نبيل عمرو يكتب لـ"وطن": المؤسسة الأمنية والناس

02.04.2017 11:12 AM

فلسطين صغيرة، مساحة وسكاناً، فيها انسجام وطني يكاد يكون نموذجيا في الشرق الأوسط الذي يعج بالطائفية والعرقية، ما حوّل بلدانا بأسرها الى كومة من ركام.

أقوى ما في فلسطين هو الانسجام المجتمعي. يضاف اليه اعتناق شعبي جماعي، لفكرة وطنية بديهية قوامها التخلص من الاحتلال، وفي زمن الحل السياسي الذي كان واعداً ثم صار متعثراً، أسسنا نواة دولة ونظام، الدولة لم تقم فتآكل أساسها، والنظام لم يتكرس فضعفت قدراته، وما اخطر من ان يتحول الرجاء الى عبء.

في سياق تجربتنا الصعبة تكرست عندنا مؤسسة امنية قوامها أجهزة تحاكي في مسمياتها أجهزة الدول، وفي فعلها تؤدي دوراً اختلفنا على تصنيفه وتقويمه، البعض ذهب حد تصوير المؤسسة الأمنية كما لو انها مؤسسة اخضاع وقمع، والبعض الاخر وانا منهم اراها مؤسسة وطنية غير منزهة عن الخطأ ولا نموذجية الأداء.

لا يناسب ان ننمي في داخلنا شعوراً سلبياً تجاهها، ولا يناسب بالمقابل ان ينمو في داخل المؤسسة ما يشبه وعي مؤسسات الامن في العالم الثالث، التي تسيء فهم دورها وهذا ينعكس على سلوكها.

في فترات متقاربة اختبرت أجهزة امننا في مواقع عدة، وفي كثير من المدن والقرى والمخيمات، لم يكن الأداء سليما كما ينبغي، بدليل ان لجان تحقيق أنشأت وكان ذلك إيجابيا لدارسة الخطأ لاستنباط ضمانات عدم تكراره ما يوفر بالتراكم تجربة مهنية إيجابية تستفيد منها الأجهزة بقدر ما يستفيد المواطن.

آخر لجنة تحقيق نُظر اليها بإيجابية واحترام، وستظل نتائجها تحت الأضواء الكاشفة، فإن طبقت بحذافيرها فهذه أولى خطوات الطريق الصحيح نحو المحاسبة والتصويب، وان حالت اعتبارات من أي نوع  دون تطبيق قرارات اللجنة، فسيرتد المواطن عن موقفه الإيجابي، وييأس وهذا ما قد يدفعه الى مواقف وسلوكيات لا نريدها.

تجربتنا الأمنية ما تزال في بواكيرها حتى لو كان عمرها يزيد عن عشرين سنة، وكونها مبكرة يسجل لصالحها في مجال البناء والتطوير والأداء المتمكن، حين تُبنى الاساسات على نحو سليم فإن البناء يكون سليماً.

مؤسستنا الأمنية التي افرادها وضباطها وقادتها من قلب نسيج هذا المجتمع، يتعين عليها ان تدرك الوضع النفسي للمجتمع الفلسطيني، فهو لا يحب رؤية الهراوة ولا الرشاشات، لقد تعود رؤية هذه الأشياء في ايادٍ غير الايادي الفلسطينية، وهنالك وسائل كثيرة توفر الامن والأمان للمواطن وحياته وممتلكاته، بمعالجة جذرية لقضاياه بعيدا عن المعالجة الأمنية الصرفة، التي أودت بنظم وكيانات قسمت العلاقة بين رجال الامن وباقي مكونات المجتمع.

لا نريد شيئا من هذا في بلادنا التي فيها ما يكفيها، ولا نريد تجاوزا للقوانين تحت أي ذريعة ومبرر، ونريد للقضاء ان يكون فعالا وعادلا وتكون شرطتنا منشغلة تماما في تنفيذ احكامه والولاء لعدالته.

جرى حديث كثير عن جنوح فلسطيني نحو الحلول الأمنية التي غالبا ما تبدأ سهلة ومريحة الا انها في المحصلة تحقق نتائج عكسية، فلنتفادى هذا المحظور ، فدرجة الوعي في مجتمعنا تساعد، ومعالجة الظواهر السلبية بمعزل عن الهراوة ممكنة بل أساسية وضرورية.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير