كايد ميعاري يكتب لـ"وطن": بدعة التوافق في الانتخابات

06.04.2017 07:55 AM

مع اقتراب إغلاق باب الترشح أمام المتنافسين على مقاعد الهيئات المحلية والبلديات في الضفة الغربية، حراك مارثوني قادته القوى الوطنية المشاركة في الإنتخابات، وشخصيات مهنية وأخرى تصنف نفسها بالمستقلة تطمح لأخذ دورها في الحراك الدائر.

أبرز ما اتسمت به جهود المذكورين أعلاه رغبتهم في خلق صيغ توافقية، تبدأ أولا في حصر كل من له طموح ولديه فرصة للعبور، ومن ثم التفاوض، والمساومة في سبيل لملمة الطروحات والخروج بصيغة ترضي مراكز القوى السياسية التقليدية في المجتمع على حساب جوهر العملية الإنتخابية.

الأصل في الإعلان عن الانتخابات هو منح المواطن فرصة التعبير عن نفسه، من خلال صندوق الإقتراع بحرية، ودون سلطة من أي جهة كانت، وهي الوسيلة المتوافرة حاليا على الأقل التي من شأنها تعزيز حيوية المواطن وتفاعله مع الحياة العامة في المجتمع الفلسطيني.

التوافق ضمن المفهوم المطروح اليوم يتناقض أيضا مع رغبة المواطنين بإنتخاب من يمثلهم حسب آخر استطلاعات الرأي المنشورة، نذكر منها إستطلاع المركز العربي للبحوث والتنمية " أوراد" الذي يظهر تمسك المواطنين بحقهم في اختيار من يمثلهم بنسبة وصلت الى 79 %.

أضف إلى ذلك، أن مبدأ التوافق في السياق الحالي يأتي من خلال تحالف القوى السياسية الديمقراطية من حيث المنطلقات والرؤى التي تتبناها، مع القوى المجتمعية التقليدية العشائرية بشكل أساسي، وهو ما يضرب أيضا جهود الحركات الإجتماعية والسياسية الساعية إلى تعزيز سلطة المواطن على حساب سلطة الجماعات.

بدعة التوافق والمبررات المساقة لتشريعها كعدم جاهزية المجتمع الفلسطيني لخوضها، والمخاوف التي يتم تعظيمها من تفسيخ النسيج المجتمعي، هي تحديات أمام أي مجتمع يصبو للديمقراطية، ومعالجتها لا تتم إلا من خلال دورية عقد الإنتخابات وترسيخها كنهج، وحق فردي لكل مواطن.

وفي حقيقة الأمر، أرى أن هرولة القوى السياسية والعشائرية نحو التوافق تنم عن تخوف الفصائل وعدم جاهزيتها للانتخابات، وتنطوي على إسقاط خيارات النخبة على المواطنين، وتعبر عن نهج تقاسمي ما بين الأطراف المنخرطة في هذا الحراك، وإن تم تغليفه ببعض الشعارات المنمقة بدقة متناهية كتحالف القوى الوطنية أو المهنية.

وأمام هذا المشهد، يصبح دور المؤسسات الأهلية، والمواطنين أكثر إلحاحا، لإنقاذ النهج الديمقراطي الإنتخابي، وحماية حق المواطن في إختيار من يمثله، منعا لتعميم هذا النهج على مستويات اخرى كالتوافق على من يمثل الشعب في المجلسين الوطني والتشريعي، أو حتى التوافق على رئيس.

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة وطن للأنباء

تصميم وتطوير