمية نصره.

اذا اطلعنا على العامل الديمغرافي نجد ايضا بأن المحتل لا يملك ايضا المستقبل حيث أن (الاسرائيلي) اليوم  وبعد كل محاولات تشجيع واستقطاب اليهود حول العالم يواجه مخاطرة نمو السكان الفلسطيني وقد قرأت اكثر من تقرير او احصائية حول ذلك تؤكد بأن هذه تعتبر احد من اهم التحديات التي يواجهها الاحتلال و يحاول ايجاد البدائل الملائمة لها.

كل ما سبق و غيره يدلل على وجود خلل في ارتباط المحتل بالأرض نفسياً وعضوياً، فلا يوجد رابط حقيقي او تاريخي او اصلي بين الارض والانسان، ووجود المحتل فيها ليس اكثر من محاولة اقناع للذات او الامتلاك او الاقتناع بأن احلال شعب بدل شعب اخر ممكن وبأن أرض (اللبن والعسل) ما زالت موجودة كما وعدهم قادتهم في السابق، فكيف ممكن ان يقوموا بتشويه الارض وخلع الأشجار وبناء جدار عنصري بهذا الشكل القبيح، أليس هذا احد الاثباتات بأن الاحتلال لا ينتمي الى الارض؟

اما بالنسبة للتجانس داخل (المجتمع الاسرائيلي) فالجميع يعلم بأنه لا يوجد تاريخ وحضارة وثقافة تجمع بين مكونات هذا الكيان، حيث ان الكثيرين منهم من اصول اوروبية أو امريكية او افريقية ولا يمتون بصلة لهذه البلاد الشرقية لا شكلا ولا مضمونا و لا تربطهم ببعضهم البعض صلة عضوية اصيلة و هذا يزيد من عنصريتهم المتنامية للحفاظ على خصوصية فقدوها بقدومهم الى بلادنا مما يؤدي بالاغلب على تفريغ غضبهم و قلة حيلتهم بالمستعمَر الفلسطيني، فباعتقادي لو لم يتواجد فلسطيني حولهم سنجدهم يصبون هذه العنصرية والغضب على بعضهم، كما رأينا في الكثير من حالات الاحتجاج والاعتصامات ضد العنصرية داخل مجتمعهم. على عكس الفلسطيني صاحب المكان و الذي تربطه مع اي فلسطيني او عربي على ارض المعمورة الكثير مِن الامور المشتركة، ولا ننسى وازع الانتصار الذي يملأ فيضنا جميعاً مستندين الى الانتصار الذي حققته المقاومة اللبنانية قبل سنوات، حيث اعادت المقاومة اللبنانية للفلسطيني الثقة بالنفس وبالقدرات وبالحق، واقتناعنا بحتمية النصر والتحرر سيكون سبباً مباشراً للتحرر الفعلي القريب وليتبروا ما علوا تتبيرا...

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير