في وثيقة نشرتها سي اي ايه: منذ 30 سنة خططوا لاسقاط حافظ قبل بشار الاسد

15.04.2017 03:30 PM

وطن: الحلقة الثانية

سيناريوهات للتغيير السياسي

في بناء السيناريوهات لم نقصد ان نقول ان عدم الاستقرار السياسي في سوريا امر لا مفر منه وحتمي، الاسد رجل براغماتي خشن وهو يمتلك القدرة على التكيف ومواجهة التحديات لحكمه، ربما تظهر مشاكل جدية ، ولا يمكن التسليم بقدرة القيادة السورية على التعامل مع هذه المشاكل ، هذه السيناريوهات تعرض مرتبة حسب قوة الاحتمال  من الاكثر احتمالا الى الاقل، متابعة كل سيناريو تتم عبر قائمة من المؤشرات  وسلسلة من الاحداث المرئية  تعبر عن مراحل جزئية في تقدم السيناريو.

صراع القوى على الخلافة

رغم عدم شعبيته يعتبر رفعت الاسد احتمالا ممكنا  في حال موت الاسد او عدم قدرته على القيام بمهامه، ان ملامح نجاحه سوف يكون مفصليا اذا قدر على استعادة قاعدة قوته قبل ان يغادر حافظ المشهد اننا نتوقع ان ولاية رفعت  ستكون قصيرة لانهيملك اعداء كثيرين  حتى لو تراجع معارضوه  وسمحوا له بالسيطرة فان رفعت سيقوم بالاجهاز عليهم في سبيل تصليب سلطته  ونتوقع ان يقوم القادة العسكريون الكبار مثل علي دوبا بالانقلاب على رفعت.
رفعت ليس شخصية شعبية  حتى ان ملامح خلافته  ربما تستدعي انقلابا  حتى حينما يكون الاسد في الرئاسة. ورغم انه من المستبعد  نعتقد ان تعين حافظ لرفعت كخليفة  او اي اجراء آخر يتخذه  في مكانة رفعت سوف تتبعهاجراءات اخرى  من قبل خصومه.
اوليا سوف يحاولون اقناع الاسد ان يغير رأيه او ان يناورون لتقليص صلاحيات الاسد نفسه، واذا فشلت هذه الاجراءات  نعتقد ان معارضي رفعت سوف يتحركون ضد رفعت وحافظ معا.

ان قيام الاسد بتقسيم الصلاحيات  في دائرة من المقربين  تجعل من الصعب على قائد فرد فرض سيطرة سريعة  ونعتقد  ان ائتلافا من الضباط العلويين سيقودون سوريا وحتى يكسبون شرعية  ويوسعون قاعدتهم  ربما يقوم الائتلاف بتعيين رئيس سني كواجهة.

نقدر ان انعدام قائد مقنع ومهيمن يمكن ان يقوض بسهولة مثل هذا الترتيب ، الاحتراب الطائفي على تقسيم الصلاحيات  يمكن ان يتطور بسرعة مترافقا مع الصراع القبلي  الذي سيعز الصراع الطائفي وصراع اقتسام السلطة، ان الخلافات ستنشب حول مواجهة العديد من المشاكل  القائمة او المحتملة ، المواجهة مع اسرائيل، الوضع الاقتصادي السيء دور سوريا في عملية السلام في الشرق الاوسط، تورطها في لبنان وعلاقات سوريا بمنظمة التحرير الفلسطينية .
في ظل كل هذه الظروف يمكن ان تغرق سوريا في سلسلة من الانقلابات العسكرية  حيث لا رئيس سيعمر في منصبة طويلا ، وسيشجع الانقسام بين العلويين السنة  على محاولة استعادة هيمنتهم ، منشئين مسرحا لصراع طائفي  او حرب اهلية  هذا اذا تطورت قيادة سنية فعالة.

مؤشرات على تطور السيناريو

• ان يبعد او يحيل حافظ اعداء رفعت الى التقاعد
• ان يقلص الاسد من ساعات برنامجه اليومي ورحلاته للخارج للعلاج بشكل متكرر
• ان يعين الاسد رفعت كخليفة له او ان يرقي صلاحياته بالسيطرة على مفاصل حكومية هامة  كالجيش
• ان ينوب رفعت عن حافظ في المناسبات  او ان يقوم بادارة العمل اليومي  للحكومة
•  حل الوحدات العسكرية التي يقودها خصوم رفعت  واعادة انتشارها قريبا من دمشق
• قيام مشائخ القبائل العلوية بالتحالف مع قادة فصائل اخرى  ضمن الائتلاف
• استقالة اعضاء مهمين من الائتلاف العلوي.

الانعكاسات العسكر ية واحتمال انقلاب

بالرغم من سجل الاسد الحافل بالحرص على ادارة السياسة بحنكة، نعتقد ان مواجهة سوريا مع اسرائيل وتواجدها في لبنان  يمكنا ان تفرخا انعكاسات سياسية  تكون جدية بما فيه الكفاية في تقويض نظام الاسد، الصراع العسكري مع اسرائيل يمكن ان يتطور بعدة طرق، لقد بدأت سوريا ببناء جيشها  ليحقق التوازن الاستراتيجي  وهذا يمكن ان يستدعي هجوما اسرائيليا مبكرا  خاصة اذا زادت التوترات العربية الاسرائيلية ،  النشر الاخير للصواريخ في لبنان وسوريا يمكن ان يؤدي الى هجوم اسرائيلي  بالطيران.

في رأينا ان تصميم الاسد على تحقيق الهيمنة  على لبنان وهو هدف لكل رؤساء سوريا يمكن ان يدفع الاسد الى تكبير دور سوريا  عبر اعطاء الاوامر لوحدات عسكرية  بالقتال المباشر لا بالاعتماد على مليشيات حليفة ، تراكم الاصابات يمكن ان يؤدي لتململ بين الضباط السنة في لبنان وان يدركوا ان تواجده هناك هو عبارة عن مغامرة علوية  وبدلا عن ذلك ربما يصبح الجيش السوري ناقما اذا استمر الاسد بالاعتماد على المليشيا  في وجه الاصابات المتراكمة  بين الجنود السوريين  الذين يدعمون المليشيا  فيما ينعدم التقدم في تثبيت  السيطرة السورية.

نعتقد ان الجيش سيكون تواقا للتحرك ضد الاسد اذا هدد الجيش الحكم العلوي عبر استفزازات محلية  وقلاقل. ان نكسة مهينة اخرى في الجولان ستكون اكبر احتمال لقيام احتجاجات ضد النظام, اذا تطور الاضطراب سيقوم كبار التجار السنة  الذين تضرروا من سياسات النظام الاقتصادية  وحسب ما ترى السفارة في دمشق  باستغلال  قضية الفشل العسكري لبناء تأييد  يتحدى الاسد والعلويين. اننا نقدر ان الاسد سيحبط النشاط المعادي له ولكن اذا تعامل بقساوة واستخدم قوة مفرطة فانه يكون قد شجع الاضطراب، سوف يحذر القادة العسكريون من رفعت او غيره ممن لهم نفس السمعة  عن القسوة  كقادمين لاعادة النظام ، في رأينا فان تدهور صحة الاسد يمكن ان تقدم دوافع للتخطيط لانقلاب  خاصة اذا قرر ضباط علويون مقربون من الاسد فعل ذلك ، وهذا شرط يقود الى قرار عسكري اخرق  او انه يمنع الرئيس من مواجهة التحدي السني .

اذا ستمرت النشاطات ضد النظام او تطور دون ان بعطي الاسد اي اشارة للتراجع او حاول  القيام بانقلاب مضاد عبر اعطاء اوامر باجراءات اقسى  نعتقد ان الجيش سيحل مكانه قبل ان تنجح اي محاولة  ذات زخم من المعارضين. ربما يشكلون ائتلافا يقوم بتهدئة الاضطرابات  عبر الجمع بين القوة العسكرية وتنازلات سياسية  لمجموعات وازنة ، ان ملامح استمرار حالة عدم الاستقرار تعتمد على التطبيق الفعال للبرنامج وعلى المستوى الذي وصلت اليه الحركة المعادية للنظام.

مؤشرات على تطور السيناريو

• ضغط سياسي على اسرائيل لاجل رد اقوى على التسلح السوري  واعادة نشر الصواريخ
• معاناة السوريين من نكسة على يد اسرائيل
• تراكم الاصابات السورية في لبنان
• نشاطات ضد النظام بما فيها مظاهرات واضرابات ورغم ذلك يستمر الاضطهاد
• تعهد الاسد بسحق المعارضين والقيام بمبادرة عسكرية جديدة ضد اسرائيل  او الفصائل المتحاربة في لبنان
•  طرد الاسد لعسكريين مهمين بسبب نقدهم لسياسته.

تصاعد العنف المجتمعي الى حرب اهلية

ببقائه هناك فان اجتمال وقوع احداث هامشية تتطور الى هبات رئيسية من العنف المجتمعي ، على سبيل المثال ارتفاع الاسعار صدمات بين مواطنين سنة وقوات الامن  الغضب من اعطاء الامتيازات للعلويين على حساب السنة  كل ذلك يمكن ان يولد احتجاجات صغيرة محدودة ويصبح تعزيز تواجد قوات الامن في معالجة هذه الاحداث في نظر السنة دليلا على معاداة الحكومة للسنة ويمكن ان تخلق احتجاجات اخرى من قبل مجموعات سنية

التجار والحرفيون السنة يمكن ان يقوموا باحتجاجات  مثل تلك التي حصلت فبل سنوات على سبيل المثال: بسبب اغلاق المحلات التجارية والحرفية في حماة او حلب واحتمالا دمشق ، سيتظاهر الطلاب السنة داخل الحرم الجامعي ، ويمكن للمهنيين ان يتوقفوا عن العمل  وباعتبار مثل هذه الاعمال من افعال الاخوان المسلمين  ستستخدم الحكومة القوة  وتهجم بقوة  بشكل واسع  ضد السنة  وقيادتهم  ربما يفشل قمع الحكومة للمحتجين اذا  تحول هذا القمع الى اداة لتحريض قطاعات مجتمعية جديدة  وخلق عنف مجتمعي بين السنة والعلويين.

ان حملة عامة من العنف العلوي ضد السنة يمكن ان تدفع السنة المعتدلين للانتماء للمعارضة ، وقيادات الاخوان التي عاد بعضها من العراق يمكن انتشكل نواة صلبة لقيادة الحركة. ورغم امتلاك النظام للموارد لسحق مثل هذه المغامرة  نعتقد ان الهجمات الشرسة على المدنيين السنة يمكن ان تدفع عددا كبيرا من الضباط السنة  لتأييد المعارضة  وربما يدعمهم العراق  بالسلاح الكافي  لبدء حرب اهلية.
 

مؤشرات على تطور السيناريو:

• اضرابات ومظاهرات تطالب  الحكومة بانهاء التمييز ضد السنة وتكرار هذه المظاهر
• قيام الامن باجبار التجار على فتح محالهم  ومصادرة بعضها
• ان تقوم الحكومة بتدر القادة السنة بشكل تعسفي
• اتهام القيادة السورية للعراق  والاخوان  باثارة الاضطرابات
• احداث عنيفة  بما فيها تفجيرات في تجمعات سنية  ورد مشابه من السنة على ذلك ضد العلويين
• هجمات حكومية على سنة مشبوهين  بمعارضة الحكم  وتزايد ذلك واحيانا تدمير احياء سنية كاملة
• الجنود السنة يرفضون اطلاق النار على المتظاهرين  تمرد وحدات عسكرية والانضمام للمعارضة .

الزاوية السوفياتية

رغم ان التحالف السوفياتي السوري لا زال ثابتا فان تغير القيادة ربما يؤدي الى اضعاف العلاقات، ان هزيمة مهينة لسوريا من قبل اسرائيل  يمكن ان التكون العامل الرئيس لتبني سياسة جديدة  لانها سوف تضع موضع السؤال قيمة تجهيزات السلاح السوفياتي  والتدريب  وهي اسس العلاقة السورية السوفياتية.
رغم ان سوريا ذهبت الى الاتحاد السوفياتي لتعويض خسائرها من السلاح  فان هزيمة اخرى على يد اسرائيل يمكن ان تقنع القيادة الجديدة  ان على سوريا ان تسعى لمصادر سلاح اخرى مثل فرنسا ، ان التحول الى مصدر غربي للسلاح  يمكن ان يشجع الاصلاحيين الاقتصاديين  مثل محمد العمادي للنظر الى الغرب لتقديم مساعدات مالية  لتطبيق خطته حول توسيع دور القطاع الخاص، يشجع العمادي الحكومات الغربية  والشركات للاستثمار في سوريا، وقام الاتحاد السوفياتي بالتذمر من هذه التطورات  ودعم معارضيها  واكثرهم من الضباط الموالين لموسكو  او بعثيين متطرفين .

جزء من تأثيرات الهزيمة من قبل اسرائيل  ستكون هناك رغبة سورية للابتعاد عن الاتحاد السوفياتي تقودها قيادة جديدة ، نعتقد ان مصلحة موسكو ستتعرض هنا للخطر اذا وصل السنة للحكم  من خلال حرب اهلية ، كثير من السنة يكرهون الاتحاد السوفياتي لانهم يدعمون الهيمنة العلوية  وسيكون السنة معادين للسوفييت اذا زودوا العلويين بالسلاح في حرب اهلية.  واكثر من ذلك فان الفوائد التي سيجنيها تجار السنة نتيجة الاصلاح الاقتصادي  ستجعلهم اكثر رغبة من العلويين  العسكريين لتأسيس علاقات مع الغرب.

ستكون مصالح موسكو محمية اكثر اذا قرر نظام علوي  الحفاظ على الوضع القائم  مثل هذه الحكومة ستكون موالية لموسكو  وكارهة لواشنطن ، في نفس الوقت سوف تتجنب اي تحركات عسكرية يمكن ان تصل الى مواجهة مع اسرائيل او واشنطن ، ان فائدة السوفيات للنظام العلوي ستضمحل  عبر الاحتراب الداخلي بين العلويين انفسهم  وستشيع الانقلابات كما في السابق  ان مواجهة السوفيات باحتمال خسارة ارض في سوريا   سيجعلهم فاشلين في دعم الفريق الفائز.
تبعات على الولايات المتحدة

بين السيناريوهات المتعددة للتغيير الدراماتيكي ، نعتقد ان النتائج السيئة بالنسبة للولايات المتحدة ستكون مزمنة ، عدم الاستقرار المترافق مع سلسلة الانقلابات  والتي تنكر التزام القيادة السورية  وتركها كقوة هامشية في المنطقة ، سوف تجد الولايات المتحدة واطراف العملية السياسية في الشرق الاوسط  دبلوماسية فعالة  مع صعوبة الاوضاع في سوريا وان حكومة مركزية ضعيفة في دمشق يمكن ان تضيف الى جاذبية سوريا  كحاضنة للارهاب
الاقل تهديدا لكنه خطر بالنسبة للولايات المتحدة هو صعود نظام علوي قوي  يقوده العسكر ، فالائتلاف العلوي سيستمر في مناورات الاسد القديمة في لبنان  والمواجهة مع اسرائيل  ودعمه للارهاب  وستستمر موسكو في سوريا  ولن تربح امريكا هناك الا بقيادة جديدةبافتقارها لمهارات الاسد في المناورة سيؤدي الى خسارة حرب مع اسرائيل التي ستعيد صياغة التحالفات  باتجاه الغرب

برأينا  ستكون مصالح الولايات المتحدة افضل في ظل نظام سني  يقوده معتدلون يستندون الى رجال الاعمال، سيرى رجال الاعمال المعتدلون حاجة قوية للمساعدة الغربية  والاستثمار لبناء قطاع سوريا الخاص، وهذا يفتح الطريق امام تقوية العلاقات مع الغرب

ورغم اننا نعتقد ان مثل هذه الحكومة ستعطي نوعا من الدعم  او تقدم ضريبة كلامية على الاقل للقضايا العربية  فان احتواء هذه المجموعة بالاقتصاد والتنمية  ورغبتها في انهاء حكم العسكر  سيعطي السنة الحوافز لتجنب حرب مع اسرائيل  وهنا تتحقق مصالح واشنطن.

اذا وصل الاصوليون  السنة الى السلطة برغم تقاليد سوريا العلمانية  التي تجعل من الصعب على المتدينيين المتطرفين  اقامة جمهورية اسلامية، فانهم اذا نجحوا سيعمقون الكراهية مع اسرائيل  وسيدعمون الارهاب.

ترجمة جبريل محمد

تصميم وتطوير